Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 11-20)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال عز وجل : { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ } يعني جند عند ذلك ، وما زائدة ، يعني حين أرادوا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - { مَهْزُومٌ } يعني مغلوب { مِّن ٱلأَحَزَابِ } يعني من الكفار ، وقال مقاتل : فأخبر الله تعالى بهزيمتهم ببدر وقال الكلبي : يعني عند ذلك إن أرادوه ، مهزوم : مغلوب ثم قال عز وجل : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } يعني من قبل أهل مكة { قَوْمُ نُوحٍ ، وَعَادٌ ، وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ } يعني ذو ملك ثابت شديد دائم ، ويقال ذو بناء محكم ، ويقال : يعني : في عز ثابت والعرب تقول : فلان في عز ثابت الأوتاد ، يريدون دائم شديد ، وأصل هذا أن بيوت العرب تثبت بأوتاد ، ويقال هي أوتاد كانت لفرعون يعذب بها ، وكان إذا غضب على أحد شده بأربعة أوتاد ثم قال : { وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَـٰبُ الأََيْكَةِ } يعني الغيضة وهم قوم شعيب عليه السلام { أُوْلَـٰئِكَ ٱلأَحْزَابُ } يعني الكفار ، سموا أحزاباً لأنهم تحزبوا على أنبيائهم ، أي تجمعوا ، وأخبر في الابتداء أن مشركي قريش حزب من هؤلاء الأحزاب { إِن كُلٌّ } يعني ما كل { إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرٌّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } يعني وجب عذابي عليهم قوله عز وجل { وَمَا يَنظُرُ هَـؤُلآء } يعني قومك { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } يعني النفخة الأولى { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } يعني من نظرة ومن رجعة ، قرأ حمزة والكسائي ( فُواق ) بضم الفاء ، وقرأ الباقون بالنصب ، ومعناهما واحد ، يسمى ما بين حلبتي الناقة فواق ، لأن اللبن يعود إلى الضرع ، وكذلك إفاقة المريض ، يعني يرجع إلى الصحة ، فقال : ما لها من فواق ، يعني من رجوع ، وقال أبو عبيدة : من فتحها أراد ما لها من راحة ولا إفاقة يذهب بها إلى إفاقة المريض ، ومن ضمها ، جعلها من فواق الناقة ، وهو ما بين الحلبتين ، يعني : ما لها من انتظار ، وقال القتبي : الفُواق ، والفَواق واحد وهو ما بين الحلبتين ، ثم قال تعالى { وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجّل لَّنَا قِطَّنَا } قال ابن عباس وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش : " من لم يؤمن بالله أعطي كتابه بشماله " ، فقالوا : { رَبَّنَا عَجّل لَّنَا قِطَّنَا } يعني صحيفتنا ، وكتابنا في الدنيا { قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } والقط في اللغة : الصحيفة المكتوبة ، ويقال لما نزل قوله { فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } [ الحاقة : 19 ] فقالوا ربنا عجل لنا هذا الكتاب { قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } استهزاء ، ثم عزّى نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال عز وجل : { ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } من التكذيب { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاودُ ذَا ٱلأَيْدِ } يعني ذا القوة على العبادة { إِنَّهُ أَوَّابٌ } يعني مقبل على طاعة الله عز وجل وقال مقاتل : أَوَّابٌ يعني : مطيع قوله عز وجل : { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ } يعني : ذللنا الجبال { يُسَبّحْنَ } مع داود عليه السلام { بِٱلْعَشِىّ وَٱلإشْرَاقِ } يعني في آخر النهار وأوله ، وروى طاووس أن ابن عباس قال لأصحابه ، هل تجدون صلاة الضحى في القرآن ؟ قالوا لا ، قال بلى ، قوله : { يُسَبّحْنَ بِٱلْعَشِىّ وَٱلإشْرَاقِ } كانت صلاة الضحى يصليها داود عليه السلام ثم قال عز وجل { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً } يعني مجموعة { كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } يعني مطيع وقال عمرو بن شرحبيل الأواب بلغة الحبشة : المسيح ، وقال الكلبي : المقبل على طاعة الله تعالى قوله عز وجل { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ } يعني قوينا حراسه ، قال مقاتل والكلبي : كان يحرسه كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألف رجل ، ويقال قوينا ملكه وأثبتناه وحفظناه عليه وروي في الخبر ، أن غلاماً استعدى على رجل وادعى عليه بقراً ، فأنكر المدعي عليه ، وقد كان لطمه لطمة حين ادعى عليه ، فسأل داود من الغلام البينة ، فلم يقمها فرأى داود في منامه أن الله عز وجل يأمره أن يقتل المدعى عليه ، ويسلم البقر إلى الغلام فقال داود هو منام ، ثم أتاه الوحي بذلك فأخبر بذلك بنو إسرائيل فجزعت بنو إسرائيل وقالوا رجل لطم غلاماً لطمة فقتله بذلك ؟ فقال داود عليه السلام : هذا أمر الله تعالى به ، فسكتوا ، ثم أحضر الرجل فأخبره أن الله تعالى أمره بقتله ، فقال الرجل صدقت يا نبي الله إني قتلت أباه غيلة وأخذت البقر فقتله داود ، فعظمت هيبته وشدد ملكه فلما رأى الناس ذلك جل أمره في أعينهم ، وقالوا : إنه يقضي بوحي الله تعالى ثم إن الله تعالى أرخى سلسلة من السماء وأمره بأن يقضي بها بين الناس فمن كان على الحق يأخذ السلسلة ، ومن كان ظالماً لا يقدر على أخذ السلسلة وقد كان غصب رجل من رجل لؤلؤاً ، فجعل اللؤلؤ في جوف عصاً له ، ثم خاصمه المدعي إلى داود عليه السلام فقال المدعي إن هذا أخذ مني لؤلؤاً وإني لصادق في مقالتي ، فجاء وأخذ السلسلة ، ثم قال المدعى عليه خذ مني العصا ، فأخذ عصاه ، وقال إني قد دفعت إليه اللؤلؤ ، وإني لصادق في مقالتي ، فجاء وأخذ السلسلة ، فتحير داود عليه السلام في ذلك ، فرفعت السلسلة ، وأمره بأن يقضي بالبينات والأيمان ، فذلك قوله عز وجل { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ } يعني الفهم والعلم ، ويقال يعني النبوة { وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } يعني القضاء بالبينات والأيمان وقال قتادة والحسن : وفصل الخطاب يعني البينة على الطالب ، واليمين على المطلوب .