Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 29-29)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنِّيۤ أُرِيدُ } أي : باستسلامي لك وامتناعي عن التعرض لك { أَن تَبُوءَ } أي : ترجع إلى الله ملتبساً { بِإِثْمِي } أي : بإثم قتلي { وَإِثْمِكَ } أي : الذي كان منك قبل قتلي ، أو الذي من أجله لم يتقبل قربانك { فَتَكُونَ } أي : بالإثْمَيْنِ { مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } . قال الناصر في ( الانتصاف ) : فأما إرادته لإثم أخيه وعقوبته فمعناه : إني لا أريد أن أقتلك فأعاقب . ولمّا لم يكن بدٌّ من إرادة أحد الأمرين ؛ إمّا إثمه بتقدير أن يدفع عن نفسه فيقتل أخاه ، وإمّا إثم أخيه بتقدير أن يستسلم - وكان غيرَ مريدٍ للأول ، اضطر إلى الثاني . فلم يرد إذاً إثم أخيه لعينه ، وإنما أراد أنّ الإثم هو بالمدافعة المؤدية إلى القتل - ولم تكن حينئذٍ مشروعة - فلزم من ذلك إرادة إثم أخيه . وهذا ، كما يتمنّى الإنسان الشهادة ، ومعناها أن يبوء الكافر بقتله وبما عليه في ذلك من الإثم ؛ ولكن لم يقصد هو إثم الكافر لعينه ، وإنما أراد أن يبذل نفسه في سبيل الله رجاء إثم الكافر بقتله ضمناً وتبعاً . والذي يدل على ذلك ؛ أنّه لا فرق في حصول درجة الشهادة وفَضِيلَتِها بين أن يموت القاتل على الكفر وبين أن يختم له بالإيمان ، فيحبط عنه إثم القتل الذي به كان الشهيد شهيداً ، أعني : بقي الإثم على قاتله ، أو حبط عنه . إذ ذلك لا ينقص من فضيلة شهادته ولا يزيدها ، ولو كان إثم الكافر بالقتل مقصوداً لاختلف التمني باعتبار بقائه وإحباطه ، فدلّ على أنه أمر لازم تبع ، لا مقصود . والله أعلم .