Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 83-86)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً } فيه وجهان : أحدهما : بل سهلت . الثاني : بل زينت لكم أنفسكم أمراً في قولكم إن ابني سرق وهو لا يسرق ، وإنما ذاك لأمر يريده الله تعالى . { فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً } يعني يوسف وأخيه المأخوذ في السرقة وأخيه المتخلف معه فهم ثلاثة . { إنه هو العليم الحكيم } يعني العليم بأمركم ، الحكيم في قضائه بما ذكرتم . قوله عز وجل : { وتولَّى عنهم وقال يا أسفَى على يوسف } فيه وجهان : أحدهما : معناه واجزعاه قاله مجاهد ، ومنه قول كثير : @ فيا أسفا للقلب كيف انصرافُه وللنفس لما سليت فتسلّتِ @@ الثاني : معناه يا جزعاه ، قاله ابن عباس . قال حسان بن ثابت يرثي رسول الله صلى الله عليه وسلم : @ فيا أسفا ما وارت الأرض واستوت عليه وما تحت السلام المنضد @@ وفي هذا القول وجهان : أحدهما : أنه أراد به الشكوى إلى الله تعالى ولم يرد به الشكوى منه رغباً إلى الله تعالى في كشف بلائه . الثاني : أنه أراد به الدعاء ، وفيه قولان : أحدهما : مضمر وتقديره يا رب ارحم أسفي على يوسف . { وابيضت عَيْنَاه من الحزن } فيه قولان : أحدهما : أنه ضعف بصره لبياض حصل فيه من كثرة بكائه . الثاني : أنه ذهب بصره ، قاله مجاهد . { فهو كظيم } فيه أربعة أوجه : أحدها : أنه الكمد ، قاله الضحاك . الثاني : أنه الذي لا يتكلم ، قاله ابن زيد . الثالث : أنه المقهور ، قاله ابن عباس ، قال الشاعر : @ فإن أك كاظماً لمصاب شاسٍ فإني اليوم منطلق لساني @@ والرابع : أنه المخفي لحزنه ، قاله مجاهد وقتادة ، مأخوذ من كظم الغيظ وهو إخفاؤه ، قال الشاعر : @ فحضضت قومي واحتسبت قتالهم والقوم من خوفِ المنايا كظم @@ قوله عز وجل : { قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف } قال ابن عباس والحسن وقتادة معناه لا تزال تذكر يوسف ، قال أوس بن حجر : @ فما فتئت خيل تثوبُ وتدّعي ويلحق منها لاحق وتقطّعُ @@ أي فما زالت . وقال مجاهد : تفتأ بمعنى تفتر . { حتى تكون حرضاً } فيه ثلاثة تأويلات . أحدها : يعني هرماً ، قاله الحسن . والثاني : دنفاً من المرض ، وهو ما دون الموت ، قاله ابن عباس ومجاهد . والثالث : أنه الفاسد العقل ، قاله محمد بن إسحاق . وأصل الحرض فساد الجسم والعقل من مرض أو عشق ، قال العرجي . @ إني امرؤلجّ بي حُبٌّ فأحرضني حتى بَليتُ وحتى شفّني السقم @@ { أو تكون من الهالكين } يعني ميتاً من الميتين ، قاله الجميع . فإن قيل : فكيف صبر يوسف عن أبيه بعد أن صار ملكاً متمكناً بمصر ، وأبوه بحرّان من أرض الجزيرة ؟ وهلاّ عجّل استدعاءه ولم يتعلل بشيء بعد شيء ؟ قيل يحتمل أربعة أوجه : أحدها : أن يكون فعل ذلك عن أمر الله تعالى ، ابتلاء له لمصلحة علمها فيه لأنه نبيّ مأمور . الثاني : أنه بلي بالسجن ، فأحب بعد فراقه أن يبلو نفسه بالصبر . الثالث : أن في مفاجأة السرور خطراً وأحب أن يروض نفسه بالتدريج . الرابع : لئلا يتصور الملك الأكبر فاقة أهله بتعجيل استدعائهم حين ملك . قوله عز وجل : { قال إنما أشكو بَثِّي وحزني إلى الله } في بثي وجهان : أحدهما : همّي ، قاله ابن عباس . الثاني : حاجتي ، حكاه ابن جرير . والبث تفريق الهم بإظهار ما في النفس . وإنما شكا ما في نفسه فجعله بثاً وهو مبثوث . { وأعلم من الله ما لا تعلمون } فيه تأويلان : أحدهما : أعلم أن رؤيا يوسف صادقة ، وأني ساجد له ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه أحست نفسه حين أخبروه فدعا الملك وقال : لعله يوسف ، وقال لا يكون في الأرض صدّيق إلا نبي ، قاله السدّي . وسبب قول يعقوب { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله } ما حكي أن رجلاً دخل عليه فقال : ما بلغ بك ما أرى ؟ قال : طول الزمان وكثرة الأحزان . فأوحى الله إليه : يا يعقوب تشكوني ؟ فقال : خطيئة أخطأتها فاغفرها لي . وكان بعد ذلك يقول { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله } .