Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 24-32)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءانَ } يعني : أفلا يسمعون القرآن ويعتبرون به ، ويتفكرون فيما أنزل الله تعالى فيه من وعد ووعيد ، وكثرة عجائبه ، حتى يعلموا أنه من الله تعالى وتقدس { أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } يعني : بل على قلوب أقفالها ، يعني : أقفل على قلوبهم ومعناه أن أعمالهم لغير الله ختم على قلوبهم قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَـٰرِهِمْ } يعني : رجعوا إلى الشرك { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى } يعني : من بعد ما ظهر لهم الإسلام ، قال قتادة { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَـٰرِهِمْ } وهم أهل الكتاب عرفوا نعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكفروا به ، ويقال نزلت في المرتدين ثم قال عز وجل : { ٱلشَّيْطَـٰنُ سَوَّلَ لَهُمْ } يعني : زين لهم ترك الهدى ، وزين لهم الضلالة { وَأَمْلَىٰ لَهُمْ ذٰلِكَ } قرأ أبو عمرو : { وَأُمْلِىَ } بضم الألف وكسر اللام وفتح الياء على معنى فعل ما لم يسم فاعله ، والباقون { وَأَمْلَى } بنصب اللام والألف ، يعني : أمهل الله لهم فلم يعاقبهم حين كذبوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - ، ويقال زين لهم الشيطان وأملى لهم الشيطان يعني : خيل لهم تطويل المدة والبقاء ، وقرأ يعقوب الحضرمي ( وَأُمْلِي ) بضم الألف وكسر اللام وسكون الياء ، ومعناه أنا أملي يعني : أطول لهم المدة ، كما قال : { إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً } ثم قال ذلك يعني : اللعن والصمم والعمى والتزين والإملاء { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ } وهم المنافقون قالوا ليهود بني قريظة والنضير ، وهم الذين كرهوا ما نزل الله ، يعني تركوا الإيمان بما أنزل الله من القرآن { سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ ٱلأَمْرِ } يعني : سنغنيكم في بعض الأمر { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } فيما قالوا فيما بينهم قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص ( إِسْرَارَهُم ) بكسر الألف ، والباقون بالنصب فمن قرأ بالنصب فهو جمع السر ، ومن قرأ بالكسر فهو مصدر أسررت إسراراً ، ويقال : سر وأسرار ، ثم خوفهم فقال الله تعالى { فَكَيْفَ } يعني : كيف يصنعون { إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } يعني : تقبض أرواحهم الملائكة ، ملك الموت وأعوانه { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـٰرَهُمْ } يعني : عند قبض الأرواح ، ويقال يعني يوم القيامة في النار { ذٰلِكَ } أي ذلك الضرب الذي نزل بهم عند الموت وفي النار { بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَا أَسْخَطَ ٱللَّهَ } يعني : اتبعوا الكفر ، وتكذيب محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ } يعني : عملوا بما لم يرض الله به ، وتركوا العمل بما يرضي الله تعالى { فَأَحْبَطَ أَعْمَـٰلَهُمْ } يعني : أبطل ثواب أعمالهم قوله تعالى : { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } يعني : أيظن أهل النفاق والشك { أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَـٰنَهُمْ } يعني : لم يظهر الله نفاقهم ، ويقال : يعني الغش الذي في قلوبهم للمؤمنين وعداوتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - { وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَـٰكَهُمْ } يعني : لعرفتك المنافقين وأعلمتك { فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَـٰهُمْ } يعني : بعلاماتهم الخبيثة ، ويقال : { فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَـٰهُمْ } إذا رأيتهم ، ويقال : لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة فلعرفتهم بسيماهم ، يعني : حتى عرفتهم { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } يعني : ستعرفهم يا محمد بعد هذا اليوم في لحن القول يعني في محاورة الكلام ، ويقال { فِى لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } يعني : كذبهم إذا تكلموا ، فلم يخفَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية منافق عنده إلا عرفه بكلامه ثم قال : { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَـٰلَكُمْ } يعني : لم يخف عليه أعمالكم قبل أن تعملوها فكيف يخفى عليه إذا عملتموها { وَلَنَبْلُوَنَّكُم } يعني لنختبرنكم عند القتال { حَتَّىٰ نَعْلَمَ } أي نميز { ٱلْمُجَـٰهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّـٰبِرِينَ } يعني : صبر الصابرين عند القتال { وَنَبْلُوَ أَخْبَـٰرَكُمْ } يعني : نختبر أعمالكم ، ويقال : أسراركم ، قرأ عاصم في رواية أبي بكر { وَلَيَبْلُونَّكُم حَتَّى يَعْلَمَ وَيَبْلُوَا } الثلاثة كلها بالياء ، يعني : يختبركم الله والباقون الثلاثة كلها بالنون على معنى الإضافة إلى نفسه قوله عز وجل : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني : جحدوا { وَصُدُّواْ } يعني : صرفوا الناس عن دين الإسلام { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال مقاتل : يعني : اليهود ، وقال الكلبي : يعني رؤساء قريش حيث شاقوا أهل التوحيد { وَشَاقُّواْ ٱلرَّسُولَ } يعني : عادوا الله تعالى ورسوله ، وخالفوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدين { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى } يعني : الإسلام وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه الحق { لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } يعني : لن ينقصوا الله من ملكه شيئاً ، بكفرهم ، بل يضروا بأنفسهم { وَسَيُحْبِطُ أَعْمَـٰلَهُمْ } يعني : يبطل ثواب أعمالهم التي عملوا في الدنيا فلا يقبلها منهم .