Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 2-11)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { بَلْ عَجِبُواْ أَن جَاءهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ } يعني من أهل مكة { فَقَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا شَىْء عَجِيبٌ } يعني أمر عجيب أن يكون محمد رسولاً وهو من نسبهم قوله تعالى { أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً } بعد الموت نجدد ، بعدما متنا نصير خلقاً جديداً { ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } يعني رد طويل لا يكون أبداً ، ويقال رجع يرجع رجعاً إذا رجعه غيره ، ورجع يرجع رجوعاً إذا رجع بنفسه ، كقوله صد يصد صدوداً ، وصد يصد صداً ، { ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } أي ذلك صرف بعيد ، قوله تعالى { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضَ مِنْهُمْ } يعني ما تأكل الأرض من لحومهم وعروقهم ، وما بقي منهم ، ويقال : تأكل الأرض جميع البدن إلا العصعص ، وهو عجب الذنب ، وذلك العظم آخر ما يبقى من البدن ، فأول ما يعود ، ذلك العظم ، ويركب عليه سائر البدن { وَعِندَنَا كِتَـٰبٌ حَفِيظٌ } يعني اللوح المحفوظ قوله عز وجل : { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ } يعني كذبوا بالقرآن ، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم ، والبعث { لَمَّا جَاءهُمْ } أي حين جاءهم { فَهُمُ } يعني قريش { فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ } يعني في قول مختلف ملتبس ، المريج : أن يقلق الشيء فلا يستقر ، ويقال : مرج الخاتم في يدي مرجاً : إذا قلق للهزال ، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : { فَهُمْ فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ } أي من ترك الحق ، يقال : من ترك الحق أمرج عليه رأيه والتبس عليه دينه ، ثم دلهم على قدرته على بعثهم بعد الموت بعظيم خلقه الذي يدل على وحدانيته فقال { أَفَلَمْ يَنظُرُواْ إِلَى ٱلسَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَـٰهَا } بغير عمد { وَزَيَّنَّـٰهَا } بالكواكب { وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } يعني شقوق وصدوع وخلل قوله تعالى { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَـٰهَا } يعني بسطناها مسير خمسمائة عام من تحت الكعبة { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوٰسِيَ } يعني الجبال الثوابت ، قوله { وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } يعني حسن طيب من الثمار والنبات قوله تعالى { تَبْصِرَةً } يعني في هذا الذي ذكره من خلقه تبصرة لتبصروا به ، ويقال : عبرة ، { وَذِكْرَىٰ } يعني تفكراً وعظة { لّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } يعني مخلص بالتوحيد ، ويقال : راجع إلى ربه قوله تعالى { وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء مُّبَـٰرَكاً } يعني المطر ، فيه البركة ، حياة لكل شيء { فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّـٰتٍ } يعني البساتين { وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } يعني حين ما يخرج من سنبله ، ويقال : ما يحصد وما لا يحصد كل ما كان له حب ، ويقال هي الحبوب التي تحصد قوله عز وجل { وَٱلنَّخْلَ بَـٰسِقَـٰتٍ } يعني أطوال { لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } يعني الكفري ، نضيد يعني : مجتمع ، يقال : نضد بعضه على بعض ، ويقال ثمر منضود إذا كان متراكباً بعضه على بعض ، ويقال إنما يسمى نضيداً ما كان في الغلاف ، { رِّزْقاً لّلْعِبَادِ } يعني جعلناه طعاماً للخلق ، يعني الحبوب والثمر { وَأَحْيَيْنَا بِهِ } يعني بالماء { بَلْدَةً مَّيْتاً } إذا لم يكن فيها نبات ، فهذا كله صفات بركة المطر ثم قال { كَذٰلِكَ ٱلْخُرُوجُ } يعني هكذا الخروج من القبر ، كما أحييت الأرض الميتة بالنبات ، فكذلك لما ماتوا وبقيت الأرض خالية أمطرت السماء أربعين ليلة كمني الرجل فدخل في الأرض ، فتنبت لحومهم وعروقهم وعظامهم من ذلك ثم يحييهم ، فذلك قوله { كَذٰلِكَ ٱلْخُرُوجُ } ثم عزى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصبر على إيذاء الكفار يعني لا تحزن بتكذيب الكفار إياك لأنك لست بأول نبي وكل أمة كذبت رسلها مثل نوح وهود عليهم السلام وغيرهم فقال عز وجل { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْم نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ . … } .