Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 12-22)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْم نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ } والرس : بئر دون اليمامة ، وإن عليها قوماً كذبوا رسلهم فأهلكهم الله تعالى { وَثَمُودُ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوٰنُ لُوطٍ } يعني قومه { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ } يعني قوم شعيب { وَقَوْمُ تُّبَّعٍ } يعني قوم حمير ، ويقال : تبع كان اسم ملك ، وروى وكيع عن عمران بن جرير عن أبي مجلز قال جاء عبد الله بن عباس ، إلى عبد الله بن سلام فسأله عن تبع فقال : كان تبع رجلاً من العرب ظهر على الناس وسبا على فتية من الأحبار ، فكان يحدثهم ويحدثونه ، فقال قومه إن تبعاً ترك دينكم ، وتابع الفتية ، فقال تبع للفتية : ألا ترون إلى ما قال هؤلاء ؟ فقالوا : بيننا وبينهم النار التي تحرق الكاذب ، وينجو منها الصادق ، قال نعم ، فقال تبع للفتية : ادخلوها ، فتقلدوا مصاحفهم ثم دخلوها ، فانفرجت لهم حتى قطعوها ، ثم قال لقومه ادخلوها فلما دخلوا وجدوا حر النار ، كفوا ، فقال لهم لتدخلنها ، فدخلوها فلما توسطوا ، أحاطت بهم النار فأحرقتهم ، وأسلم تبع وكان رجلاً صالحاً ، ويقال كان اسمه سعد بن ملكي كرب ، وكنيته أبو كرب { كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ } يعني جميع هؤلاء كذبوا رسلهم { فَحَقَّ وَعِيدِ } يعني وجب عليهم عذابي ، معناه : فاحذروا يا أهل مكة مثل عذاب الأمم الخالية فلا تكذبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال عز وجل : { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ } قال مقاتل : يعني : أعجزنا عن الخلق الأول حين خلقناهم ولم يكونوا شيئاً ، [ فكذلك نخلقهم ونبعثهم ، أي ما عيينا عن ذلك ، فكيف نعيي عن بعثهم ، ويقال : معناه أعيينا خلقهم الأول ولم يكونوا شيئاً لأن الذي قد كان فإعادته أيسر في رأي العين ، من الابتداء ، يقال : عييت بالأمر إذا لم تعرف وجهه ، وقال الزجاج : هذا تقرير تقرر لأنهم اعترفوا في الابتداء أن الله عز وجل خلقهم ولم يكونوا شيئاً ، ثم قال { بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍ مّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } يعني في شك من البعث بعد الموت ، ويقال بل أقاموا على شكهم قوله عز وجل { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ } يعني جنس الإنسان ، وأراد به جميع الخلق { وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } يعني ما يحدث به قلبه ، ويتفكر في قلبه { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } يعني في القدرة عليه ، وحبل الوريد : عرق يخالط القلب ويقال هو العرق الذي داخل العنق ، الذي هو عرق الروح فأعلمه الله تعالى أنه أقرب إليه من ذلك العرق ، ويقال : الوريدان عرقان بين الحلقوم والعلباوين ، والحبل هو الوريد ، وأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظي اسميه قوله عز وجل { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقّيَانِ } يعني يكتب الملكان عمله ومنطقه ، يعني يتلقيان منه ويكتبان ، وقال أهل اللغة : تلقى وتلقف بمعنى واحد { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشّمَالِ قَعِيدٌ } يعني عن يمين ابن آدم وعن شماله قاعدان ، أحدهما عن يمينه . والآخر عن شماله ، وصاحب اليمين موكل على صاحب الشمال ، اثنان بالليل واثنان بالنهار ، وكان في الأصل قعيدان ولكن اكتفى بذكر أحدهما فقال : قعيد ثم قال عز وجل { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ } يعني ما يتكلم ابن آدم بقولٍ { إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } يعني عنده حافظ حاضر ، وقال الزجاج : عتيد أي ثابت لازم قوله تعالى { وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } يعني جاءت غمرته بالحق أنه كائن ، ويقال : جاءت نزعات الموت بالحق ، يعني بالسعادة والشقاوة ، يعني يتبين له عند الموت ، ويقال فيه تقديم ومعناه : جاءت سكرة الحق بالموت ، روي عن أبي بكر الصديق أنه كان يقرأ " وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالمَوْتِ { ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } يعني يقال له هذا الذي كنت تخاف منه وتكره ، ويقال ذلك اليوم الذي كنت تفر منه { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } يعني النفخة الأخيرة وهي نفخة البعث { ذَلِكَ يَوْمَ ٱلْوَعِيدِ } يعني العذاب في الآخرة { وَجَاءتْ } أي جاءت يوم القيامة { كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } سائق : يسوقها إلى المحشر ، ويسوقها إلى الجنة أو إلى النار ، وشهيد : يعني الملك يشهد عليها ، وقال القتبي : السائق هاهنا : قرينها من الشياطين يسوقها ، سمي سائقاً لأنه يتبعها ، والشهيد : الملك ، ويقال : الشاهد أعضاؤه ، ويقال : الليل والنهار والبقعة تشهد عليه ، ويقال له { لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مّنْ هَـٰذَا } يعني من هذا اليوم فلم تؤمن به ، وقد ظهر عندك بالمعاينة { فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ } يعني غطاء الآخرة ، ويقال أريناك ما كان مستوراً عنك في الدنيا ، ويقال : أريناك الغطاء الذي على أبصارهم ، كما قال : " على أبصارهم غشاوة " حيث لم يعقلوا { فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } أي : نافذ ، ويقال : شاخص بصره لا يطرف يديم النظر حين يعاين في الآخرة ما كان مكذباً به ، ويقال حديد : أي حاد ، كما يقال حفيظ يعني حافظ ، وقعيد بمعنى قاعد ، وقال الزجاج : هذا مثل ومعناه : إنك كنت بمنزلة من عليه غطاء فبصرك اليوم حديد ، يعني علمك بما أنت فيه نافذ .