Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 106-107)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ } في ( معنى ) نسخها ثلاثة تأويلات : أحدها : أنه قبضها ، وهو قول السدي . والثاني : أنه تبديلها ، وهو قول ابن عباس . والثالث : أنه إثبات خطها وتبديل حكمها ، وهو قول ابن مسعود . { أَوْ نُنسِهَا } فيه قراءتان : أحدهما : هذه ، والثانية : { أو ننسأها } . فمن قرأ : { أو ننسها } ففي تأويله أربعة أوجه : أحدها : أنه بمعنى أو نمسكها ، وقد ذكر أنها كانت في مصحف عبد الله ابن مسعود : { ما نُمْسِكُ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نَنْسَخْهَا نَجِيءُ بِخَيرٍ مِنْهَا أَو مِثْلِهَا } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يقرأ الآية ، ثم يَنْسَى وَتُرْفَعُ ، وكان سعد بن أبي وقاص يقرأ : { مَا نَنْسَخْ مِنْ ءَايَةٍ نَنَسَهَا } ، بمعنى الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيكون تقديره أو تنسى أنت يا محمد ، وقال القاسم بن ربيعة لسعد بن أبي وقاص : فإن سعيد بن المسيب يقرأ : { أو ننسها } ، فقال سعد : إن القرآن لم ينزل على ابن المسيب ، ولا على آل المسيب قال الله تعالى : { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى } [ الأعلى : 6 ] { وآذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } [ الكهف : 24 ] وهذا معنى قول مجاهد وقتادة . والثاني : أن ذلك بمعنى الترك ، من قوله تعالى : { نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم } ، أي تركوه فتركهم ، فيكون تقدير الكلام : { ما ننسخ من آية } يعني نَرفَعُها ونبدِّلُها ، { أو نُنْسِهَا } أي نتركها ولا نبدلها ولا ننسخها ، وهذا قول ابن عباس والسدي . والثالث : أن قوله ما ننسخ من آية أو ننسها قال : الناسخ والمنسوخ ، وهذا قول الضحاك . والرابع : أن معنى ننسها أي نَمْحُها ، وهذا قول ابن زيد . وأما من قرأ : { أو نَنْسَأُهَا } فمعناه نؤخرها ، من قولهم نَسَأْتُ هذا الأمر ، إذا أخرته ، ومن ذلك قولهم : بعت بنسَاءٍ أي بتأخير ، وهذا قول عطاء وابن أبي نجيح . { نَأْتِ بِخَيرٍ مِّنْها أو مِثْلِهَا } فيه تأويلان : أحدهما : أي خير لكم في المنفعة ، وأرفق بكم ، وهذا قول ابن عباس : والثاني : أن معنى خير منها ، أي أخف منها ، بالترخيص فيها ، وهذا معنى قول قتادة . فيكون تأويل الآية ، ما نغير من حكم آية فنبدله ، أو نتركه فلا نبدله ، نأت بخير لكم أيها المؤمنون حكماً منها ، إما بالتخفيف في العاجل ، كالذي كان من نسخ قيام الليل تخفيفاً ، وإما بالنفع بكثرة الثواب في الآجل ، كالذي كان من نسخ صيام أيام معدودات بشهر رمضان . وقوله تعالى : { أَوَ مِثْلِهَا } يعني مثل حكمها ، في الخفة والثقل والثواب والأجر ، كالذي كان من نسخ استقبال بيت المقدس ، باستقبال الكعبة ، وذلك مثله في المشقة والثواب { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٌُ قَدِيرٌ } . { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ } فإن قيل : أو كان النبي صلى الله عليه وسلم غير عالم بأن الله على كل شيء قدير ، وأن الله له ملك السموات والأرض ؟ قيل : عن هذا ثلاثة أجوبة : أحدها : أن قوله ألم تعلم بمعنى أعلمت . والثاني : أنه خارج مخرج التقرير ، لا مخرج الاستفهام . كما قال الله تعالى : { وَإِذْ قَالَ : اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَم أَنتَ قُلْتَ لِلْنَّاسِ : اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ } [ المائدة : 116 ] خرج مخرج التقرير لا مخرج الاستفهام . والثالث : أن هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد به أمته ، ألا تراه قال بعد ذلك : { وَمَا لَكُم مِّنْ دُونِ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } .