Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 15-17)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال عز وجل : { يَا أهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا } يعني محمد - صلى الله عليه وسلم - { يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني يكتمون ما بين في التوراة ، وذلك أنهم كتموا آية الرجم ، وتحريم الخمر ، وأكل الربا ، ونعت محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } يعني يتجاوز عن كثير ، ولا يخبركم به وذكر أن رجلاً من أحبارهم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال : ما هذا الذي عفوت عنا ؟ فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه - صلى ولم يبين ، وإنما أراد اليهودي أن يظهر مناقضة كلامه ، أنه لم يترك شيئاً ، وقد بينه كله فلما لم يبين له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام من عنده وذهب وقال لأصحابه : أرى أنه صادق فيما يقول ، لأنه كان وجد في كتابه ، أنه لا يبين له ما سأله . ثم قال تعالى : { قَدْ جَاءكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ } يعني ضياء من الضلالة وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن والنور هو الذي يبين الأشياء ، ويرى الأبصار حقيقتها ، فيسمى القرآن نوراً ، لأنه يقع في القلوب مثل النور ، لأنه إذا وقع في قلبه يبصر به ، ثم قال : { وَكِتَـٰبٌ مُّبِينٌ } يعني القرآن يبين لكم الحق من الباطل . قوله تعالى : { يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ } يعني بالقرآن { مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ } يعني مَنْ طلب الحق ورغب فيه ، { سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ } يعني دين الله الإسلام ، والسبل ، جماعة السبيل ، وهو الطريق ، يعني به طريق الهدى ، والسلام اسم من أسماء الله تبارك وتعالى ، يعني هو دين الله وتعالى . ثم قال : { وَيُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ } يعني يخرج من قلوبهم حلاوة الكفر ، ويدخل فيها حلاوة الإيمان ويوفقهم لذلك { وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } يعني يوفقهم إلى دين الإسلام قوله تعالى : { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } ثم قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - : { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } يقول : من يقدر أن يمنع من عذاب الله شيئاً { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ، وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } يعني لو أراد الله أن يهلك عيسى وأمه وجميع الخلق ، ولا يقدر عيسى على رد ذلك . فكيف يكون إلهاً وهو لا يقدر على دفع الهلاك عن نفسه ، ثم قال : { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } يعني خزائن السموات والأرض ، وجميع الخلق عبيده وإماؤه ، وحكمه نافذ فيهم ، ثم قال : { يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } لأن نصارى أهل نجران كانوا يقولون : لو كان عيسى بشراً كان له أب ، فأخبر الله تعالى على أنه قادر على أن يخلق خلقاً بغير أب . { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من خلق عيسى وغيره .