Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 5-14)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذّكْرَ صَفْحاً } يعني : أفندع ونترك أن نرسل إليكم الوحي مبهماً ، لا آمركم ولا أنهاكم ، وقال القتبي معناه : أن أمسك عنكم فلا أذكركم إعراضاً ، يقال : صفحت عن فلان إذا أعرضت عنه ، وقال مجاهد معناه : تكذبون بالقرآن ولا تعاقبون فيه ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر { أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } بنصب الألف ، وقرأ الباقون بالكسر فمن قرأ بالنصب فمعناه : أفنضرب عنكم ذكر العذاب بأن أسرفتم يعني : أشركتم وعصيتم ، ويقال : أفنضرب عنكم ذكر العذاب لأن أسرفتم وكفرتم ، ومن قرأ بالكسر فمعناه : إن كنتم قوماً مسرفين ، ويقال : هو على معنى : الاستقبال ، ومعناه إن تكونوا مسرفين نضرب عنكم الذكر ثم قال عز وجل : { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيّ فِى ٱلأَوَّلِينَ } يعني : كم بعثنا من نبي في أمر الأمم الأولين كما أرسلنا إلى قومك { وَمَا يَأْتِيهِم مّنْ نَّبِىّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } يعني : يسخرون منه قوله تعالى : { فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً } يعني : من كان أشد منهم قوة { وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ } يعني : سنة الأولين بالهلاك قوله تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } يعني : المشركين { مِنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } يعني : يقولون خلقهن الله تعالى الذي هو العزيز في ملكه ، العليم بخلقه ، فزادهم الله تعالى في جوابهم فقال : { ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } قرأ حمزة والكسائي وعاصم مَهْداً والباقون مَهاداً بالألف ، يعني : قراراً للخلق { وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } يعني : طرقا { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } يعني : لكي تعرفوا طرقها من بلد إلى بلد ، ويقال : لَعَلَّكُم تَهْتَدُونَ يعني : لكي تعرفوا هذه النعم ، وتأخذوا طريق الهدى ، ثم ذكرهم النعم فقال عز وجل : { وَٱلَّذِى نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاءً بِقَدَرٍ } يعني : بمقدار ووزن { فَأَنشَرْنَا بِهِ } يعني : أحيينا بالمطر { بَلْدَةً مَّيْتاً } يعني : أرضاً ميتة لا نبات فيها { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } أنتم من قبوركم قوله تعالى : { وَٱلَّذِى خَلَقَ ٱلأَزْوٰجَ كُلَّهَا } يعني : الأصناف كلها من النبات ، والحيوان ، وغير ذلك { وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَـٰمِ مَا تَرْكَبُونَ } يعني : جعل لبني آدم من السفن ، والإبل والدواب ما يركبون عليها ثم قال : { لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ } يعني : لتركبوا ظهور الأنعام ، ولم يقل ظهورها ؟ لأنه انصرف إلى المعنى وهو جنس الأنعام { ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ } يعني : إذا ركبتم فتحمدوا الله تعالى { وَتَقُولُواْ } عند ذلك { سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا } يعني : ذلل لنا هذا { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } يعني : مطيعين وقال أهل اللغة : أنا مقر لك أي مطيق لك ، ويقال مقرنين : أي مالكين ، ويقال : ضابطين ثم قال : { وَإِنَّا إِلَىٰ رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ } يعني : راجعين إليه في الآخرة ، وقد روى عثمان بن الأسود عن مجاهد أنه قال : إذا ركب الرجل دابته ولم يذكر اسم الله تعالى ركب الشيطان من ورائه ، ثم صك في قفاه ، فإن كان يحسن الغناء قال له تغن ، وإن كان لا يحسن الغناء قال له تمن ، يعني : تكلم بالباطل وعن علي بن ربيعة أنه قال : كنت رديفاً لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ، فلمَّا استوى ، قال : الحمد لله ، ثم قال سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا ، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ، وَإنَّا إلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ .