Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 15-20)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال عز وجل : { سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ } يعني الذين تخلفوا عن الحديبية { إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا } يعني إلى غنائم خيبر { ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ } يعني اتركونا نتبعكم في ذلك الغزو { يُرِيدُونَ أَن يُبَدّلُواْ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ } يعني يغيروا كلام الله ، يعني ما قال الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - لا تأذن لهم في غزاة أخرى ، قرأ حمزة والكسائي ( كَلِمَ اللَّهِ ) وهو جمع بكلمة ، والباقون ( كَلاَمَ ٱللَّهِ ) والكلام : اسم لكل ما يتكلم به { قُل لَّن تَتَّبِعُونَا } في المسير إلى خيبر إلاَّ متطوعين من غير أن يكون لكم شرك في الغنيمة { كَذَلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ } يعني من قبل الحديبية { فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا } يعني يقولون للمؤمنين إن الله لم ينهكم عن ذلك بل تحسدوننا على ما نصيب معكم من الغنائم ، قال الله تعالى { بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } أي لا يعقلون ولا يرغبون في ترك النفاق لا قليلاً ولا كثيراً ، ويقال بل كانوا لا يفقهون النهي من الله تعالى إلا قليلاً منهم قوله عز وجل { قُل لّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ } يعني الذين تخلفوا عن الحديبية مخافة القتال { سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ } يعني قتال شديد ، قال بعضهم : يعني قتال أهل اليمامة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، قاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وقال مجاهد : ( إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ ) يعني أهل الأوثان ، وقال أيضاً هم أهل فارس وكذا قال عطاء ، وقال سعيد بن جبير : هوازن وثقيف ، وقال الحسن : فارس والروم { تُقَـٰتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ } قرأ بعضهم ( أَوْ يُسْلِمُوا ) بألف من غير نون ، وقراءة العامة بالنون ، فمن قرأ ( أَوْ يُسْلِمُوا ) يعني حتى يسلموا أو إلى أن يسلموا ، ومن قرأ بالنون فمعناه : تقاتلونهم أو هم يسلمون { فَإِن تُطِيعُواْ } يعني تجيبوا وتوقعوا القتال ، وتخلصوا لله تعالى { يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً } يعني ثواباً حسناً في الآخرة { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مّن قَبْلُ } يعني تعرضوا عن الإجابة كما أعرضتم يوم الحديبية { يُعَذّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } يعني شديداً دائماً ، فلما نزلت هذه الآية قال أهل الزمانة والضعفاء فكيف بنا إذا دعينا إلى قتالتهم ولا نستطيع الخروج ، فيعذبنا الله ؟ فنزل قوله : { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ } وهذا قول الكلبي ، وقال مقاتل : نزل العذر في الذين تخلفوا عن الحديبية { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ } يعني ليس عليهم إثم في التخلف { وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ } يعني إثم { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } في الغزو ، ويقال : ومن يطع الله ورسوله في الغزو في السر والعلانية { يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } وقد ذكرناه { وَمَن يَتَوَلَّ } يعني يعرض عن ذلك ، يعني عن طاعة الله ورسوله بالتخلف { يُعَذّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً } يعني شديداً دائماً ، قرأ نافع وابن عامر ( نُدْخِلْهُ وَنُعَذِّبْهُ ) كلاهما بالنون ، والباقون كلاهما بالياء ، وكلاهما يرجع إلى معنى واحد قوله تعالى { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } يعني شجرة السمرة ، ويقال : أم غيلان ، قال قتادة : بايعوهُ يومئذ وهم ألف وأربعمائة رجل ، وكان عثمان يومئذٍ بمكة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " إن عثمان في حاجة الله ، وحاجة رسوله ، وحاجة المؤمنين ، ثم وضع إحدى يديه على الأخرى وقال : هذه بيعة عثمان " { فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ } أي ما في قلوبهم من الصدق والوفاء وهذا قول ابن عباس ، وقال مقاتل : فعلم ما في قلوبهم من الكراهية للبيعة على أن يقاتلوا ولا يفروا { فَأنزَلَ } الله { ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ } يعني أنزل الله تعالى الطمأنينة والرضى عليهم { وَأَثَـٰبَهُمْ } يعني أعطاهم { فَتْحاً قَرِيباً } يعني فتح خيبر { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا } يعني يغنمونها { وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } حكم عليهم بالقتل والسبي ، ويقال حكم الغنيمة للمؤمنين ، والهزيمة للكافرين ثم قال { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } يعني تغنمونها ، وهو ما أصابوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وبعده إلى يوم القيامة ، وقال ابن عباس : هي هذه الفتوح التي تفتح لكم { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } يعني فتح خيبر ، قرأ بعضهم ( وَأَتَاهُمْ ) أي أعطاهم ، وقراءة العامة ( وأثابهم ) يعني كافأهم قوله تعالى { وَكَفَّ أَيْدِىَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ } يعني أيدي أهل مكة ويقال أسد وغطفان أرادوا أن يعينوا أهل خيبر فدفعهم الله عن المؤمنين ، فصالحوا النبي - صلى الله عليه وسلم - على ألا يكونوا له ولا عليه ثم قال { وَلِتَكُونَ ءايَةً لّلْمُؤْمِنِينَ } يعني عبرة للمؤمنين ، وهو فتح خيبر ، لأن المسلمين كانوا ثمانية آلاف ، وأهل خيبر كانوا سبعين ألفاً ثم قال { وَيَهْدِيَكُمْ صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً } يعني يرشدكم ديناً قيماً وهو دين الإسلام .