Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 208-210)

Tafsir: Tafsīr al-Manār

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بعد ما بيّن عزّ وجلّ اختلاف الناس في الصلاح والفساد والإصلاح والإفساد أراد أن يهدينا إلى ما يجمع البشر كافّة على الصلاح والسلام والوفاق ، الذي قرّره الإسلام ، وهو ما يقتضيه الإيمان بالله واليوم الآخر ، وجعل هذه الهداية بصيغة الأمر وشرف أهل الإيمان به فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً } إلخ . السلم : المسالمة والإنقياد والتسليم ، فيطلق على الصلح والسلام ، وعلى دين الإسلام . قرأ ابن كثير ونافع والكسائي السلم بفتح السين ، والباقون بكسرها ، وهما لغتان . وقد فسّره بعض المفسّرين بالصلح ، وبعضهم بالإسلام وعليه الجلال ، وقال في تفسير " كافّة " حال من السلم ، أي في جميع شرائعه . وأقول إنّ أساسها الإستسلام لأمر الله والإخلاص له ، ومن أصولها الوفاق والمسالمة بين الناس وترك الحروب والقتال بين المهتدين به . واللفظ يشمل جميع معانيه التي يقتضيها المقام ، والأمر بالدخول فيه ، يشعر بأنّه حصن منيع للداخلين في كنفه ، وهو للكاملين منهم أمر بالثبات والدوام ، كقوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } [ الأحزاب : 1 ] ولمن دونهم أمر بالتمكّن منه ، وتحرّي الكمال فيه ، وعلى القول بأنّ الخطاب فيه لأهل الكتاب ، أو كلّ من يؤمن بالله فالدخول على حقيقته . يقول لهم : إذا لم تدخلوا في دين الإسلام - الذي أكمله لخلقه كافّة ببعثة خاتم النبيين - فلا ينفعكم إيمانكم به ، مع بقائكم على تعاديكم وتفرّقكم ، ودين الله جامع لا تفرّق فيه . وهاك ما كتبته بعد حضور درس تفسير شيخنا للآية . هذه كلمة عظيمة ، وقاعدة لو بنى جميع علماء الدين مذاهبهم عليها ، لما تفاقم أمر الخلاف في الأمّة ، ذلك أنّها تفيد وجوب أخذ الإسلام بجملته ، بأن ننظر في جميع ما جاء به الشارع في كلّ مسألة من نصّ قولي وسنّة متّبعة ، ونفهم المراد من ذلك كلّه ونعمل به ، لا أن يأخذ كلّ واحد بكلمة أو سنّة ويجعلها حجّة على الآخر ، وإن أدّت إلى ترك ما يخالفها من النصوص والسنن ، وحملها على النسخ أو المسخ بالتأويل ، أو تحكيم الاحتمال بلا حجّة ولا دليل ، ولو أنّك دعوت العلماء إلى العمل بالآية على هذا الوجه - الذي عرفوه ولم ينكره على قائليه أحد منهم ، وإن رجّح بعضهم في التفسير غيره عليه - لولّوا منك فراراً ، وأعرضوا عنك إستكباراً ، وقالوا مكر مكراً كبّاراً ، إذ دعا إلى ترك المذاهب ، وحاول إقامة المسلمين على منهج واحد . ومن آيات العبرة في هذا المقام ، أنّنا نجد في كلام كثير من علمائنا هدى ونوراً لو اتّبعته الأمّة في أزمنتهم لاستقامت على الطريقة ، ووصلت إلى الحقيقة ، بعد الخروج من مضيق الخلاف والشقاق ، إلى بحبوحة الوحدة والإتّفاق ، والسبب في بقاء الغلب لسلطان الخلاف والنزاع ، فشو الجهل وتعصّب أهل الجاه من العلماء لمذاهبهم التي إليها ينتسبون ، وبجاهها يعيشون ويكرمون ، وتأييد الأمراء والسلاطين لهم إستعانة بهم على إخضاع العامّة ، وقطع طريق الاستقلال العقلي والنفسي على الأمّة ؛ لأنّ هذا أعون لهم على الإستبداد ، وأشدّ تمكيناً لهم ممّا يهوون من الفساد والإفساد ؛ إذ اتّفاق كلمة علماء الأمّة وإجتماعها على أنّ الحقّ كذا بدليل كذا ، ملزم للحاكم بإتّباعهم فيه ؛ لأنّ الخواص إذا اتّحدوا تبعهم العوام ، وهذه هي الوسيلة الفردة لإبطال إستبداد الحكّام ، وهذا التفسير مؤيّد بالنعي على الذين جعلوا القرآن عضين ، والإنكار على الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ، أي يعملون ببعضه على إنّه دين ، ويتركون بعضاً بتأويل أو غير تأويل ، كشأن من لم يصدّق بأنّه من الله . فوجوب أخذ القرآن والدين بجملته ، وفهم هدايته من مجموع ما ثبت عمّن جاء به ، أمر مقرّر في ذاته سواء فسّرت به الآية أم لا ؛ لأنّ الآيتين اللتين أشرنا إليهما آنفاً في جعل القرآن عضين ، وفي الإيمان ببعضه والكفر ببعض وما في معناهما من النصوص تثبته . وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ { كَآفَّةً } ترجع إلى الذين آمنوا ، أي ادخلوا في الإسلام جميعاً لا يتخلّف منكم أحد ، وصاحب هذا القول يصرف نداء ( الذين آمنوا ) إلى أهل الكتاب ، أي آمنوا بالأنبياء السابقين والوحي ، حتّى لا يرد عليه أنّ الإيمان يستلزم الدخول في الإسلام ، فيكون أمر المؤمن بالإسلام من تحصيل الحاصل . ووجه اللزوم : إنّ الإيمان هو التصديق الجازم مع إذعان النفس ، فمن صدّق بالشيء وأذعن له ، فقد دخل في أعماله وإنقاد لأحكامه لا محالة . وأمّا قول الجماهير : إنّ العلم لا يوجب العمل . فهو على إطلاقه خطأ ، فالعلم التصديقي الإذعاني المتعلّق بالمنافع والمضارّ ، يوجب العمل به ما لم يعارضه في موضوعه علم أقوى منه ، وأمّا العلم التصوّري والعلم النظري المعارض بعلم ضروري أو نظري أقوى منه ، فلا يوجبان العمل . وقد صرّح حجّة الإسلام الغزالي وشيخ الإسلام ابن تيمية والعلاّمة الشاطبي - صاحب الموافقات - بأنّ العلم الصحيح يستلزم العمل . والحقّ ، التفصيل الذي أشرنا إليه آنفاً ، وآيات الكتاب العزيز دالّة عليه ومعزّزة له ، ويدلّ لمن قال إنّ الآية نزلت في أهل الكتاب ما رواه ابن جرير عن عكرمة قال : قال عبد الله بن سلام وثعلبة وابن يامين وأسد وأسيد إبنا كعب وسعيد بن عمر وقيس بن زيد كلّهم من يهود : يا رسول الله يوم السبت نعظّمه فدعنا فلنسبت فيه ، وإنّ التوراة كتاب الله فدعنا فلنقم بها بالليل ، فنزلت . فالخطاب على هذا لليهود خاصّة ، لا لأهل الكتاب عامّة ، ولكن الرواية غير صحيحة وهي تنمّ على نفسها ، فهي موضوعة للآية ، وهناك رواية أخرى بمعناها . والوجه الثاني في تفسير السلم - وهو المسالمة والوفاق - يتوقّف على الوجه الأول - أخذ الدين بجملته - لأنّه أمر برفع الشقاق والتنازع وبالإعتصام بحبل الوحدة ، وشدّ أواخي الإخاء ، ولا يرتفع الشيء إلاّ برفع أسبابه ، ولا يستقرّ إلا بتحقّق وسائله ، وهو بمعنى قوله عزّ وجلّ : { وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } [ آل عمران : 103 ] الآية . وقوله تعالى : { وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ } [ الأنفال : 46 ] وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم أعناق بعض " رواه الجماعة كلّهم . وقد خالفنا كلّ هذه النصوص فتفرّقنا وتنازعنا وشاقّ بعضنا بعضاً بشبهة الدين ، إذ اتّخذنا مذاهب متفرّقة ، كلّ فريق يتعصّب لمذهب ويعادي سائر إخوانه المسلمين لأجله ، زاعماً إنّه ينصر الدين ، وهو يخذله بتفريق كلمة المسلمين ، هذا سنّي يقاتل شيعيّاً ، وهذا شيعي ينازل إباضياً ، وهذا شافعي يغري التتار بالحنفية ، وهذا حنفي يقيس الشافعية على الذمّية ، وهؤلاء مقلدة الخلف ، يحادون من اتّبع طريقة السلف { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ ٱلْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ ٱلأَوَّلِينَ } [ المؤمنون : 68 ] أم أمروا بهذا من الله ورسوله ومن الأئمّة المجتهدين ؟ كلاّ ، بل كان التعادي والتنازع إنحرافاً عن الصراط المستقيم ، واتّباعاً لخطوات الشيطان الرجيم ، فكما خالف المفرّقون المتنازعون ربّهم في ذلك الأمر ، خالفوا ما اتّبعه به من هذا النهي ، إذ قال : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } الخطوات جمع خطوة بالضم وبالفتح ، وهما ما بين قدمي من يخطو بنقلهما في المشي ، أي لا تسيروا سيره وتتّبعوا سبله في التفرّق في الدين ، أو الخلاف والتنازع مطلقاً . وسبل الشيطان وخطواته هي كلّ أمر يخالف سبيل الحقّ والخير والمصلحة ، وهي ما عبّر عنه بالسبل في قوله تعالى : { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } [ الأنعام : 153 ] فذكر تعالى أنّ له سبيلا واحدة سمّاها صراطاً مستقيماً ؛ لأنّها أقرب طريق إلى الحقّ والخير والسلام ، وأنّ هناك سبلا متعدّدة يتفرّق متبعوها عن ذلك الصراط ، وهي طرق الشيطان ، وقد علم - من جعل التفرّق تابعاً لاتّباع سبل هي غير صراط الله - إنّ الذين يتّبعون سبيل الله لا يتفرّقون { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } [ الأنعام : 159 ] نعم قد يطرأ عليهم سبب الخلاف والتنازع ، ولكنّهم متى شعروا بأنّ التنازع قد دبّ إليهم في أمر فزعوا إلى تحكيم الله ورسوله فيه بردّه إلى حكمهما ، كما أمرهم بقوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [ النساء : 59 ] أي مآلا وعاقبة . فالآيات يفسّر بعضها بعضاً إذا نحن أخذنا القرآن بجملته كما أمرنا . وقال الأستاذ الإمام : هذه الآيات حجّة لعلماء الأصول القائلين بأنّ الحقّ واحد لا يتعدّد ، ويا ليت أصحاب هذا الأصل فرّضوا على أنفسهم الإجتماع لكلّ خلاف يعرض لهم ، والبحث عن وجه الحقّ فيه بلا تعصّب ولا مراء ، حتّى إذا ما ظهر أجمعوا عليه ، وإذا هو لم يظهر لبعضهم ، ثابر من لم يظهر له على تطلابه بإخلاص لا يعادي فيه أحداً ، ولا يجعله ذريعة لتفريق الكلمة . طريق الحقّ هو الوحدة والإسلام ، وطرق الشيطان هي مثارات التفرّق والخصام ، وهي معروفة في كلّ الأمم ، ولكن الشيطان يزيّن طرقه ويسوّل للناس المنافع والمصالح في التفرّق والخلاف ، فقد كانت يهود أمّة واحدة ، مجتمعة على كتاب واحد هو صراط الله ، فسوّل لهم الشيطان فتفرّقوا وجعلوا لهم مذاهب وطرقاً ، وأضافوا إلى الكتاب ما أضافوا ، وحرّفوا من كلمه ما حرّفوا ، واتّبعوا السبل فتفرّقت بهم عن سبيل الله ، حتّى حلّ بهم الهلاك والدمار ، ومزّقوا كلّ ممزّق وكذلك فعل غيرهم ، كأنّهم رأوا دينهم ناقصاً فكمّلوه ، وقليلا فكثّروه ، وواحداً فعدّدوه ، وسهلا فصعّبوه ، فثقل عليهم بذلك فوضعوه ، فذهب الله بوحدتهم حتى لم تغن عنهم كثرتهم ، وسلّط عليهم الأعداء ، وأنزل بهم البلاء ، { سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } [ غافر : 85 ] . هذا هو المتبادر من خطوات الشيطان في هذا المقام . ومن خطواته طرق الفواحش والمنكرات كلّها ، ولذلك قال تعالى : { وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } [ النور : 21 ] وأمّا كون الشيطان عدوّاً مبيناً فذاك إنّ جميع ما يدعوا إليه ظاهر البطلان ، بيّن الضرر لمن تأمّل وعقل ، فمن لم يدرك ذلك في مبدأ الخطوات ، أدركه في غايتها ، عندما يذوق مرارة مغبّتها ، لا سيّما بعد تذكير الله تعالى وهدايته عباده إلى ذلك ، فلا عذر لمن بلغته هذه الهداية إذا بقي على ضلالته ، واستحبّ العمى على الهدى ، ولذلك قال عزّ شأنه : { فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي فإن زللتم وحدتم عن صراط الله - وهو السلم - إلى خطوات الشيطان - وهي طرق الخلاف والإفتراق والباطل والشرّ - من بعد أن بيّن الله تعالى لكم أنّ سبيله واحدة وهي السلم ، وأنّ الشيطان لكم عدو مبين ، وأمركم أن تتّخذوه عدوّاً وتجتنبوا طرقه وخطواته ، ثمّ فصّل لكم من ذلك ما اضطررتم إليه ، وأكّد النهي عن شرّ تلك الطرق وأشأمها وهي طرق التفرّق والخلاف : فاعلموا أنّ أمامكم أمراً جليلا ، وأخذاً وبيلا ، ذلك أنّ الله تعالى لعزّته لا ينسى من ينسى سننه ويزلّ عن شريعته ، بل يأخذه أخذ عزيز مقتدر ، ولحكمته قد وضع تلك السنن في الخليقة ، وهدى إليها الناس بما أنزل من الشريعة ، ومن ذلك أن جعل لكلّ ذنب عقوبة ، وجعل العقوبة على ذنوب الأمم أثراً من آثارها لازماً لها حتماً ، فكأنّه تعالى قال فاعلموا أنّه يحلّ بكم العقاب لأنّه عزيز لا يغلب على أمره ، وحكيم لا يهمل أمر خلقه ، ولكن هذا التعبير أبلغ ؛ لأنّه بيان للحجّة ، وتقرير للبرهان بالإشارة إلى مقدّماته ، إكتفاءً به عن ذكر النتيجة ، وهو من ضروب إيجاز القرآن ، التي لم تعهد في كلام إنسان . قال الأستاذ الإمام : إنّه ذكر من صفاته تعالى ما هو دليل العقاب ، وهو ما لا مطمع في زواله ، ولا هزء في الدين أكبر من ظنّ المغرور أنّه ينال جنّة عرضها السماوات والأرض وفيها من النعيم والرضوان ما لم يخطر على قلب بشر ، بغير الأعمال التي أرشدت إليها آيات الله تعالى ، مبيّنة أنّ العقوبات على تركها من آثار صفاته القديمة التي لا يلحقها تغيير ، ولا تؤثّر فيها الحوادث بتبديل ولا تحويل اهـ . ونقول نحن على طريقته : إنّ ظنّ المغرورين بأنّه يكون لهم السلطان والخلافة في الأرض بمجرّد دعوى الإيمان والإسلام ، ولو مع بعض الأعمال البدنية من غير إقامة العدل في الناس والعمارة والإصلاح في الأرض ، هو من الهزء بآيات الله في كتابه ، وآياته في خلقه ، فإنّها متّفقة على أنّ الأرض يرثها عباد الله الصالحون لعمارتها وإقامة العدل فيها { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ } [ هود : 117 ] أي الأمم ( بظلم ) منهم أي شرك وكفر ، أو منه لهم { وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } [ هود : 117 ] أي والحال أنّهم مصلحون في أعمالهم وسياستهم ، وإنّما يهلكها إذا ظلموا وأفسدوا فيها . والآيتان المفسّرتان آنفاً وما في معناهما كقوله تعالى : { وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } [ آل عمران : 103 ] إلى قوله : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران : 105 ] وقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } [ الأنعام : 159 ] كلّها هادمة للتقاليد التي فرّقت الأمّة وجعلتها شيعاً ، حتّى صار بأسها بينها شديداً ، فسفكت دماءها بأيديها ، ومزّقت دنياها بتمزيق دينها ، وكان من أمرها بعد ذلك ما نرى سوء عاقبته في كلّ شعب وكلّ قطر . ثمّ بيّن تعالى غاية الوعيد المشار إليه في الاسمين الكريمين فقال : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } وقد غيّر الأسلوب بالإلتفات عن الخطاب والأمر إلى الحكاية عن الزالّين عن صراط الله بضمير الغائب . والحكمة في الإلتفات تناول هذا الوعيد لجميع من زلّ من المؤمنين المخاطبين في الدخول في السلم والمنهيين عن ضدّه ، ومن زلّ من غيرهم ، أو هي الإيذان بأنّ الزالّين لا يستحقّون شرف الخطاب الإلهي . الاستفهام في الآية بمعنى النفي ، وينظرون بمعنى ينتظرون ، وهي كثيرة الإستعمال بهذا المعنى في الكتاب العزيز ، ولا سيّما في أمور الآخرة كقوله تعالى : { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } [ محمد : 18 ] - { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } [ يس : 49 ] وإتيان الله تعالى ، فسّره الجلال وآخرون بإتيان أمره ، أي عذابه ، كقوله في آية أخرى : { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ } [ النحل : 33 ] أي فهو بمعنى ما جاء من التخويف بعذاب الآخرة في الآيات الكثيرة الموافقة لهذه الآيات في أسلوبها . وأقرّ الأستاذ الإمام الجلال على ذلك وبيّن في الدرس أنّ هذا الإستعمال من أساليب العرب المعروفة من حذف المضاف وإسناد الفعل إلى المضاف إليه مجازاً ، وأوضحه أتمّ الإيضاح ، فهو على حدّ { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] ومن المفسّرين من قال إنّ الإسناد حقيقي ، وإنّما حذف المفعول للعلم به من الوعيد السابق ، أي هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم الله بما وعدهم به من الساعة والعذاب ؟ وعدّه آخرون من المتشابهات فقالوا : إنّ الله تعالى يأتي بذاته ، ولكن لا كإتيان البشر ، بل إتيانه من صفاته التي لا نبحث عن كيفيتها اتّباعاً للسلف ، وأمّا تأويل الإتيان بما نقله البيهقي عن الأشعري ، فلا نذكره لأنّه ممّا يزيد المعنى بعداً عن الفهم . وقد يقال إنّه ليس من مقتضى مذهب السلف أن يجعل كلّ ما يسند إلى الله تعالى من المتشابهات التي لا تفهم بحال ، ولا تفسّر ولو بإجمال ، فحسبنا أن نقول على رأي من فسّر إتيان الله هنا بإتيان أمره وما وعد به من العذاب ، أو إتيانه بما وعد به : إنّنا نفوض إليه تعالى كيفية ذلك ، وبذلك نكون على طريقة السلف في التفويض ، مع العلم بأنّ الله تعالى ينذر الذين زلّوا عن صراطه وفرّقوا دينه بأمر معروف في الجملة لا بشيء مجهول مطلق ، وممّا يدلّنا على أنّ المراد بالآية ما ذكرنا قوله تعالى : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } [ الفرقان : 25 ] مع الآيات الكثيرة الناطقة بأنّ قيام الساعة وخراب العالم يكون { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [ الإنشقاق : 1 ] وانتثرت كواكبها إلخ . وإنّما يأتي بذلك الله تعالى بتغيير هذا النظام الذي وضعه لارتباط الكواكب وحفظ كلّ كوكب في فلكه ، وسيأتي لمذهب السلف في الإتيان توجيه أقرب من هذا . وأمّا ظلل الغمام فهي قطع السحاب الأول ، وهي جمع ظلّة بالضم كغرف جمع غرفة ، وهي ما أظلّك ، والثاني جمع غمامة كسحاب وسحابة وزناً ومعنىً ، سمّي بذلك لأنّه يغمّ السماء أي يسترها ، وخصّ بعضهم الغمام بالسحاب الأبيض ، وزاد بعض آخر الرقيق ، وفيه إنّ الأبيض الرقيق لا يمطر ، والعرب تسمّي البرد حبّ الغمام . وذكر المفسّرون إنّ إتيان أمر الله أو عذابه في الغمام ، عبارة عن مجيئه من حيث ترجى الرحمة بالمطر ، وذلك أبلغ في تمثيل هول العذاب وفظاعته ؛ لأنّ الخوف إذا جاء من موضع الأمن كان خطبه أعظم ، والعذاب إذا فاجأ من حيث ترجى الرحمة كان وقعه آلم ، كما وقع لعاد قوم هود { قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ الأحقاف : 24 ] وهو مبني على أنّ الغمام مظنّة المطر ، والظاهر أنّ من قال إنّ الغمام هو السحاب الأبيض ، لا يعني به تلك السحائب البيض الرقاق المرتفعة التي تظهر في أيّام الصيف ، وإنّما أراد به ذلك السحاب المسف لثقله بالمطر ، الذي هو أقرب إلى البياض منه إلى السواد . وقال الأستاذ الإمام : إنّ الحكمة في نزول العذاب في الغمام ، إنزاله فجأة من غير تمهيد ينذر به ، ولا توطئة توطن النفوس على احتماله ، وذلك أبلغ في هوله [ ما من دهي بالأمر كالمعتد ] وهو ذلك الغمام الذي يحدث عن تخريب العالم فجأةً فيأتيهم العذاب ، قبل أن يتبدّد الغمام الناشئ عن الخراب ، وهذا القول يتّفق مع الأول وهو أقرب إلى معنى قوله تعالى في الساعة { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } [ الأعراف : 187 ] . ويجب أن تكون هذه الآيات عبرة للمؤمن ترغّبه في المبادرة إلى التوبة ، لئلاّ يفاجئه وعد الله تعالى وهو غافل ، فإن لم يفاجئه قيام الساعة العامّة التي بها يهلك هذا العالم كلّه ، فاجأه قيام قيامته بموته بغتة ، فإن لم يمت بغتة جاءه مرض الموت بغتة ، حتّى لا يقدر على العمل ، وتدارك الزلل . وإذا جرينا على هذه الطريقة التي أرشدتنا إليها الآية السابقة على الوجه الأول في تفسيرها ، فحملنا بعض الآيات على بعض ، واستخرجنا المعنى من مجموعها ، كان لنا أن نقول : إذا وقعت الواقعة ، وقرعت القارعة ، وكوّرت الشمس ، وتناثرت الكواكب ، وانشقّت السماء شقّاً ، ورجّت الأرض رجّاً ، وبسّت الجبال بسّاً ، فكانت أولا كالعهن المنفوش ثمّ صارت هباءً منبثّاً ، فإنّ مادّة هذا الكون تعود كما كانت قبل التكوين أي مادّة سديمية وهي ما عبّر عنه في بدء التكوين بالدخان ، وفي الحكاية عن الخراب بالغمام . وإنّ كثيراً من علماء الهيئة الغربيين ليتوقّعون خراب هذا العالم بقارعة تحدث من إصطدام بعض الكواكب ببعض بحيث تبطل الجذب العامّ ، الذي به قام هذا النظام ، وهو في معنى ما ورد من تشقّق السماء بالغمام ، وهذا المعنى لم يكن يخطر ببال أحد على عهد نزول القرآن . وأمّا إتيان الملائكة هنا فهو بمعنى نزولهم في قوله : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } [ الفرقان : 25 ] أي وتأتيهم الملائكة الموكّلة بكل ما قضاه الله يومئذ . وقوله : { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } جملة حالية ، أي كيف ينتظرون غير ذلك ، وهو أمر قضاه الله وأبرمه فلا مفرّ منه { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } فيضع كلّ شيء في موضعه الذي قضاه ، فهو الأول ومنه بدأت الأشياء ، وهو الآخر وإليه ترجع وتصير ، وهو بكلّ شيء محيط { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 33 - 34 ] . وإذا كان كلّ ما سنّه الله تعالى من النظام لخلقه حتماً مقضيّاً لا يضلّ واضعه ولا ينسى ، فعلى من زلّ عن صراطه واتّبع خطوات الشيطان أن يبادر بالتوبة والرجوع إلى الحقّ قبل أن يحيق به زلَلـِهِ ، ويبسله عمله ، وقبل أن تقوم قيامته أو قيامة الناس أجمعين ، فيجازى على زللـه و { كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } [ الطور : 21 ] وأجدر الناس بالمبادرة إلى هذه التوبة ، علماء الأمّة الذين أبسلوها بخلافهم وتفرّقهم ، فعليهم أن يحكّموا كتاب الله وسنّة رسوله فيما شجر بينهم من غير تعصّب ويسلّموا تسليماً . وذكر الأستاذ الإمام في تفسير الآية وجهاً آخر ، يعدّ بياناً للقول بأنّ الإتيان مسند إلى الله تعالى على أنّه هو الذي يأتي على ظاهر مذهب السلف ، لا عذابه ولا يومه الموعود ، وهو من الآيات الكبرى ، وأسرار المعارف العليا ، فقال ما مثاله : من الناس من يؤمن بالله تعالى وصحّة دينه إيماناً موافقاً لما جاء في كتابه ، ويكون في إيمانه على حقّ اليقين ، والإطمئنان الذي لا زلزال فيه ولا اضطراب ، وأهل هذا اليقين هم الذين يقال إن الله حاضر عندهم وأنّه معهم أينما كانوا ؛ لأنّ معرفته ثبتت في عقولهم ، والتوكّل عليه قد لابس قلوبهم ، وهم الذين قال قائلهم : لو كشف الحجاب ما ازددت يقيناً . ومنهم من ليس له تلك المعرفة وهذا اليقين ، فلا يقال إنّ الله عندهم ؛ لأنّ ما حضر في عقله هو غير ما وصف الله تعالى به نفسه ، وشهدت به آياته في كتابه وآياته في خلقه ، ثمّ هو ليس على يقين ممّا عنده ، أولئك أصحاب الظنون وأرباب الشكوك ، وحملة التقاليد الذين زلّوا من بعد ما جاءتهم البيّنات فاتّخذوا بينهم وبين الله حجّاباً ووسطاء ، وشبّهوه بخلقه في كثير من الشؤون ، فهم غائبون عن الله تعالى ومحجوبون عن ربّهم ، بحيث لا تطوف معرفته الحقيقية بعقولهم ، ولا تلابس عظمته وكماله قلوبهم ، فإذا كان يوم القيامة وكشف الحجاب عرفوا الله ربّهم الحقّ ، وتبيّن لهم ما كانوا عليه من الباطل ، فذلك إتيان الله لهم ، أي يأتيهم من معرفته ما كانوا غائبين عنه ومحرومين منه في الدنيا ، والإتيان يكون في المعقولات ، كما يكون في المحسوسات ، فلا حاجة إلى التأويل . إنّ هؤلاء الزالّين عن صراط الله تعالى صنفان : صنف اعتقدوا الباطل حقاً ، فلم يعرفوا حقيقة التوحيد ورجوع كلّ أمر إلى من أعطى كلّ شيء خلقه على سنن ثابتة ، ولا غير التوحيد من أصول الإيمان . وصنف اتّبعوا الظنّ ، وهاموا في أودية الوهم ، فلم يكونوا على بيّنة من هذا الأمر ، فإذا ما تجلّى الله تعالى في ذلك اليوم على الأرواح ، وزالت الحجب التي كانت دونها في سجن الأشباح ، زال جهل الجاهلين ، وانكشف ظنّ الظانّين ، وبطل وهم الواهمين ، وعرف الجميع ربّ العالمين ، بما جاءهم من الحقّ اليقين ، فذلك مجيء الله تعالى وإتيانه في يوم الدين ، هذا ما تجلّى به مسألة الإتيان على مذهب السلف . وأمّا كون هذا الإتيان في ظلّل من الغمام ، فهو من الأمور الأخروية الغيبية التي قلنا مراراً إنّنا لا نبحث عن حقيقتها ، فكون معرفة الله تعالى واليقين به ممّا يحصل للجاهلين والغافلين بحصول ظلل من الغمام نفوّض سرّه إلى الله تعالى ، وما يدرينا إنّ في ذلك الغمام آيات بيّنات ، وحججاً باهرات ، وإتيان الملائكة على هذا التأويل أظهر منه في التأويل الأول ؛ لأنّ المقام مقام تمثيل ظهور سلطان الله تعالى وعظمته ، واستغراق القلوب في الخضوع لجلاله عندما يغشاها نور معرفته ، ولا ريب أنّ حضور الملك في جنده الأكبر ، هو أبين لكمال العظمة وأظهر ، ولذلك قال تعالى : { وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } [ الفجر : 22 ] وقال تعالى : { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } [ النبأ : 38 ] . والمراد بهذا المعنى الذي قرّره الأستاذ الإمام ، تقريب هذا المذهب من الإفهام ، ولا يعني أن هذا بيان لكيفية الإتيان في الغمام ، ويمكن أن يقال إنّ الغمام في الآية إشارة إلى الحجاب أو الرداء الذي ورد في حديث أبي موسى عند الشيخين وغيرهما " وما بين القوم وبين أن يروا ربّهم إلاّ رداء الكبرياء على وجهه " وبيانه إنّه ورد في أحاديث أخرى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سألت جبريل عليه السلام هل ترى ربّك ؟ فقال إنّ بيني وبينه سبعين حجاباً من نور " . وقال الغزالي وغيره من أئمّة الصوفية : إنّ الحجب - أي الموانع - التي تمنع العبد من معرفة الحق كثيرة ، أكثفها نفسه ، وهذه الحجب تزال يوم القيامة عن المؤمنين إلاّ حجاباً واحداً ، فيعرفون الحق معرفة كاملة تستغرق الروح ، وذلك ما عبّر عنه بالرؤية وبمجيء الله وإتيانه . فالغمام في هذا المقام التمثيلي إشارة إلى الحجاب الذي لا يحصل كمال المعرفة الممكنة بدونه ، وبذلك تتفق الآيات مع الأحاديث { وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النحل : 60 ] و { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] . ولنا أن نقول على هذه الطريقة مع تفسيرنا الغمام بمادّة التكوين الأولى كما مرّ : إنّ الحجب التي تشغل الإنسان عن ربّه في الدنيا ، حظوظ النفس ، وشهواتها ، وشواغل الحسّ بالمحسوسات ، والفكر بالمدركات - كلّها ترتفع فلا تعود حائلة دون كمال العلم بالله تعالى ، ما خلا سر الإيجاد والتكوين الأول ممّ كان وبم كان ؟ وكيف كان ؟ فهذا لا يرتفع في الدنيا للموقنين ، ولا في الآخرة للمقرّبين . هذا وأنت ترى إنّ الوجه الأول في تفسير الآية ، هو المتبادر والمنطبق على الآيات الأخرى في نذر القيامة ، وفي كلّ منهما عبرة وهداية للمؤمنين ، وأمّا المرتابون الممارون فلا يزيدهم الكلام عن الآخرة إلاّ ظلمة ورجساً إلى رجسهم ؛ لأنّهم محجوبون في حسهم حتّى عن نفسهم و { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [ المؤمنون : 53 ] .