Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 31-35)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ ٱلسَّمَاءِ } يعني قل يا محمد للمشركين من يرزقكم من السماء بالمطر { وٱلأَرْضِ } ومن الأرض بالنبات { أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأبْصَـٰرَ } أي من يخلق لكم السمع والأبصار { وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } ومن يقدر أن يخرج الحي من الميت ، يعني الفرخ من البيضة { وَيُخْرِجُ ٱلْمَيّتَ مِنَ ٱلْحَىّ } يعني البيضة من الطير والنطفة من الإنسان والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن { وَمَن يُدَبّرُ ٱلأمْرَ } يعني من يقدر أن يدبر الأمر بين الخلق وينظر في تدبير الخلائق . ويقال من يرسل الملائكة بالأمر { فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ } يفعل ذلك كله ( لا الأصنام ) لأن الأصنام لم يكن لهم قدرة على هذه الأشياء { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } الشرك فتوحدونه إذ تعلمون أن لا يقدر أحد أن يفعل هذه الأشياء إلا الله تبارك وتعالى . ويقال أفلا تتقون . أي تطيعون الله الذي يملك ذلك ثم قال تعالى { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ } وغيره من الآلهة باطل ليس بشيء { فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } يعني فما عبادتكم . بعد ترك عبادة الله تعالى إلا عبادة الشيطان . ويقال فماذا بعد التوحيد إلا الشرك { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } يعني فمن أين تمتنعون عن الإيمان بالله . ويقال فأنى تصرفون عن هذا الأمر بعد المعرفة . وقال مقاتل : فمن أين تعدلون به غيره . ويقال كيف ترجعون عن هذا الإقرار . ثم قال : { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ } يعني : هكذا وجبت كلمة العذاب من ربك كقوله { وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } [ الزمر : 71 ] ويقال وجبت كلمة ربك وهو قوله : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } [ الأعراف : 18 ] قوله { عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } يعني : كفروا بربهم { أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } يعني : لا يصدقون بعلم الله تعالى السابق فيهم . ويقال أنَّهم لا يؤمنون . يعني لأنهم لا يؤمنون ، فوجب عليهم العذاب بترك إيمانهم . قرأ نافع وابن عامر { كَلِمَـٰتُ رَبَّكَ } بلفظ الجماعة ، وقرأ الباقون " كَلِمَةُ رَبِّكَ " . وكذلك الاختلاف في قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } [ يونس : 96 ] . قوله تعالى : { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } يعني أصنامكم التي تعبدونها هل يقدرون أن يخلقوا خلقاً من غير شيء ثم يبعثونهم في الآخرة كما يفعل الله تعالى . فإِن أجابوك وإلا فـ { قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } يعني إن معبودكم لا يستطيع ذلك { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } يعني من أين تكذبون . { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَهْدِى إِلَى ٱلْحَقِّ } يقول هل يقدر [ أحد ] من آلهتكم أن يهدي إلى الحق . أي يدعو الخلق إلى الإسلام ، فقالوا لا { قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِى لِلْحَقّ } يعني : يدعو الخلق إلى الإسلام ويوفق من كان أهلاً لذلك { أَفَمَن يَهْدِى إِلَى ٱلْحَقّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ } أي يدعو إلى الحق أحق أن يعمل بأمره ويعبد { أَمَّن لاَّ يَهِدِّى } طريقاً ولا يهتدي { إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ } يعني [ لا ] يمشي بنفسه إلا أن يحمل من مكان ، قرأ نافع وأبو عمرو " أَمَّنْ لاَ يَهْدِّى " بجزم الهاء وتشديد الدال . لأن أصله في اللغة يهتدي فادغم التاء في الدال وأقيم التشديد مقامه ، وقرأ ابن كثير وابن عامر ونافع في رواية ورش " يَهَدِّي " بنصب الياء والهاء وتشديد الدال . لأن حركة التاء وقعت على الهاء ، وقرأ عاصم في رواية حفص " يَهِدِّي " بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال لأنه لما اجتمع الساكنان حرك أحدهما بالكسر . وقرأ عاصم في رواية أبي بكر " يِهِدِّي " بكسر الياء والهاء ( وتشديد الدال ) فأتبع الكسرة الكسرة . وقرأ حمزة والكسائي " يَهْدِي " بجزم الهاء وتخفيف الدال . ويكون معناه لا يهتدي . قال الكسائي قوم من العرب يقول هديت الطريق . بمعنى اهتديت . فهذه خمس من القراءات في هذه الآية ، ثم قال { فَمَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } كيف تقضون لأنفسكم يعني تقولون قولاً ثم ترجعون ويقال { مَالَكُمْ } كلام تام فكأنه قيل لهم أي شيء لكم في عبادة الأوثان . ثم قيل لهم { كَيْفَ تَحْكُمُونَ } أي على أي حال تحكمون ، ويقال معناه كيف تعبدون آلهتكم بلا حجة ولا تعبدون الله بعد هذا البيان لكم .