Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 76-76)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } هذا دليل آخر على فساد قول النصارى ، والموصول كناية عن عيسى وأمه . أي : لا يستطيعان أن يضراكم بمثل ما يضركم به الله من البلايا والمصائب في الأنفس والأموال . ولا أن ينفعاكم بمثل ما ينفعكم به من صحة الأبدان والسعة والخصب . ولأن كل ما يستطيعه البشر من المضار والمنافع ، فبإقدار الله وتمكينه ، فكأنهما لا يملكان منه شيئاً . وإيثار ( ما ) على ( من ) لتحقيق ما هو المراد من كونهما بمعزل من الألوهية رأساً ، ببيان انتظامهما في سلك الأشياء التي لا قدرة لها على شيء أصلاً ؛ أي : وصفة الرب أن يكون قادراً على كل شيء لا يخرج مقدور عن قدرته . وإنما قدم ( الضر ) لأن التحرز عنه أهم من تحري النفع . { وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } بالأقوال والعقائد . فيجازي عليها إن خيراً فخير وإن شراً فشر ، فهو وعد ووعيد . تنبيهات : الأول : جعل ابن كثير الخطاب في قوله تعالى : { أَتَعْبُدُونَ } عامّاً للنصارى وغيرهم ، أي : قل لهؤلاء العابدين غيرَ الله من سائر فرق بني آدم . وفي ( تنوير المقباس ) أن ( ما ) عبارة عن الأصنام خاصة . وكلاهما مما يأباه السباق والسياق . الثاني : قال في ( فتح البيان ) : إذا كان هذا في حق عيسى النبيّ ، فما ظنك بوليّ من الأولياء ؟ فإنه أولى بذلك . الثالث : جعل أكثر المفسرين ( ما ) كناية عن عيسى عليه السلام فقط ، والمقام أنها كناية عنه وعن أمه عليهما السلام ، كما أوضحه المهايميّ واعتمدناه . الرابع : دلت الآية على جواز الحجاج في الدين ؛ فإن كان مع الكفار وأهل البدع ، فذلك ظاهر الجواز ؛ وإن كان مع المؤمن جاز بشرط أن يقصد إرشاده إلى الحق ، لا إن قصد العلوّ فمحظور . وحكى عن الشافعي أنه كان إذا جادل أحداً قال : اللهم ، ألق الحق على لسانه . أفاده بعض الزيدية . لما أقام تعالى الأدلة القاهرة على بطلان ما تقوله النصارى ، أرشدهم إلى اتباع الحق ومجانبة الغلوّ الباطل ، بقوله سبحانه : { قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ … } .