Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 50-52)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وقال الملك ائتوني به } يعني يوسف عليه السلام . { فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك } يعني الملك . { فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } وإنما توقف عن الخروج مع طول حبسه ليظهر للملك عذره قبل حضوره فلا يراه مذنباً ولا خائناً . فروى أبو الزناد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يرحم الله يوسف إنه كان ذا أناةٍ لو كنت أنا المحبوس ثم أُرسل لخرجت سريعاً " . وفي سؤاله عن النسوة اللاتي قطعن أيديهن دون امرأة العزيز ثلاثة أوجه : أحدها : أن في سؤاله عنها ظنَّةً ربما صار بها متهماً . والثاني : صيانة لها لأنها زوج الملك فلم يتبذلها بالذكر . الثالث : أنه أرادهن دونها لأنهن الشاهدات له عليها . { إن ربي بكيدهن عليم } فيه وجهان : أحدهما : معناه إن الله بكيدهن عليم . الثاني : أن سيدي الذي هو العزيز بكيدهن عليم . قوله عز وجل : { قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه } فهذا سؤال الملك قد تضمن تنزيه يوسف لما تخيله من صدقه لطفاً من الله تعالى به حتى لا تسرع واحدة منهن إلى التكذب عليه . وفي قوله : { راودتن } وإن كانت المراودة من إحداهن وجهان : أحدهما : أن المراودة كانت من امرأة العزيز وحدها فجمعهن في الخطاب وإن توجه إليها دونهن احتشاماً لها . الثاني : أن المراودة كانت من كل واحدة منهن . { قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوءٍ } فشهدن له بالبراءة من السوء على علمهن لأنها شهادة على نفي ، ولو كانت شهادتهن على إثبات لشهدن قطعاً ، وهكذا حكم الله تعالى في الشهادات أن تكون على العلم في النفي ، وعلى القطع في الإثبات . { قالت امرأة العزيز الآنَ حصحص الحق } معناه الآن تبين الحق ووضح ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة . وأصله مأخوذ من قولهم حَصّ شعره إذا استأصل قطعه فظهرت مواضعه ومنه الحصة من الأرض إذا قطعت منها . فمعنى حصحص الحق أي انقطع عن الباطل بظهوره وبيانه . وفيه زيادة تضعيف دل عليها الاشتقاق مثل قوله : ( كبوا ، وكبكبوا ) قاله الزجاج . وقال الشاعر : @ ألا مبلغ عني خداشاً فإنه كذوب إذا ما حصحص الحق ظالم @@ { أنا راودته عن نفسه ، وإنه لمن الصادقين } وهذا القول منها وإن لم تسأل عنه إظهار لتوبتها وتحقيق لصدق يوسف ونزاهته لأن إقرار المقر على نفسه أقوى من الشهادة عليه ، فجمع الله تعالى ليوسف في إظهار صدقه الشهادة والإقرار حتى لا يخامر نفساً ظن ولا يخالجها شك . قوله عز وجل : { ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه قول امرأة العزيز عطفاً على ما تقدم ، ذلك ليعلم يوسف أني لم أخنه بالغيب ، يعني الآن في غيبه بالكذب عليه وإضافة السوء إليه لأن الله لا يهدي كيد الخائنين ، حكاه ابن عيسى . الثاني : أنه قول يوسف بعد أن علم بظهور صدقه ، وذلك ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب عنه في زوجته ، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي . { وأن الله لا يهدي كيد الخائنين } معناه وأن الله لا يهدي الخائنين بكيدهم .