Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 63-76)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَمَّا جَاء عِيسَىٰ بِٱلْبَيّنَـٰتِ } يعني : بالآيات والعلامات ، وهو إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص ، ويقال : بالبينات يعني : بالإنجيل { قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ } يعني : بالنبوة { وَلأُبَيّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } قال بعضهم يعني : كل الذي تختلفون فيه ، وقال بعضهم : معناه لأبين تحليل بعض الذي تختلفون فيه ، كقوله { وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } [ آل عمران : 50 ] وكانوا في ذلك التحريم مختلفين ، فمصدق ومكذب { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } فيما آمركم به من التوحيد قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ } يعني : خالقي وخالقكم { فَٱعْبُدُوهُ } يعني : وحدوه وأطيعوه { هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ } يعني : دين الإسلام { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ } أي تفرقوا في أمر عيسى ، وهم النسطورية ، والماريعقوبية ، والملكانية ، وقد ذكرناه من قبل ، ويقال : الأحزاب ، تحزبوا وتفرقوا في أمر عيسى ، وهم اليهود فقالوا فيه قولاً عظيماً ، وفي أمه فقالوا إنه ساحر ، ويقال اختلفوا في قتله { فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعني : أشركوا { مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } يعني : عذاب يوم شديد قوله تعالى : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ } يعني : ما ينظرون إذا لم يؤمنوا إلا الساعة { أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } يعني : فجأة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بقيامها قوله تعالى : { ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } قال مجاهد : الأخلاء في معصية الله تعالى في الدنيا يومئذٍ متعادين في الآخرة { إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } الموحدين قال مقاتل : نزلت في أبي بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، وقال الكلبي : كل خليل في غير طاعة الله فهو عدوٌّ لخليله ، وروى عبيد بن عمير قال : كان لرجل ثلاثة أخلاء بعضهم أخص به من بعض ، فنزلت به نازلة ، فلقي أخص الثلاثة فقال يا فلان إني قد نزل بي كذا وكذا ، وإني أحب أن تعينني ، فقال له ما أنا بالذي أعينك ولا أنفعك فانطلق إلى الذي يليه ، فقال له : أنا معك حتى أبلغ المكان الذي تريده ثم رجعت وتركتك ، فانطلق إلى الثالث فقال له أنا معك حيثما دخلت ، قال : فالأول ماله ، والثاني أهله وعشيرته ، والثالث عمله ، وروى أبو إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن قوله { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } فقال : خليلان مؤمنان ، وخليلان كافران ، فتوفي أحد المؤمنين فيثني على صاحبه خيراً ، ثم يموت الآخر ، فيجمع بين أرواحهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه نعم الأخ ونعم الصاحب ، ويموت أحد الكافرين فيثني على صاحبه شراً ، ثم يموت الآخر ، فيجمع بين أرواحهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه بئس الأخ وبئس الصاحب قوله تعالى : { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } يعني : يوم القيامة ، ثم وصفهم فقال : { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِـئَايَـٰتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } يعني : مخلصين بالتوحيد قوله تعالى : { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ تُحْبَرُونَ } يعني : تكرمون وتنعمون ، ويقال : ترون ، والحبرة : السرور قوله تعالى : { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ مّن ذَهَبٍ } قال كعب : يطاف عليهم بسبعين ألف صحفة من ذهب في كل صحفة لون وطعام ليس في الأخرى ، والصحفة هي القصعة { وَأَكْوابٍ } وهي الأباريق التي لا خراطيم لها يعني : مدورة الرأس ، ويقال التي لا عُرى لها ، واحدها كوب { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ } يعني : تتمنى كل نفس { وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ } من النظر إليها { وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُون وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ } يعني : هذه الجنة { ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا } يعني : أنزلتموها { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يعني : دخلتموها برحمة الله تعالى ، بإيمانكم ، واقتسمتموها بأعمالكم { لَكُمْ فِيهَا فَـٰكِهَةٌ كَثِيرَةٌ } لا تنقطع ، لقوله { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } [ الواقعة : 33 ] { مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } أي : من الفواكه ، متى تشاؤوا ، ثم وصف المشركين فقال : { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ } يعني : المشركين { فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ } أي دائمون لا يموتون ولا يخرجون { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } يعني : لا ينقطع عنهم العذاب طرفة عين { وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } يعني : آيسين من رحمة الله تعالى قوله تعالى : { وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ } يعني : لم نعذبهم بغير ذنب { وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } لأنهم كانوا يستكبرون عن الإيمان .