Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 15-25)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال الله تعالى : { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءا } يعني : وصفوا لله من خلقه شريكاً وولداً { إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } يعني : كَفُورٌ لنعمه مُّبِينٌ أي بين الكفر ثم قال تعالى : { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ } وهو رد على بني مليح حيث قالوا الملائكة بنات الله معناه ، اختار لكم البنين ولنفسه البنات ، ثم وصف كراهيتهم البنات فقال : { وَأَصْفَـٰكُم بِٱلْبَنِينَ } قوله عز وجل : { وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً } يعني : بما وصفوا لله تعالى من البنات ، وكرهوا لأنفسهم ذلك { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيمٌ } يعني : تغير لونه وهو حزين مكروب ، يعني : أترضون لله ما لا ترضون لأنفسكم قوله عز وجل : { أَوْ مِن يُنَشَّأُ فِى ٱلْحِلْيَةِ } يعني : يغذى في الذهب والفضة ويقال أفمن زين في الحلي والحلل { وَهُوَ فِى ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } يعني : في الكلام غير فصيح ، ويقال : هن في الخصومة غير مبينات في الحجة ، ويقال أفمن زين في الحلي وهو في الخصومة غير مبين ، لأن المرأة لا تبلغ بخصومتها ، وكلامها ما يبلغ الرجل ، قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص أو من يُنَشَّأُ بضم الياء ونصب النون وبشديد الشين ، ومعناه أو من يربى في الحلية ، لفظه لفظ الاستفهام والمراد به التوبيخ ، وقرأ الباقون أوَمَنْ يَنْشَأُ بنصب الياء وجزم النون مع التخفيف ، يعني يشب وينبت في الحلي قوله تعالى : { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } يعني : وصفوا الملائكة بالأنوثة ، قرأ ابن كثير وابن عامر ونافع الَّذِينَ هُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ( إِنَاثاً ) يعني : وصفوا الملائكة بالأنوثة ، قرأ ابن كثير وابن عامر ونافع عبيد . يعني : الملائكة الذين هم في السماء ، والباقون عِبَادُ يعني : جمع عبد ثم قال : { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ } يعني : أحضروا خلق الملائكة حين خلقهم الله تعالى فعلموا أنهم ذكوراً أو إناثاً ؟ هذا استفهام فيه نفي ، يعني لم يشهدوا خلقهم على وجه التوبيخ والتقريع ثم قال : { سَتُكْتَبُ شَهَـٰدَتُهُمْ } يعني : ستكتب مقالتهم { وَيُسْـئَلُونَ } عنه يوم القيامة ، وروي عن الحسن : أنه قرأ ( سَتُكْتَبُ شَهَادَاتُهُم ) بالألف ، يعني : أقوالهم ، وقرأ عبد الرحمن الأعرج ( سَنَكْتُبُ ) بالنون قوله تعالى : { وَقَالُواْ لَوْ شَاء ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَـٰهُمْ } يعني : ما عبدنا الملائكة ويقال الأصنام { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ } أي : ما لهم بذلك القول من حجة { إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } يعني : يكذبون بغير حجة ، وقال مقاتل : في الآية تقديم ، يعني : عباد الرحمٰن إناثاً ، ما لهم بذلك من علم قوله عز وجل : { أَمْ ءاتَيْنَـٰهُمْ كِتَـٰباً مّن قَبْلِهِ } يعني : أنزلنا عليهم كتاباً ، من قبل هذا القرآن { فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } يعني : آخذون به عاملون ، اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به النفي قوله عز وجل : { بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } يعني : لكنهم قالوا إنا وجدنا آباءنا على دين وملة ، وقال القتبي : أصل الأمة الجماعة والصنف كقوله : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَـٰلُكُمْ } [ الأنعام : 38 ] ثم يستعار في أشياء ، منها الدين كقوله { إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } أي على دين ، لأن القوم كانوا يجتمعون على دين واحد ، فتقام الأمة مكان الدين ، ولهذا قيل للمسلمين : أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنهم على ملة واحدة وهي الإسلام ، وروى مجاهد وعمر بن عبد العزيز أنهما قرآ ( إِمَّةٍ ) بكسر الألف أي على نعمة ، ويقال على هيئة وقراءة العامة بالضمة ، يعني : على دين وروى أبو عبيدة عن بعض أهل اللغة أن الأُمَّةِ والأمة لغتان ، ثم قال : { وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ } يعني : مستيقنين { وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا } يعني : جبابرتها { إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } يعني : بسنتهم مقتدون ، أي : بأعمالهم ، قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - { قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ } يعني : أليس هذا الذي جئتكم به هو أهدى { مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءابَاءكُمْ } يعني : بأصوب وأبين من ذلك ، قرأ ابن عامر وعاصم في رواية حفص ( قَالَ أَوَلَوْ ) على معنى الخبر ، والباقون ( قُلْ ) بلفظ الأمر ، وقرأ أبو جعفر المدني ( جِئْنَاكُم ) بلفظ الجماعة { قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَـٰفِرُونَ } يعني : إن الجبابرة قالوا لرسلهم إنا بما أرسلتم به جاحدون .