Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 144-144)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ } عطف على قوله تعالى : وَ { مِّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } [ الأنعام : 143 ] أي : وأنشأ من الإبل اثنين هما الجمل والناقة . { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ } ذكراً وأنثى . { قُلْ } أي : إفحاماً لهم أيضاً في هذين النوعين { ءَآلذَّكَرَيْنِ } منهما { حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ } أي من ذينك النوعين . والمعنى : إنكار أن الله سبحانه وتعالى حرم عليهم شيئاً من الأنواع الأربعة ، وإظهار كذبهم في ذلك . وتفصيل ما ذكر من الذكور والإناث وما في بطونها - للمبالغة في الرد عليهم بإيراد الإنكار على كل مادة من مواد افترائهم . فإنهم كانوا يحرمون ذكور الأنعام تارة وإناثها تارة وأولادها كيفما كانت تارة أخرى . مسندين ذلك كله إلى الله سبحانه . وإنما عقب تفصيل كل واحد من نوعي الصغار ونوعي الكبار بما ذكر من الأمر بالاستفهام والإنكار مع حصول التبكيت بإيراد الأمر عقيب تفصيل الأنواع الأربعة بأن يقال : قل آلذكور حرم أم الإناث أم ما اشتملت عليه أرحام الإناث - لما في التثنية والتكرير من المبالغة في التبكيت والإلزام . أفاده أبو السعود . ثم كرر الإفحام بقوله تعالى : { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ } حاضرين { إِذْ وَصَّٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا } أي حين وصاكم بتحريم بعضٍ وتحليله . وهذا من باب التهكم { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } أي : فنسب إليه تحريم ما لم يحرم { لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي دليل { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ } . وقال ابن كثير : أول من دخل في هذه الآية عمرو بن لحيّ بن قمعة . لأنه أول من غير دين الأنبياء وأول من سيّب السوائب ووصل والوصيلة وحمى الحامي . كما ثبت ذلك في الصحيح . وقال أبو السعود : المراد كبراؤهم المقرّون لذلك . أو عمرو بن لحيّ وهو المؤسس لهذا الشر . أو الكل لاشتراكهم في الافتراء عليه ، سبحانه وتعالى . لطيفة قال الزمخشريّ : فإن قلت : كيف فصل بين بعض المعدود وبعضه ولم يوال بينه ؟ قلت : قد وقع الفاصل بينهما اعتراضاً غير أجنبيّ من المعدود . وذلك أن الله عز وجل منَّ على عباده بإنشاء الأنعام لمنافعهم وبإباحتها لهم . فاعترض بالاحتجاج على من حرمها . والاحتجاج على من حرمها تأكيد وتسديد للتحليل . والاعتراضات في الكلام لا تساق إلا للتوكيد . انتهى . تنبيه دلت الآية على إباحة لحوم أكل الأنعام . وذلك معلوم من الدين ضرورة . وكذلك الانتفاع بالركوب فيما يركب , والافتراش للأصواف والأوبار والجلود . وعلى ردّ ما كانت الجاهلية تحرّمه بغير علم . قال المؤيد بالله : ويدخل الإنسيّ والوحشيّ في قوله : { مِّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ } [ الأنعام : 143 ] وردّ بأن قوله تعالى : { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ } [ الأنعام : 143 ] بيان للأنعام . والأنعام لا تطلق على الوحشيّ . أفاده بعض مفسري الزيدية . ثم أمر تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم - بعد إلزام المشركين وتبكيتهم وبيان أن ما يتقوّلونه في أمر التحريم افتراء بحتٌ - بأن يبيّن لهم ما حرمه عليهم , فقال سبحانه : { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ … } .