Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 124-125)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَإِذَا جَاءتْهُمْ ءَايَةٌ } يعني الأكابر الذين سبق ذكرهم . ويقال : كفار مكة إذا جاءتهم علامة مثل انشقاق القمر وغيره { قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ } يعني لن نصدقك ولن نؤمن بالآية { حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ } أي مثل ما أعطى { رُسُلُ ٱللَّهِ } يعني محمداً - صلى الله عليه وسلم - من الآيات والعلامات . ويقال : لم نصدقك حتى يوحى إلينا كما أُوحي إلى الرسل وذلك أن الوليد بن المغيرة وأبا مسعود الثقفي قالا : لو أراد الله تعالى أن ينزل الوحي لأنزل علينا قال بعضهم : أرادوا به محمداً - صلى الله عليه وسلم - . وقال بعضهم : أرادوا به جميع الرسل . فقال الله تعالى : { ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } ومن يصلح للنبوة ومن لا يصلح فخص بها محمداً - صلى الله عليه وسلم - { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } يعني أشركوا { صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ } يعني مَذَلَّة وهوان عند الله أي من عند الله العذاب بالمستهزئين { وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ } يعني يكذبون بالرسل . قرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص : " حيث يجعل رسالته ) بلفظ الوحدان ، وقرأ الباقون : ( رسالاته ) بلفظ الجماعة . قوله تعالى : { يَمْكُرُونَ فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ } يعني من يرد الله أن يوفقه للإسلام ويهديه لدينه { يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ } يقول : يوسع قلبه ويلينه لقبول الإسلام ويدخل فيه نور الإسلام وحلاوته . وقال القتبي : يشرح صدره يعني يفتحه . قال الفقيه قال : حدثنا الخليل بن أحمد ، حدثنا الديبلي ، قال : حدثنا أبو عبيد الله ، عن سفيان ، عن خالد بن أبي كريمة عن عبد الله بن المسور : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لما نزلت هذه الآية { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ } قالوا : يا رسول الله فكيف ذلك ؟ قال : إذا دخل النور في القلب انشرح وانفسح قالوا : وهل لذلك من علامة يعرف به ؟ قال : " نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزول الموت " ثم قال تعالى : { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ } عن الإسلام فلا يقبله ويتركه بغير نور { يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً } عن الإسلام يعني غير موسع { حَرَجاً } يعني شاكاً . وقال ابن عباس : كالشجرة الملتفة بعضها في بعض لا يجد النور منفذاً ومجازاً ، قرأ ابن كثير ( ضيقاً ) بتخفيف الياء وجزمها وقرأ الباقون بالتشديد . وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر : ( حَرِجاً ) بكسر الراء ، وقرأ الباقون : بالنصب . فمن قرأ بالنصب فهو المصدر ، ومن قرأ بالكسر فهو النعت . ثم قال : { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَاءِ } يعني مثله كمثل الذي يتكلف الصعود إلى السماء وهو لا يستطيع فكذلك قلب الكافر لا يستطيع قبول الإسلام . قرأ ابن كثير ( يَصْعَد ) بجزم الصاد ونصب العين بغير تشديد ، من صَعَد يَصْعَد ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر : ( يَصَّاعد ) بالألف مع تشديد الصاد وتخفيف العين لأن أصله يتصاعد فأدغم التاء في الصاد . وقرأ الباقون : ( يَصَّعَّد ) بتشديد الصاد والعين بغير ألف لأن أصله يتصعد فأدغم التاء في الصاد . ثم قال : { كَذٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ } يعني العذاب { عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } بترك حلاوة الإيمان على الذين لا يرغبون في الإيمان . ويقال : الرجس في اللغة : هو اللعنة والعذاب .