Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 117-117)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ } أي : ما أمرتُهم إلا بما أمرتني به . وإنما قيل : { مَا قُلْتُ لَهُمْ } نزولاً على قضية حسن الأدب ، ومراعاة لما ورد في الاستفهام . وقوله تعالى : { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } تفسير للمأمور به { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ } أي : رقيباً أراعي أحوالهم وأحملهم على العمل بموجب أمرك ، ويتأتى لي نهيهم عما أشاهده فيهم مما لا ينبغي { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي } أي : بالرفع إلى السماء كما في قوله تعالى : { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } [ آل عمران : 55 ] والتوفي : أخذ الشيء وافياً . والموت نوع منه . قال تعالى : { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا } [ الزمر : 42 ] وسبق في قوله تعالى : { يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } في [ آل عمران : 55 ] زيادة إيضاح على ما هنا . فتذكر { كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } أي : الناظر لأعمالهم . فمنعتَ من أردت عصمته من التفوّه بذلك . وخذلت من خذلت من الضالين ، فقالوا ما قالوا : { وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } اعتراض تذييليّ مقرر لما قبله ، وفيه إيذان بأنه تعالى كان هو الشهيد على الكل ، حين كونِهِ عليه السلام فيما بينهم . تنبيه دلت الآية على أن الأنبياء ، بعد استيفاء أجلهم الدنيويْ ، ونقلهم إلى البرزخ لا يعلمون أعمال أمتهم . وقد روى البخاريّ هنا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " " يا أيها الناس ! إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا " . ثم قال : { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ … } [ الأنبياء : 104 ] إلى آخر الآية . ثم قال : " ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم . ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يا رب ، أصيحابي . فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول كما قال العبد الصالح : { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتَهم " " .