Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 25-41)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله { وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ } يعني : يجمعهم يوم القيامة { إِنَّهُ حَكِيمٌ } حكم بحشر الأولين والآخرين { عَلِيمٌ } بهم قوله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ } أي : آدم { مِن صَلْصَـٰلٍ } أي : من طين يتصلصل إذا مشيت عليه يتقلقل وإذا تركته ينغلق { مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } أي : من طين أَسود منتن . وقال الأخفش أي : من طين مصبوب ، ويقال مسنون أي : متغير الرائحة كقوله : { لَمْ يَتَسَنَّهْ } [ البقرة : 259 ] ويقال : الذي أتت عليه السنون . وقال القتبي : الصلصال الطين اليابس الذي لم تصبه نار ، إذا ضربته صوت وإذا مسته النار فهو فخار ، والمسنون المتغير الرائحة . والحمأ جمع حمئة وهو الطين المتغير { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَـٰهُ مِن قَبْلُ } يعني : إبليس ويقال : الجان أبو الجن خلقناه من قبل آدم { مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } قال ابن عباس : هي نار لا دخان لها تكون بين السماء وبين الحجاب . وقال آخرون من نار السموم أي من نار حارة . قال الكسائي الجن والجنة من أصل واحد { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ } يعني وقد قال ربك للملائكة الذين هم في الأرض مع إبليس سكان الأرض { إِنّى خَـٰلِقٌ بَشَرًا } أي : سأخلق خلقاً { مِن صَلْصَـٰلٍ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } أي جمعت خلقه { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى } أي : جعلت الروح فيه { فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ } أي فخروا له . أي فاسجدوا بأجمعكم { فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } يعني : سجدة التحية لا سجدة العبادة ، وكانت التحية لآدم عليه السلام والعبادة لله تعالى { كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } روي عن الخليل بن أحمد أنه قال " أجمعون " على معنى توكيد بعد توكيد ، وذكر عن محمد بن يزيد عن المبرد أنه قال : معناه سجدوا كلهم في حالة واحدة وقال الزجاج الأول أجود لأن أجمعين معرفة فلا يكون حالاً ثم قال { إِلاَّ إِبْلِيسَ } قال بعضهم معناه لكن إبليس لم يكن من الساجدين . لأن إبليس لم يكن من الملائكة . فيكون الاستثناء من غير جنس ما تقدم بدليل قوله : { إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ } [ الكهف : 50 ] . وقال بعضهم استثنى إبليس من الملائكة وكان من جنسهم إلا أنه لما لم يسجد لعن وغير عن صورة الملائكة ( ولا يكون الاستثناء من غير جنس ) فذلك قوله { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ } أي : تعظم عن السجود لآدم مع الملائكة { قَالَ يَـا إِبْلِيسُ مَالَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ } أي : مع الملائكة { قَالَ } أي إبليس { لَمْ أَكُن لأِسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَـٰلٍ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا } أي : من الأرض ويقال من الجنة { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } أي : ملعون مطرود فألحقه بجزائر البحور { وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ } أي : طرد من رحمته يوم الحساب . قوله : { قَالَ رَبّ فَأَنظِرْنِى } أي : أجلني { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } من قبورهم { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } أي : من المؤجلين { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } أي : إلى النفخة الأولى { قَالَ رَبّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى } يعني كما أضللتني عن الهدى لأجل آدم . وقال القتبي : بإغوائك إياي أي : لأضلنهم عن الهدى { أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر . " الْمُخْلِصِينَ " بكسر اللام . أي : المخلصين في العبادة ويقال الموحدين وقرأ الكسائي ونافع وحمزة وعاصم " الْمُخْلَصِينَ " بنصب اللام أي : المعصومين من الشرك . قال : حدثنا الفقيه أبو جعفر . قال : حدثنا أبو القاسم . قال : حدثنا محمد بن سلمة قال : حدثنا أحمد بن عبد الله قال : حدثنا أبو بكر بن عياش عن هشام عن الحسن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لما لعن إبليس قال فبعزتك لا أُفارق قلب ابن آدم حتى يموت " قال : قيل له : وعزتي لا أحجب عنه التوبة حتى يغرغر بالموت ، { قَالَ هَذَا صِرٰطٌ عَلَىَّ } أي : هذا التوحيد صراط { مُّسْتَقِيمٌ } على دلالته ، وهذا قول الحسن ويقال : معناه : على ممر من أطاعك ومن عصاك كقوله : { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } [ الفجر : 14 ] ويقال : معناه : هذا بيدي لا بيدك . وقال الضحاك : هذا سبيل الله علي مستقيم أي عليّ هدايته ودلالته كقوله : { وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } [ النحل : 9 ] وروي عن ابن سيرين أنه كان يقرأ " هذا صراط عَلِيٌّ مستقيم " بكسر اللام ورفع الياء مع التنوين ومعناه هذا صراط رفيع مستقيم وهو قول قتادة أي : طريق شريف لا عوج فيه .