Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 9-16)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { بَلْ هُمْ فِى شَكّ يَلْعَبُونَ } يعني : يستهزؤون ويقال هذا جواب قوله إن كنتم موقنين فكأنه قال لا يوقنون بل هم في شك يلعبون يعني : يخوضون في الباطل قوله تعالى : { فَٱرْتَقِبْ } يعني : فانتظر يا محمد { يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } يعني الجدب والقحط ، قال القتبي : سمي الجدب ، والقحط دخاناً وفيه قولان : أحدهما أن الجائع كأنه يرى بينه وبين السماء دخاناً من شدة الجوع والثاني : أنه سمي القحط دخاناً ليبس الأرض ، وانقطاع النبات ، وارتفاع الغبار ، فشبه بالدخان ، وروى الأعمش عن مسلم ابن صبيح عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : « خمس مضين الدخان ، واللزام ، يعني العذاب الأكبر ، والروم ، والبطشة ، والقمر وروي عن الأعمش عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : بينما رجل يحدث في المسجد فسئل عن قوله { يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } فقال إذا كان يوم القيامة نزل دخان من السماء فأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ، وأخذ المؤمنون منه بمنزلة الزكام ، قال مسروق فدخلت على عبد الله فأخبرته وكان متكئاً فاستوى قاعداً ثم أنشأ فقال : يا أيها الناس من كان عنده علم فسئل عنه فليقل به ، ومن لم يكن عنده علم فليقل الله أعلم ، إن قريشاً حين كذبوه يعني : - صلى الله عليه وسلم - دعا عليهم فقال " اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها سنين كسني يوسف عليه السلام " فأصابهم سنة ، وشدة الجوع حتى أكلوا الكلاب والجيف والعظام حتى كان يرى أحدهم كان بينه وبين السماء دخاناً . فذلك قوله { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } يعني انتظر بهلاكهم يوم تأتي السماء بدخان مبين { يَغْشَى ٱلنَّاسَ } يعني أهل مكة { هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } يعني يقولون هذا الجوع عذاب أليم ، ثم إن أبا سفيان وعتبة بن ربيعة ، والعاص بن وائل وأصحابهم قالوا يا رسول الله استسق الله لنا فقد أصابنا شدة قوله تعالى : { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ } يعني الجوع { إِنَّا مْؤْمِنُونَ أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذّكْرَىٰ } يعني من أين لهم التوبة والعظة والتذكرة { وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } بلغتهم ومفقه لهم { ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ } يعني أعرضوا عما جاء به فلم يصدقوه ، ومع ذلك { وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } يعلمه جبر ويسار أسماء الرجلين غلامي الخضر { إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ } إلى المعصية ، فعادوا ، فانتقم منهم يوم بدر فذلك قوله { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } يعني نعاقب العقوبة العظمى { إِنَّا مُنتَقِمُونَ } منهم بكفرهم ، ويقال { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } يعني يوم القيامة ، ويقال آية الدخان لم تمض وستكون في آخر الزمان ، وروى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال : لم تمض آية الدخان ، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام ، وينتفخ الكافر حتى يصير كهيئة الجمل ، وروى ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال : " أخْبِرْتُ أنَّ الكَوْكَب ذَا الذَّنب قد طَلَعَ ، فَخَشِيتُ أنْ يَكونَ الدُّخَانَ قَد طَرق " ويقال هذا كله يوم القيامة إذا خرجوا من قبورهم ، تأتي السماء بدخان مبين ، محيط بالخلائق فيقول الكافرون { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ } أي ردنا إلى الدنيا { إِنَّا مْؤْمِنُونَ } يقول الله تعالى من أين لهم الرجعة وقد جاءهم رسول مبين فلم يجيبوه .