Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 26-31)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } أي يبين لكم أن الصبر خير لكم من نكاح الإماء . ويقال : يبين لكم إباحة نكاح الأمة عند العذر . ثم قال تعالى : { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } أي شرائع الذين من قبلكم بأنه لم يحل لهم تزوج الإماء وقد أحل لكم ذلك . وقال مقاتل : يريد الله ليبين لكم حكم حلاله وحرامه من النساء ، ويهديكم أي يبين لكم شرائع من كان قبلكم { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } أي يتجاوز عنكم ما كان منكم قبل التحريم { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بمن فعله منكم بعد التحريم { حَكِيمٌ } فيما نهاكم عن نكاح الاماء إن لم يجد طولاً ، والنهي نهي استحباب لا نهي وجوب . ويقال : إن هذا ابتداء القصة ، يريد الله أن يبين لكم كيفية طاعته ، { وَيَهْدِيَكُمْ } يعني يعرفكم سنن الذين من قبلكم ، يعني أنهم لما تركوا أمري فكيف عاقبتهم ، وأنتم إذا فعلتم ذلك لا أعاقبكم ، ولكني أتوب عليكم ( والله عليم بمن تاب ) ( حكيم ) حكم بقبول التوبة . ثم قال تعالى : { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } أي يتجاوز عنكم ما كان منكم من قبل التحريم . ويقال : يتجاوز عنكم الزلل والخطايا . { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } يعني اليهود والنصارى ، ويقال المجوس . { أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } يعني أن تخطئوا خطأ عظيماً ، لأن بعض الكفار كانوا يجيزون نكاح الأخت من الأب ، وبنات الأخ وبنات الأخت ، فلما حرم الله تعالى ذلك قالوا للمسلمين : إنكم تنكحون ابنة الخالة والعمة فأنزل الله تعالى هذه الآية . ويقال : ويريدون الذين يتبعون الشهوات . ويقال : إن اليهود يريدون أن يقفوا منكم على الزلل والخطايا ، يعني أن الله تعالى قد بين لكم لكي لا يقفوا منكم على الزلل والخطايا . ثم قال تعالى : { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفّفَ عَنْكُمْ } يقول : يهون عليكم الأمر إذ رخص لكم في نكاح [ الإماء ] { وَخُلِقَ ٱلإِنسَـٰنُ ضَعِيفاً } أي لا يصبر على النكاح وقال الضحاك : يخفف عنكم أي يريد أن يضع عنكم أوزاركم ويضع عنكم آثامكم . قوله تعالى : { ضَعِيفاً يَـا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَـٰطِلِ } يعني بالظلم ، باليمين الكاذبة ، ليقطع بها [ مال أخيه ثم استثنى ما استفضل الرجل من ] مال أخيه في تجارته أنه لا بأس به فقال : { إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ } . ويقال : إلا ما كان بينهما تجارة ، وهو أن يكون مضارباً له ، فله أن يأكل من مال المضاربة إذا خرج إلى السفر . ويقال : إلا ما يأكل الرجل شيئاً عند اشترائه ليذوقه . قرأ حمزة والكسائي وعاصم : ( تجارة ) بنصب الهاء على معنى خبر تكون . وقرأ الباقون بالضم على معنى الإسم . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } أي لا يقتل بعضكم بعضاً ، فإنكم أهل دين واحد . ويقال { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } ، يعني أن يوجب الرجل على نفسه [ قتل نفسه فإيجابه ] باطل . وقال القتبي : { وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ } يعني لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل ، ولا يقتل بعضكم بعضاً ، كقوله : { وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } [ سورة الحجرات : 11 ] أي لا تعيبوا إخوانكم . ويقال : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } أي لا تقتلوها بالكسل والبخل . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } إذ نهى عن القتل ، وعن أخذ الأموال . قوله تعالى { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوٰناً } يعني اعتداء . ويقال : مستحلاً { وَظُلْماً } أي وجوراً { فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً } هذا وعيد لهم من الله تعالى ، يعني يدخله في الآخرة النار { وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } أي عذابه هين عليه . قوله تعالى : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } . قال مقاتل : يعني ما نهي عنه من أول هذه السورة إلى هذه الآية . وقال في رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس - رضي الله عنه - { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } . الكبائر : كل شيء سمى الله تعالى فيه النار لمن عمل بها ، أو شيء نزل فيه حد في الدنيا ، فمن اجتنب من هذا وهو مؤمن ، كفر الله عنه ما سواه من الصلاة إلى الصلاة ، والجمعة إلى الجمعة ، وشهر رمضان إلى شهر رمضان إن شاء الله تعالى . قال : حدثنا محمد بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا إبراهيم بن يوسف ، قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي الضحاك ، عن مسروق عن ابن مسعود ، قال : الكبائر من أول السورة إلى قوله : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } . وروي عن ابن مسعود أنه قال : الكبائر أربعة : الإياس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن مكر الله ، والشرك بالله . وروى عامر الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، واليمين الغموس " وقال ابن عمر : الكبائر تسعة : الشرك بالله ، وقتل المؤمن متعمداً ، والفرار من الزحف وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والسحر ، وعقوق الوالدين ] ، واستحلال حرمة البيت الحرام . ويقال : الكبيرة ما أصر عليها صاحبها . ويقال لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار . ثم قال تعالى : { نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ } يقول : نمحو عنكم ذنوبكم ما دون الكبائر { وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } في الآخرة ، وهي الجنة . قرأ نافع مدخلاً بنصب الميم ، والباقون : بالضم ، فمن قرأ بالنصب فهو إسم الموضع ، وهو الجنة ، ومن قرأ بالضم فهو المصدر والموضع جميعاً .