Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 148-152)
Tafsir: Tafsīr al-Manār
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
احتجّ تعالى على أهل الكتاب بقوله : { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } [ البقرة : 144 ] وقوله : { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } [ البقرة : 146 ] أي وإذا كان الأمر كذلك ، فكلّ ما يأتي به عن الله فهو حقّ ، فما بالهم يشاغبون في مسألة القبلة من الأحكام الفرعية خاصّة ؟ فالكلام من قبيل إقامة الدليل بعد إيراد الدعوى ، وليس اعتراضيّاً كما توهمّ بعضهم ، ثم جاء بحجّة أخرى على أهل الكتاب وغيرهم ترغم أنوف المعارضين ، وختم بعدها الأمر بتولية الوجوه نحو المسجد الحرام وتأكيده فقال : { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا } . وقرأ ابن عامرٍ ( مولاها ) أي لكل أمّة من الأمم وجهة تولّيها في صلاتها ، فلم تكن جهة من الجهات قبلة في كلّ ملّة بحيث تعدّ ركناً ثابتاً في الدين المطلق كتوحيد الله تعالى والإيمان بالبعث والجزاء ، فإبراهيم وإسماعيل كانا يولّيان الكعبة ، وكان بنو إسرائيل يستقبلون صخرة بيت المقدس ، وترك النصارى ذلك إلى استقبال المشرق ، وكان الأنبياء المتقدّمون يستقبلون جهاتٍ أخرى ، فإذا كان الأمر كذلك ولم تكن جهة معيّنة ركناً ثابتاً في الأديان ، فأي شبهة من العقل أو من تقاليد الملل على فتنة المشاغبين في أمر القبلة ؟ وأي وجه لما أظهروه من الشبهة والحيرة ، وزجّوا أنفسهم فيه من الغمّة ، حتّى جعلوه مسوغاً للطعن في النبوّة والتشريع ؟ وسيأتي إيضاح لهذه الحجّة في تفسير قوله تعالى : { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ } [ البقرة : 177 ] إلخ . وإذا لم تكن مسألة القبلة المعيّنة من أصول الدين ولا من مخّه وجوهره الذي لا يتغيّر ، بل كانت ولا تزال من الفروع التي تختلف باختلاف حال الأمم ، فالواجب فيها الاتّباع المحض ، والتسليم لأمر الوحي ، وإن لم تظهر حكمة التخصيص للناس كما هو الشأن في أمثالها من الفروع المأخوذة بالتسليم ، كعدد الركعات وكون الركوع مرّة والسجود مرّتين في كلّ ركعة ، فكيف وقد ظهرت ؟ { فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ } أي ابتدروا كلّ نوعٍ من أنواع الخير بالعمل ، وليحرص كل منكم على سبق غيره إليه باتّباع الإمام المرشد لا باتّباع الهوى . وهذا الأمر عامّ موجّه إلى أمّة الدعوة لا خاصّ بالمؤمنين المستجيبين لله والرسول { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً } ذكر الجزاء يوم البعث بعد الأمر باستباق الخيرات ؛ ليفيد أنّ الجزاء إنّما يكون على فعل الخيرات أو تركها ، لا على الكون في بلد كذا أو جهة كذا ، أي ففي أية جهةٍ وأي مكان تقيمون فالله تعالى يأتي بكم ويجمعكم ليوم الحساب ، إذ البلاد والجهات لا شأن لها في أمر الدين لذاتها ، وإنّما الشأن لعمل البرّ واستباق الخيرات { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فلا يعجزه الإتيان بالناس مهما بعدت بينهم المسافات ، وتناءت بهم الديار والجهات ، فالتصريح بالقدرة تذكير بالدليل على الدعوى ، والأمر بالخيرات هنا بعد بيان اختلاف الملل في القبلة : إجمال يفصله ذكر أنواع البرّ في آية { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ } [ البقرة : 177 ] المشار إليها آنفاً وستأتي ، كأنّه يقول للفاتنين والمفتونين في مسألة القبلة : إنّ مخّ الدين وجوهره هو في المسارعة إلى الخيرات ، فهل رأيتم محمّداً وأتباعه قصّروا عن غيرهم في ذلك ، أم هم السابقون إلى كلّ مكرّمة ، والمسارعون إلى كلّ مبرّة المتّصفون بكل فضيلة ؟ ففي الكلام - مع بيان روح الدين ومقصده - تعريض بأهل الكتاب الذين تركوا فضائل الدين ، وقصّروا في عمل الخير والبرّ ، واكتفوا من علم الدين بالجدل والمراء ، واستنباط الشبه للطعن في العاملين إذ لم يكونوا من المجادلين المشاغبين ، ثمّ ترك المسلمون فضائل سلفهم ، واتّبعوا سننهم في بدعهم وجدلهم ، حتّى صاروا حجّة على دينهم . { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي ومن أي مكان خرجت ، وفي أي بقعة حللت ، فول وجهك في صلاتك شطر المسجد الحرام ، فهو حكم عام ، قال الأستاذ الإمام : أعاد الأمر في صورة أخرى ليبيّن أنّه شريعة عامّة في كلّ زمان ومكانٍ لا يختصّ ببلاد دون أخرى ولا بحضر دون سفرٍ . وقد كان الأمر بالتحويل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة ، فأعلمه بصيغة الأمر أنّه ليس خاصّاً بتلك الصلاة ولا بذلك المكان ، بل عليه أن يفعل ذلك من حيث خرج وأين توجّه ، ومن مزايا هذه القبلة أنّ أصحابها يصلّون إلى جميع الجهات بتولّيهم إيّاها من أقطار الأرض المختلفة ، وقد وثق الأمر وأكده بقوله : { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } أي وإنّ تولّيك إيّاه لهو الحقّ المحكم بوحي ربّك فلا ينسخ { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } أي إنّكم أيّها المخاطبون باتّباع النبي في كلّ ما يجيء به من أمر الدين ، تحت نظر الحق دائماً فهو لا يغفل عن أعمالكم { فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ النور : 63 ] وفي الكلام التفات عن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطاب جميع المكلّفين ، بما فيه من التعريض والتهديد للمنافقين . وقرأ أبو عمرٍو ( يعملون ) بالياء ، وهو يعود إلى أولئك المجادلين في القبلة . يقول لنبيّه : لا يحزنك أمرهم ، فإنّ الله تعالى هو الذي يتولّى جزاءهم ، وما هو بغافل عن فسادهم وفتنتهم . { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } ابتدأ هذه الآية بصيغة الأمر الواردة في الآية قبلها ، وقرن بها صيغة الأمر السابقة ، وجمع فيها بين خطاب النبي وخطاب الأمّة ليرتّب على ذلك التعليل وبيان الحكم له وهي ثلاث : الأولى : قوله : { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ } ليس هذا الجمع والإعادة لمجرّد التأكيد كما قال مفسّرنا ( الجلال ) وغيره ، وإنّما هو تمهيد للعلّة وتوطئة لبيان الحكم الموصولة به ، وهو أسلوب معهود عند البلغاء . والمتأخرون الذين لا يذوقون طعم الأساليب البليغة يكتفون في مثل هذا المقام بقولهم : كلّ ذلك لئلاّ يكون للناس عليكم حجّة ، وهو نظم غير معهود في الكلام البليغ ولا سيّما مقام الإطناب والتأكيد والاحتجاج وإزالة الشبه ، والمراد بالناس المحاجون في القبلة : المعروفون ، وهم أهل الكتاب والمشركون ، وتبعهما المنافقون . ووجه انتفاء حجتهم على الطعن في النبوّة بتحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة هو : أنّ أهل الكتاب كانوا يعرفون من كتبهم أنّ النبي الذي يبعث من ولد إسماعيل يكون على قبلته وهي الكعبة ، فجعل بيت المقدس قبلة دائمة له حجّة على أنّه ليس هو النبي المبشّر به ، فلمّا كان التحويل عرفوا أنّه الحقّ من ربّهم ، وأن المشركين كانوا يرون أنّ نبيّاً من ولد إبراهيم جاء لإحياء ملّته لا ينبغي له أن يستقبل غير بيت ربّه الذي بناه وكان يصلّي هو وإسماعيل إليه ، فدحضت حجّة الفريقين وكبت المنافقون من ورائهم . { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } أي لكن الذين ظلموا منهم ، يظلّون يلغطون بالاحتجاج جهلا أو عنادا للإضلال ، كقول اليهود : رجع إلى قبلة قومه لإرضائهم وسيرجع إلى دينهم . وقول المشركين : رجع إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا ، وقول المنافقين : إنّه مضطرب متردّد لا يثبت على قبلة . وأمثال هذه الآراء ، التي يزيّنها الهوى للأعداء ، فهم لا يهتدون بكتاب ولا يعتبرون ببرهان ، ولا ينظرون إلى حكم الأمور وأسرارها ، بل يجادلون في الله وشرعه بلا هدى ولا كتاب منير ، وهم الذين أثاروا الفتنة وحرّكوا رياح الشبه في مسألة القبلة . ولا قيمة لما يقول هؤلاء الظالمون فإنّهم هم السفهاء كما وصفوا في الآية الأولى { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ } إذ لا مرجع لكلامهم من الحقّ ، ولا تمكّن له في النفس ؛ لأنّه لا يستند إلى برهانٍ عقلي ولا إلى هدي سماوي { وَٱخْشَوْنِي } أنا فلا تعصوني بمخالفة ما جاءكم به رسولي عنّي ، فإنّني القدير على جزائكم بما وعدتكم وأوعدتكم ، وقد وعدت الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات بأن أُمكّن لهم دينهم الذي ارتضيت لهم ، وأبدلهم من بعد خوفهم أمناً ، وإنّني لا أخلف الميعاد . والآية ترشدنا إلى أنّ صاحب الحقّ هو الذي يُخشى جانبه ، وأنّ المبطل لا ينبغي أن يُخشى ، فإن الحق يعلو ولا يعلى ، وما آفة الحقّ إلاّ ترك أهله له ، وخوفهم من أهل الباطل فيه . وذكر الأستاذ الإمام هنا من له شبهة حقّ ، كصاحب النيّة السليمة يشتبه عليه الأمر فيترك الحقّ لأنّه عمي عليه ، ولو ظهر له لأخذ به ، وهو أيضاً لا يُخشى جانبه ، خلافاً لما فهم بعض الطلاّب من كلام الأستاذ ، وإنّما استثناه من مشاركة الظالمين في عدم المبالاة به ، فأولئك لا يُخشون ولا يبالى بهم ، وهذا لا يخشى على الحقّ ولكنّه يُبالى به ويُعتنى بأمره ، بتوضيح السبيل ، وتفصيل الدليل ، لما يرجى من قرب رجوعه إليه إذا عرفه . وقوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعمّ اليهود ومشركي العرب والمنافقين ، خلافاً لمن قالوا إنّهم المشركون خاصّة ، مع أنّهم فسّروا السفهاء بما يعمّ الفريقين أو الثلاثة ، وما هؤلاء الذين ظلموا إلا أولئك السفهاء الذين اعترضوا . ثمّ ذكر العلّة أو الحكمة الثانية فقال : { وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ } باستقلال قبلتكم في بيت ربّكم الذي بناه جدّكم ، وجعل الأُمم فيها تبعاً لكم . وبيانه : أنّ هذا النبي عربي من ولد إبراهيم ، وبلسان العرب نزل عليه الكتاب وهم قومه الذين بعث فيهم أولا ، وظهرت دعوته فيهم وامتدّت منهم وبهم إلى سائر الأمم ، وكانوا إذا آمنوا يحبّون أن تكون وجهتهم في عبادتهم بيتهم الحرام ، وأن يحيوا سنّة إبراهيم بتطهيره من عبادة الأصنام ؛ لأنّه معبدهم ، وأشرف أثر عندهم ، ينسب إلى أبيهم إبراهيم الذي بناه ورفع قواعده لعبادة الله تعالى ، وهو شرفهم ومجدهم ، وموطن عزّهم وفخرهم ، فأتمّ الله عليهم النعمة بإعطائهم ما يحبّون ، وتوجيه جميع شعوب الإسلام إلى بلادهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . وفي ذلك من الفوائد الماديّة والمعنوية ما لا يحصى من النعم . نعم ، إنّ كلّ أمرٍ من الله تعالى فامتثاله نعمة ، ولكنّه إذا كان فيه حكمة ظاهرة وشرف للأمّة يتعلق بتاريخها الماضي ، وبمجدها الآتي ، وكان أثره حميداً نافعاً فيها ، تكون النعمة به أتمّ والمنّة أكمل ، ولذلك عبّر بالإتمام . وذكر الأستاذ الإمام من الحكمة في جعل القبلة في أوّل الأمر بيت المقدس أنّ الكعبة كانت في أوّل الإسلام مشغولة بالأصنام والأوثان ، وكان سلطان أهل الشرك متمكّناً فيها ، والأمل في انكشافه عنها بعيداً ، فصرفه الله أولاً عن استقبال بيت مدنس بعبادة الشرك - وقد كان الله أمر إبراهيم بتطهيره للطائفين والعاكفين والركّع السجود - إلى بيت المقدس قبلة اليهود الذين هم أقرب من المشركين إلى ما جاء به من التوحيد والتنزيه ، ولمّا قَرُب زمن تطهير البيت الحرام من الأصنام والأوثان وعبادتها وإزالة سلطة الوثنيين عنه ، جعله الله تعالى قبلة للموحّدين ، ليوجّه النفوس إليه فيكون ذلك مقدّمة لتطهيره وإتمام النعمة بالاستيلاء عليه ، والسير فيه على ملّة إبراهيم من التوحيد والعبادة الصحيحة لله تعالى وحده . أقول : ويؤيّد ما قرّره الأستاذ الإمام في تفسير الإتمام وكون تحويل القبلة مقدّمة له ، قوله تعالى بعد ذكر فتح مكّة في قوله تعالى : { وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [ الفتح : 2 ] فكان في الآية بشارة بفتح مكّة ، ونصر الله التوحيد على الشرك وما يتلو ذلك من نشر الإسلام ، وانتشار نوره في الأنام ، ولذلك قال في سورة الفتح بعد ما ذكر : { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً } [ الفتح : 3 ] . ثمّ ذكر سبحانه وتعالى الحكمة الثالثة لتحويل القبلة فقال : { وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي وليعدّكم بذلك إلى الإهتداء بالثبات على الحقّ والرسوخ فيه ، فإنّ المعارضات والمحاجّات تظهر ضعف الباطل وزهوقه ، وتبّين قوّة الحقّ وثبوته ، فالحجّة تتبختر اتّضاحاً ، والشبهة تتضاءل افتضاحًا ، وقد خلت سنّة الكون بأنّ الفتن تنير الطريق لأهل الحقّ ، وترخي سدول ظلمته على أهل الباطل ، وتمحّص المؤمنين ، وتمحق الكافرين . كلّ إنسان يرى نفسه على الحقّ في الجملة ، ولكن التمكّن في المعرفة والثبات على الحقّ لا يعرف في الغالب ، إلاّ إذا وجد للمحقّ خصم ينازعه ويعارضه في الحقّ ، هنالك تتوجّه قواه إلى تأييد حقّه وتمكينه ، ويحسّ بحاجته إلى المناضلة دونه والثبات عليه ، وكثيراً ما يظهر الباطل الحقّ بعد خفائه ، فإنّ المعارضة في الحقّ تحمل صاحبه على تنقيحه وتحريره وتنقيته ممّا عساه يلتصق به أو يجاوره من غواشي الباطل ، وتجعل علمه به مفصّلاً بعد أن كان مجملا ، ومبرهناً عليه بعد أن كان مسلّماً ، فهي مدرجة الكمال لأهل اليقين ، ومزلّة الريب للمقلّدين . قال بعض الصوفية : جزى الله أعداءنا عنّا خيراً إذ لولاهم ما وصلنا إلى شيء من مقامات القرب . وقال الشاعر : @ عداتي لهم فضل عليّ ومنّة فلا أذهب الرحمن عنّي الأعاديا هم بحثوا عن زلّتي فاجتنبتها وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا @@ ذلك بأنّ العدو ينقّب عن الزلاّت ، ويبحث في الهفوات ، وطالب الحقّ يتوجّه دائماً إلى الإستفادة من كلّ شيء ، والنظر من كلّ أمر إلى موضع العبرة ، وطريق الحقيقة ، فإذا وجد في كلام العدّو مغمزاً صحيحاً توقّاه ، أو عثاراً في طريقه نحّاه ، وإن ظهر له أنّه باطل ثبت على حقّه ، وعرف منافذ الطعن فيه فسدّها ، فكان بذلك من الكملة الراسخين - لهذا كلّه كانت الفتنة التي أثارها السفهاء على المؤمنين في مسألة القبلة معدّة للاهتداء ، ووسيلة إلى الثبات على الحقّ بعد نزول هذه الآيات البينات والحجج الناهضات في بيانه وحكمة الله تعالى فيه . ثمّ قال تعالى : { كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ } أي يتمّ نعمته عليكم باستيلائكم على بيته الذي جعله قبلة لكم ، وتطهيركم إيّاه من عبادة الأصنام والأوثان ، وهو البيت الذي في قلب بلادكم ، وموضع شرفكم وفخركم ، كما أتمّها عليكم بإرساله رسولاً منكم ، فالقبلة في بلادكم ، والرسول من أمّتكم . والخطاب للعرب كما هو ظاهر . ثمّ وصف هذا الرسول بالأوصاف التي كان بها نعمة تامّة ، ورحمة شاملة ، فقال : { يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا } الدالّة على أنّ ما جاء به من التوحيد والهداية هو الحقّ من عند الله ، وهذه الآيات أعمّ من أن تكون آيات القرآن أو غيرها من الدلائل والبراهين على أصول الدين ، وقد تقدّم في تفسير الآيات في دعوة إبراهيم ، بأنّ الآيات يصحّ أن يراد بها الآيات الكونية والعقلية ، وأن يراد بها آيات الوحي ، والتعميم أولى ، وإنّما خصّها بعض المفسّرين بآيات القرآن بقرينة ( يتلو ) على أنّ التلاوة أعمّ ، فكلّ برهان يقيمه فقد تلا عليهم عبارته ، وذكر لهم فيه آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم . ووجه المنّة أنّه يقودهم إلى الحقّ بالدليل والبرهان ، دون التقليد والتسليم بغير فهم ولا إذعان ، والطريقة الأولى ، يكون بها العقل مستقلا ، والدين مؤيّداً له وهادياً ، لا مرغماً ولا معطّلاً ، هذا ملخّص ما قرّره شيخنا . والمختار عندنا : أنّ المراد بالآيات ، آيات القرآن ، باعتبار ما اشتملت عليه من الآيات العقلية والعلمية على أصول العقائد والقواعد ، فهي في نفسها آية على النبوّة والرسالة بأنواع إعجازها التي تقدّم بيانها ( ج1 ) وتشتمل على آيات كثيرة على التوحيد والبعث وأصول الإسلام كلها . الآيات تتعلّق بإثبات العقائد وأصول الدين وهي المقصد الأول ، ويليها تهذيب الأخلاق ؛ ولذلك قال : { وَيُزَكِّيكُمْ } أي : يطهّر نفوسكم من الأخلاق السافلة ، والرذائل الممقوتة ، ويخلّقها بالأخلاق الحميدة بما لكم فيه من حسن الأسوة ، لا بالقهر والسطوة ، وخص المفسّر ( الجلال ) التزكية بالتطهير من الشرك . قال الأستاذ الإمام : وهذا لا يصحّ ، فإنّ الإسلام كما جاء بالتوحيد الماحي للشرك ، جاء بالتهذيب المطهّر من سفساف الأخلاق وقبائح العادات والمعاصي التي كانت فاشية في العرب ، فقد كانوا يئدون بناتهم - يدفنونهنّ حيّات - ويقتلون أولادهم للتخلّص من النفقة عليهم وذلك نهاية القسوة والشحّ ، وكانوا يسفكون الدماء فيما بينهم لأهون سبب يثير حميّتهم الجاهلية ، لما اعتادوه من البغي في الثارات ومن شنّ الغارات ونهب بعضهم بعضاً ، وكان عندهم من التسفّل أنّ أحدهم يتزوّج زوج أبيه أو يعضلها ، حتى تفتدي منه إلى غير ذلك . وقد زكّاهم النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك كلّه باقتدائهم بأخلاقه العظيمة في عباداته الكاملة وآدابه العالية ، وجمعهم بعد تلك الفرقة ، وألّف الله بينهم على يديه حتّى صاروا كرجل واحد ، وجعلت شريعته ذمّتهم واحدة يسعى بها أدناهم ، فإذا أعطى مولى أو رقيق لهم أماناً لأي إنسانٍ محارب ، كان ذلك كتأمين أمير المؤمنين له ، فأي تزكية أعلى من هذه التزكية ؟ وأقول : إنّهم بزكاة أنفسهم هذه فتحوا العالم وكانوا أئمّة أُمم المدنية التي كانت تحتقر جنسهم كلّه ، فإنّ الأعاجم إنّما عرفوا فضل الإسلام بعدلهم وفضلهم في فتوحهم ، وما فهموا القرآن إلاّ بعد إسلامهم وتعلّمهم العربية . والرسول الذي زكّى هذه الأمّة التي زكّت أمماً كثيرة ، حقيق بأن تكون نفسه أزكى الأنفس وأكملها ، ولكنّنا علمنا أنّ بعض دعاة النصرانية يستدلّ بآية { لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً } [ مريم : 19 ] على تفضيل عيسى على محمّد ( عليهما السلام ) . ووصف الغلام بالزكي ، لا يدلّ على أنّه أفضل من سائر الغلمان ، فضلا عمّن زكّى الأنام . وقد قال تعالى في قصة موسى ( ع م ) مع العبد الذي علّمه من لدنه علماً { أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ } [ الكهف : 74 ] الآية فهل يزعمون أنّ هذا الغلام أفضل من موسى وإبراهيم ( عليهما السلام ) لأنهما لم يوصفا بوصفه ؟ وبعد ذكر التربية العملية بالأسوة الحسنة ، ذكر أمر التعليم فقال : { وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } أي الكتاب الإلهي ، أو الكتابة التي تخرجون بها من ظلمة الأميّة والجهل إلى نور العلم والحضارة . ويجوز الجمع بين المعنيين على القول الصحيح باستعمال المشترك في معنييه ، أو فيما يقتضيه المقام من معانيه ، وأمّا الحكمة : فهي العلم المقترن بأسرار الأحكام ومنافعها الباعث على العمل . وفسّرها بعضهم بالسنّة . أقول : وهو غلط ، فإنها أطلقت على بعض نصوص الكتاب كالعقائد والفضائل ، والأحكام الإيجابية والسلبية ، بدليل قوله تعالى بعد الوصايا المقرونة بعلل الأمر والنهي : { ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ } [ الإسراء : 39 ] وفي سورة لقمان أنّ الله آتاه الحكمة وذكر منها وصاياه لإبنه المعلّلة بأسباب النهي راجع ( لقمان : 12 - 19 ) فحكمة القرآن أعلى الحكم ، وتليها حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم : " لا حسد إلاّ في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلّطه على هلكته في الحقّ ، ورجل آتاه الحكمة فهو يقضي بها ويعلّمها " رواه الشيخان من حديث ابن مسعود ، وفي بعض رواياته " فهو يعمل بها ويعلّمها الناس " وفي لفظ من حديث ابن عمر " القرآن " بدل الحكمة . وقد تقدّم ما قاله الأستاذ الإمام في هذه الكلمات في دعاء إبراهيم عليه السلام وجاء هنا بتفصيل في معنى الحكمة لم يذكر هناك ، فقال ما مثاله : دعا القرآن إلى التوحيد وأمّهات الفضائل ، وبين أصول الأحكام ، ولكنّه لم يفصّل سيرة الملوك والرؤساء مع السوقة والمرؤسين ، ولم يفصّل سيرة الرجل مع أهل بيته في الجزئيات وهو ما يسمّونه نظام البيوت - العائلات - ولم يفصل طرق الأحكام القضائية والمدنية والحربية ، وذلك إنّ هذه الأمور ينبغي أن تؤخذ بالأسوة والعمل ، بعد معرفة القواعد العامّة التي جاءت في الكتاب ، ولذلك كانت السنّة هي المبيّنة لذلك بالتفصيل بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيوته ، ومع أصحابه ، في السلم والحرب والسفر والإقامة ، وفي حال الضعف والقوّة والقلّة والكثرة . فالسنّة العملية المتواترة هي المبيّنة للقرآن بتفصيل مجمله وبيان مبهمه ، وإظهار ما في أحكامه من الأسرار والمنافع ، ولهذا أُطلق عليها لفظ الحكمة ، فإنّها كانت كالحكمة ( بالتحريك ) لتأديب الفرس ، ولولا هذه التربية بالعمل لما كان الإرشاد القولي كافياً في انتقال الأمّة العربية من طور الشتات والفُرقة والعداء والجهل والأميّة ، إلى الائتلاف والإتّحاد والتآخي والعلم وسياسة الأمم ، فالسنّة هي التي علّمتهم كيف يهتدون بالقرآن ، ومرّنتهم على العدل والاعتدال في جميع الأحوال . كلّنا يعرف الحلال والحرام والفضيلة والرذيلة ، وقلّما ترى أحداً عاملاً بعلمه ، وإنّما السبب في ذلك أنّ الأكثرين يعرفون الحكم دون حكمته ، ودون الأسوة الحسنة في العمل به ، فهم لا يفقهون لِمَ كان هذا حراماً ، ولا تنفذ أفهامهم في أعماق الحِكم فتصل إلى فقهه وسرّه ، فتعلم علماً تفصيلياً ما وراء المحرّم من الضرر لمرتكبه وللناس ، وما وراء الواجبات والمندوبات من المنافع العامّة والخاصّة . ولو علِموا ذلك وفقهوه بالتربية عليه وملاحظة آثاره والاقتداء بالمعلّمين والمربين في العمل به - كما أخذ الصحابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لخرجوا من ظلمة الإجمال والإبهام في المعرفة ، إلى نور التجلّي والتفصيل ، حتّى تكون الجزئيات مشرقة واضحة ، ولكان هذا العلم معيناً لهم على إحلال الحلال بالعمل ، وتحريم الحرام بالترك ، فقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه " رض " على فقه الدين ونفذ بهم إلى سرّه ، فكانوا حكماء علماء ، عدولا نجباء ، حتّى إن كان أحدهم ليحكم المملكة العظيمة فيقيم فيها العدل ويحسن السياسة وهو لم يحفظ من القرآن إلاّ بعضه ، ولكنّه فقهه حقّ فقهه . وهذا المعنى - فقه الدين ومعرفة أسرار الأحكام - غير التزكية ، بيد أنّه يتّصل بها ويعين عليها ، حتّى يطابق العلم العمل ، فهذه الآية نبأ عن استجابة دعوة إبراهيم عليه السلام { رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ } [ البقرة : 129 ] الآية . وقد تقدّم هناك ذكر تعليم الكتاب والحكمة على التزكية ، وقدّم هنا ذكر التزكية على تعليم الكتاب والحكمة . والنكتة في ذلك : أنّ إبراهيم عليه السلام لاحظ في دعوته الطريق الطبيعي وهي أنّ التعليم يكون أولا ، ثمّ تكون التزكية ثمرة له ونتيجة ، وهاهنا ذكر الترتيب بحسب الوجود والوقوع ، وذلك أنّ أوّل شيء فعله النبي صلى الله عليه وسلم هو أن دعا الناس إلى الإيمان بما تلا عليهم من آيات الله تعالى ودلائل توحيده ، وإلى الاعتقاد بإعادة الناس ليوم لا ريب فيه ، يحاسب الله فيه كلّ نفس ويجزيها بعملها وصفاتها . فأجاب الناس دعوته بالتدريج ، وكلّ من آمن له كان يقتدي به في أخلاقه وأعماله ، ولم تكن هنالك أحكام ولا شرائع ، ثمّ شرّعت الأحكام بالتدريج ، فالتزكية بالتأسّي به عليه الصلاة والسلام كانت متأخّرة عن إقامة الآيات والدلائل على أصول الإيمان ، ومقدّمة على تلقّي الشرائع والتفقّه في الأحكام . ثمّ قال تعالى : { وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } أي ويعلّمكم مع الكتاب والحكمة ما لم يسبق لكم به علم من شئون العالم ، ونظام البيوت والمعاشرة الزوجية ، وسياسة الحروب والأمم . وقال البيضاوي وغيره : ما لم تكونوا تعلمونه بالنظر والفكر ، إذ لا سبيل لمعرفته سوى الوحي ، وكرّر الفعل ليدلّ على أنّه جنس آخر اهـ . يعني : كأخبار عالم الغيب وسيرة الأنبياء ، وأحوال الأمم التي كانت مجهولة عندكم ، وكثير منها كان مجهولاً عند أهل الكتاب أيضاً . فإنّه صلى الله عليه وسلم صحّح أغلاطهم ، وبيّن سقاطهم ، وخصّ هذا بالذكر - وإن كان ممّا اشتمل عليه الكتاب - اهتماماً به ، وتنويهاً بشأنه ، ولكن تكرار الفعل وعطفه يقتضي أن يكون هذا غير ما قبله . قال الأستاذ الإمام : ويصحّ أن يراد ما لم تكونوا تعلمون من شئون أنفسكم ، والسنن الإلهية الحاكمة فيكم ، وقد بلغوا بتعليمه وإرشاده صلى الله عليه وسلم مبلغاً فاقوا فيه سائر الأمم ، أي فالتعليم ليس محصوراً في الكتاب ، بل هناك زيادة أعدّ الله تعالى نبيّه لتبيينها والمقابلة بين هذا التعليم وتعليم الكتاب مبنية على أنّ المراد بالكتاب القرآن وبالآيات الدلائل . وقد تقدّم فيه وجه آخر وهو أنّه مصدر كتب ، أي ويعلّمكم الكتابة بعد أن كنتم أميّين . { فَٱذْكُرُونِيۤ } في قلوبكم بما شرّعت من أمر القبلة للفوائد الثلاث التي تقدّم شرحها ، وبما أتممت عليكم من النعمة بإرسال رسول منكم يعلّمكم ويزكّيكم ، وبكلّ ما أنعمت عليكم من ثمرات ذلك ، ولا تنسوا أنّني أنا المتفضّل بإفاضة هذه النعم عليكم : { أَذْكُرْكُمْ } بإدامتها وتمكينها والزيادة عليها من النصر والسلطان وغير ذلك من أسباب السعادة . واذكروني بألسنتكم بأسمائي الحسنى ، والتحدّث بنعمي التي لا تحصى ، والثناء عليّ بها سرّاً وجهراً ، أذكركم في الملأ الأعلى برضائي عنكم وقربي منكم . ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله عزّ وجلّ : أنا عند ظنّ عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه وإن تقرّب إليّ شبراً تقرّبت إليه ذراعاً " إلى آخر الحديث . وقال الأستاذ الإمام : هذه الكلمة من الله تعالى كبيرة جدّاً ، كأنّه يقول : إنّني أعاملكم بما تعاملونني به ، وهو الربّ ونحن العبيد ، وهو الغني عنّا ونحن الفقراء إليه . أي وهذه أفضل تربيةٍ من الله تعالى لعباده : إذا ذكروه ذكرهم بإدامة النعمة والفضل ، وإذا نسوه نسيهم وعاقبهم بمقتضى العدل . ثمّ بعد أن علّمهم ما يحفظ النعم ، أرشدهم إلى ما يوجب المزيد بمقتضى الجود والكرم ، فقال : { وَٱشْكُرُواْ لِي } هذه النعم بالعمل بها وتوجيهها إلى ما وجدت لأجله { وَلاَ تَكْفُرُونِ } أي لا تكفروا نعمي بإهمالها ، أو صرفها إلى غير ما وجدت لأجله بحسب الشرع والسنن الإلهية . وهذا تحذير لهذه الأمّة ممّا وقعت فيه الأمم السالفة إذ كفرت بنعم الله تعالى ، فحولت الدين عن قطبه الذي يدور عليه ، وهو الإخلاص وإسلام الوجه لله وحده ، والعمل الصالح المصلح للأفراد والاجتماع ، وعطّلت ما أعطاها الله من مواهب المشاعر والعقل والملك ، فلم تستعملها فيما خلقت له ، وهكذا انحرفوا بكلّ شيء عن أصله ، فسلبهم الله ما كان وهبهم تأديباً لهم ولغيرهم ، ثمّ رحمهم بأن أرسل إليهم خاتم النبيين بهداية عامّة تعرّفهم وجه تلك العقوبات الإلهية ، وتحذّرهم العود إلى أسبابها ، وقد امتثل المسلمون هذه الأوامر زمناً قصيراً فسعدوا ، ثمّ تركوها بالتدريج فحلّ بهم ما نرى كما قال : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم : 7 ] فإذا عادوا عاد الله عليهم بما كان أعطى سلفهم وإلاّ كانوا من الهالكين .