Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 55-55)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ } أي : لا حرج ولا إثم عليهن ، في أن لا يحتجبن من هؤلاء المسمَّيّن . قال الطبريّ : وعُني : ( إخوانهن وأبناء إخوانهن ) إخوتهن . وأبناء إخوتهن . وخرج معهم جمع ذلك ، مخرج جمع فتى إذا جمع ( فتيان ) فكذلك جمع أخ إذا جمع ( إخوان ) وأما إذا جمع إخوة فذلك نظير جمع فتى إذا جمع ( فتية ) . تنبيهات الأول : قيل : إنما لم يذكر العم والخال ، لأنهما بمنزلة الوالدين ، ولذلك سمي العم أبا في قوله تعالى : { وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } [ البقرة : 133 ] أو لأنه اكتفى عن ذكرهما بذكر أبناء الإخوة ، وأبناء الأخوات . فإن مناط عدم لزوم الاحتجاب بينهن وبين الفريقين ، عين ما بينهن وبين العم والخال من العمومة والخؤولة . لما أنهن عمات لأبناء الإخوة ، وخالات لأبناء الأخوات . وقيل : لأنه كره ترك الاحتجاب منهما ، مخافة أن يَصِفَاهُنَّ لأبنائهما . وهو رأي عكرمة والشعبيّ . كما أخرجه الطبريّ من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة والشعبيّ أنه قال لهما : ما شأن العم والخال لم يذكرا ؟ قالا : لأنهما ينعتانها لأبنائهما . وكرها أن تضع خمارها عند خالها وعمها . قال الشهاب : لكنه قيل عليه ، إن هذه العلة ، وهو احتمال أن يَصِفَا لأبنائهما وهما يجوز لهما التزوج بها ، جار في النساء كلهن ، ممن لم يكن أمهات محارم . فينبغي التعويل على الأول . انتهى . والتحقيق في رده ما رواه البخاري في التفسير من طريق عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : " استأذن عليّ أفلح أخو أبي القعَيْس ، بعد ما أنزل الحجاب ، فقلت : لا آذن له حتى أستأذن فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلم . فإن أخاه أبا القعيس ليس هو أرضعني ، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس . فدخل عليّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم ، فقلت له : يا رسول الله ! إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن . فأبيت أن آذن حتى أستأذنك ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم : " وما منعك أن تأذني ؟ عمك " . قلت : يا رسول الله ! إن الرجل ليس هو أرضعني ، لكن أضعتني امرأة أبي القعيس ، فقال : " ائذني له فإنه عمك ، تربت يمينك " . قال عروة : فلذلك كانت عائشة تقول : حرموا من الرضاعة ما تحرمون من النسب . انتهى . فبقوله صلّى الله عليه وسلم : " ائذني له فإنه عمك " مع قوله في الحديث الآخر : " العم صنو الأب " يرد على عكرمة والشعبيّ . الثاني : قيل : أريد بقوله تعالى : { وَلاَ نِسَآئِهِنَّ } المسلمات ، حتى لا يجوز للكتابيات الدخول على أزواج رسول الله صلّى الله عليه وسلم . وقيل هو عامّ في المسلمات والكتابيات . وإنما قال : { وَلاَ نِسَآئِهِنَّ } لأنهن من أجناسهن . الثالث : استدل بعموم قوله تعالى : { وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } من ذهب إلى أن عبد المرأة مَحْرم لها . وذهب قوم إلى أنه كالأجانب . والآية مخصوصة بالإماء دون العبيد ، وتقدم تفصيل ذلك في سورة النور . الرابع : قال السيوطيّ في ( الإكليل ) : استدل الحسن والحسين بعدم ذكر أبناء العمومة فيها ، على تحريم نظرهما إليهن ، فكانا لا يدخلان عليهن { وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ } أي : أن تتعدين ما حدّ لكنّ ، فتبدين من زينتكن ما ليس لكن ، أو تتركن الحجاب فيراكن أحد غير هؤلاء . وقال الرازي : أي : واتقينه عند المماليك . قال : ففيه دليل على أن التكشف لهم مشروط بشرط السلامة والعلم بعدم المحذور . وقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً } أي : فهو شاهد على ما تفعلنه من احتجابكن وترككن الحجاب لمن أبيح لكن تركه ، وغير ذلك من أموركن ، فاحذرن أن تلقينه . وهو شاهد عليكن بمعصيته ، وخلاف أمره ونهيه فتهلكن . قال الرازي : هذا التذليل في غاية الحسن في هذا الموضع ، لأن ما سبق إشارة إلى جواز الخلوة بهم والتكشف لهم ، فقال : إن الله شاهد عند اختلاء بعضكم ببعض . فخلوتكم مثل ملتكم بشهادة الله تعالى فاتقوا . انتهى .