Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 4-7)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } أي : في شدة ، يكابد الأمور ويعالجها في أطواره كلها ، من حمله إلى أن يستقر به القرار . إما في الجنة وإما في النار . قال الزمخشري : ( الكبد ) أصله من قولك ( كبد الرجل كبدا ) فهو أكبد ، إذا وجعت كبده وانتفخت . فاتسع فيه حتى استعمل في كل تعب ومشقة ، ومنه اشتقت المكابدة . كما قيل : ( كبته ) بمعنى : أهلكه . وأصله كبده إذا أصاب كبده . قال لبيد : @ يَا عينُ هَلاَّ بَكَيْتِ أَرْبَدَ إِذْ قُمْنَا وَقَامَ الخُصومُ في كَبَدِ @@ أي : في شدة الأمر وصعوبة الخطب . انتهى . وفيه تسلية للنبيّ صلوات الله عليه ، مما يكابده من قريش ، من جهة أن الإنسان لم يخلق للراحة في الدنيا . وأن كل من كان أعظم فهو أشد نصباً . هذا خلاصة ما قالوه . وقال القاشاني : { فِي كَبَدٍ } أي : مكابدة ومشقة من نفسه وهواه . أو مرض باطن وفساد قلب وغلظ حجاب . إذ ( الكبد ) في اللغة غلظ الكبد الذي هو مبدأ القوة الطبيعية . وفساده وحجاب القلب وفساده من هذه القوة . فاستعير غلظ الكبد لغلظ حجاب القلب ومرض الجهل . { أَيَحْسَبُ } أي : لغلظ حجابه ومرض قلبه لاحتجابه بالطبيعة { أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } أي : أن لن تقوم قيامة ، ولن يقدر على مجازاته وقهره وغلبته . مع أن ما هو فيه من المكابدة يكفي لإيقاظه من غفلته واعترافه بعجزه . { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } أي : كثيراً . من : ( تلبد الشيء ) إذا اجتمع . والمراد : ما أنفقه للافتخار والمباهاة والرياء . كقولهم : ( خسرت عليه كذا وكذا ) إذا أنفق عليه . يتفضل على الناس بالتبذير والإسراف ، ويحسبه فضيلة لاحتجابه عن الفضيلة وجهله ؛ ولهذا قال : { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } أي : أيحسب أن لم يطلع الله تعالى على باطنه ونيته ، حين ينفق ماله في السمعة والرياء والمباهاة لا على ما ينبغي في مراضي الله ، وهي رذيلة على رذيلة ، فكيف تكون فضيلة ؟