Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 34-38)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } أي : إلا على وجه التجارة لينمو مال اليتيم بالأرباح أو ينمو على وجه المضاربة { حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } يعني : حتى يتم خلقه . وقال القتبي : أشد الرجل غير أشد اليتيم وإن كان لفظهما واحداً . لأن قوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } [ الأحقاف : 25 ] إنَّما هو الاكتمال ، وذلك ثلاثون سنة . وأشد الغلام أن يشتد خلقه وذلك ثمان عشرة سنة . وقال مقاتل : هذه الآية منسوخة بقوله : { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَٰنُكُمْ } [ البقرة : 220 ] ثم قال : { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ } يعني : الذي بينكم وبين الله تعالى والعهد الذي بينكم وبين الناس { إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } يعني : إن ناقض العهد يسأل عنه يوم القيامة . ثم قال تعالى : { وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ } لغيركم { وَزِنُواْ بِٱلْقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ } أي : بالميزان العدل بلغة الروم قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " بالقِسْطَاسِ " بكسر القاف والباقون بالضم وهما لغتان ، يعني : الميزان ويقال : هو القبان { ذٰلِكَ خَيْرٌ } أي : الوفاء بجميع ما أمركم الله تعالى به ونهاكم عنه خير من البخس والنقصان { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } أي : عاقبة ومرجعاً في الآخرة { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } يقول : لا تقل ما لم تعلم فتقول : علمت ولم تعلم ورأيت ولم تر . وسمعت ولم تسمع . أي : كأنك تقفو الأمور . يقال : قفوت أثره ، والقائف الذي يعرف الآثار ويتبعها ، ثم حذرهم فقال : { إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } أي : يسأل العبد عن أعضائه يوم القيامة فيشهدن عليه ، ويقال : معناه صاحب السمع والبصر والفؤاد يسأل يوم القيامة عن السمع والبصر والفؤاد . ويقال : قوله : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي : لا تقل ما لم تعلم ولا تسمع اللغو ولا تنظر إلى الحرام ولا تحكم على الظن كل أُولئك كان عنه مسئولاً . يعني : عن الكلام باللسان والتسمع بالسمع والتبصر بالبصر على وجه الإخبار وهو من جوامع الكلم ثم قال : { وَلاَ تَمْشِ فِى ٱلأَرْضِ مَرَحًا } يعني : بالتكبر والفخر { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ } يعني : لن تدخل { ٱلأَرْضَ } ولن تجاوزها { وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } قال القتبي : يعني : لا تقدر أن تقطعها حتى تبلغ إلى آخرها . يقال : فلان أخرق إلى الأرض من فلان إذا كان أكثر أسفاراً ، ولن تبلغ الجبال طولاً يريد أنه ليس للعاجز أن يمدح نفسه ويستكبر ثم قال : { كُلُّ ذٰلِكَ } أي : كل ما أمرتك به ونهيتك عنه { كَانَ سَيّئُهُ عِنْدَ رَبّكَ } يعني : ترك ذلك معصية عند الله { مَكْرُوهًا } أي : منكراً . قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع " سَيِّئَةً " بنصب الهاء مع التنوين يعني : خطيئة ومعناه : ما ذكر في الآية ، تركه كان معصية وسيئة . وقرأ الباقون " سَيِّئُهُ " بضم الهاء على معنى الإضافة . قال أبو عبيدة : وبهذه القراءة نقرأ ، وحجته قراءة أُبَيّ ، كان يقرأ سَيِّئَاتِهِ على معنى الإضافة .