Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 36-40)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ } على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم [ { ليصدوا عن سبيل الله } يعني ليصرفوا الناس عن دين الله وطاعته ] قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت الآية في المطعمين يوم بدر ، وهم الذين كانوا يطعمون أهل بدر حين خرجوا في طريقهم . قال الله تعالى { فَسَيُنفِقُونَهَا } وكانوا ثلاثة عشر رجلاً أطعموا الناس الطعام فكان على كل رجل منهم يوماً ، منهم أبو جهل وأخوه الحارث ابنا هشام وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ومنبه ونبيه ابنا الحجاج ، وأبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام وأبي بن خلف وغيرهم . يقول الله تبارك وتعالى " فَسَيُنفِقُونَهَا " { ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } ، يعني تكون نفقاتهم عليهم حسرة وندامة . لأنه تكون لهم زيادة العذاب فتكوى بها جنوبهم وظهورهم . وقال مجاهد : هو نفقة أبي سفيان على الكفار يوم أحد . وقال الحكم : أنفق أبو سفيان على المشركين يوم أحد أربعين أوقية ذهباً { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } يعني يهزمون ولا تنفعهم نفقتهم شيئاً . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } يعني إن القتل والهزيمة لم تكن كفارة لذنوبهم فيحشرون في الآخرة إلى جهنم . ثم قال تعالى { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيّبِ } يعني الخبيث من العمل والطيب من العمل { وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ } قول الكلبي . وقال مقاتل : ليميز الله الكافرين من المؤمنين ويجعل في الآخرة الخبيثة أنفسهم ونفقاتهم وأقوالهم فيركم ، بعضه على بعض جميعاً فيجعله في جهنم . ويقال ليميز الله الخبيث من الطيب بين نفقة المؤمنين ونفقة المشركين فيقبل نفقة المؤمنين ويثيبهم على ذلك ويجعل نفقة الكفار وبالاً عليهم ويجعل ذلك سبباً لعقوبتهم فتكوى بها جباههم . وقال القتبي فيركمه أي يجعله ركاماً بعضه على بعض ثم قال { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } أي : المغبونين في العقوبة . قرأ حمزة والكسائي لِيُمَيِّزَ اللَّهُ بضم الياء مع التشديد والباقون لِيَمِيزَ بالنصب مع التخفيف . ومعناهما واحد . مَازَ يُميِزُ وَمَيَّزَ يُمَيِّزُ . قوله تعالى { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني أبا سفيان وأصحابه ومن كان في مثل حالهم إلى يوم القيامة { إِنْ يَنْتَهُواْ } عن الشرك وعن قتال محمد وعن المؤمنين { يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ } يعني يتجاوز عنهم ما سلف من ذنوبهم وشركهم { وَإِن يَعُودُواْ } إلى قتال محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ ٱلأوَّلِينَ } بنصرة أوليائه وقهر أعدائه ، ويقال يعني القتل . بحذرهم بالعقوبة لكيلا يعودوا فيصيبهم مثل ما أصابهم . وقال الكلبي : فقد مضت سنة الأولين أن ينصر الله أنبياءه ومن آمن معهم كقوله { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [ غافر : 51 ] . ثم حث المؤمنين على قتال الكفار فقال تعالى { وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } يعني لا يكون الشرك بمكة ، ويقال حتى لا يتخذوا شركاء ويوحدوا ربهم { وَيَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلهِ } يعني يظهر دين الإسلام ولا يكون دين غير دين الإسلام { فَإِنِ انْتَهَوْا } عن الشرك وعن عبادة الأوثان وقتال المسلمين { فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فينبئهم بأعمالهم { وَإِن تَوَلَّوْاْ } يعني أبوا وأعرضوا عن الإيمان يا معشر المسلمين { فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ } يعني حافظكم وناصركم . ثم قال { نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } يعني الحفيظ والمانع . قوله تعالى : { وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا … }