Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 35-35)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { اللَّهُ نُورُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ } فيه أربعة أقاويل : أحدها : معناه الله هادي السموات والأرض ، قاله ابن عباس ، وأنس . الثاني : الله مدبر السموات والأرض ، قاله مجاهد . الثالث : الله ضياء السموات والأرض ، قاله أُبي . الرابع : منور السموات والأرض . فعلى هذا فبما نورهما به ثلاثة أقاويل : أحدها : الله نور السموات بالملائكة ونور الأرض بالأنبياء . الثاني : أنه نور السموات بالهيبة ونور الأرض بالقدرة . الثالث : نورهما بشمسها وقمرها ونجومها ، قاله الحسن ، وأبو العالية . { مَثَلُ نُورِهِ } فيه أربعة أقاويل : أحدها : مثل نور الله ، قاله ابن عباس . الثاني : مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن شجرة . الثالث : مثل نور المؤمن ، قاله أُبي . الرابع : مثل نور القرآن ، قاله سفيان . فمن قال : مثل نور المؤمن ، يعني في قلب نفسه ، ومن قال : مثل نور محمد ، يعني في قلب المؤمن ، ومن قال : نور القرآن ، يعني في قلب محمد . ومن قال : نور الله ، فيه قولان : أحدهما : في قلب محمد . الثاني : في قلب المؤمن . { كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ } فيه خمسة أقاويل : أحدها : أن المشكاة كوة لا منفذ لها والمصباح السراج ، قاله كعب الأحبار . الثاني : المشكاة القنديل والمصباح الفتيلة ، قاله مجاهد . الثالث : المشكاة موضع الفتيلة من القنديل الذي هو كالأُنبوب ، والمصباح الضوء قاله ابن عباس . الرابع : المشكاة الحديد الذي به القنديل وهي التي تسمى السلسلة والمصباح هو القنديل ، وهذا مروي عن مجاهد أيضاً . الخامس : أن المشكاة صدر المؤمن والمصباح القرآن الذي فيه والزجاجة قلبه ، قاله أُبَي ، قال الكلبي : والمشكاة لفظ حبشي معرب . { الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ } فيه قولان : أحدهما : يعني أن نار المصباح في زجاجة القنديل لأنه فيها أضوأ ، وهو قول الأكثرين . الثاني : أن المصباح القرآن والإِيمان ، والزجاجة قلب المؤمن ، قاله أُبَي . { كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ } أما الكوكب ففيه قولان : أحدهما : أنه الزهرة خاصة ، قاله الضحاك . الثاني : أنه أحد الكواكب المضيئة من غير تعيين ، وهو قول الأكثرين . وأما درّي ففيه أربع قراءات . إحداها : دُريّ بضم الدال وترك الهمز وهي قراءة نافع وتأويلها أنه مضيء يشبه الدر لضيائه ونقائه . الثانية : بالضم والهمز وهي قراءة عاصم في رواية أبي بكر وتأويلها أنه مضيء . الثالثة : بكسر الدال وبالهمز وهي قراءة أبي عمرو والكسائي وتأويلها أنه متدافع لأنه بالتدافع يصير منقضاً فيكون أقوى لضوئه مأخوذ من درأ أي دفع يدفع . الرابعة : بالكسر وترك الهمز وهي قراءة المفضل بن عاصم ، وتأويلها أنه جار كالنجوم الدراري الجارية من درّ الوادي إذا جرى . { يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ } فيه قولان : أحدهما : يعني بالشجرة المباركة إبراهيم والزجاجة التي كأنها كوكب دري محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو مروي عن ابن عمر . الثاني : أنه صفة لضياء المصباح الذي ضربه الله مثلاً يعني أن المصباح يشعل من دهن شجرة زيتونة . { مُّبَارَكَةٍ } في جعلها مباركة وجهان : أحدهما : لأن الله بارك في زيتون الشام فهو أبرك من غيره . الثاني : لأن الزيتون يورق غصنه من أوله إلى آخره وليس له في الشجر مثيل إلا الرمان . قال الشاعر : @ بُورِكَ الْمَيْتُ الغَرِيبُ كَمَا بُو رِكَ نَضْرُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ @@ { زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ } فيه سبعة أقاويل : أحدها : أنها ليست من شجرة الشرق دون الغرب ولا من شجرة الغرب دون الشرق لأن ما اختص بأحد الجهتين أقل زيتاً وأضعف ، ولكنها شجر ما بين الشرق والغرب كالشام لاجتماع القوتين فيه ، وهو قول ابن شجرة وحكي عن عكرمة . ومنه قولهم : لا خير في المتقاة والمضحاة ، فالمتقاة أسفل الوادي الذي لا تصيبه الشمس ، والمضحاة رأس الجبل الذي لا تزول عنه الشمس . الثاني : أنها ليست بشرقية تستر عن الشمس في وقت الغروب ولا بغربية تستر عن الشمس وقت الطلوع بل هي بارزة للشمس من وقت الطلوع إلى وقت الغروب فيكون زيتها أقوى وأضوأ ، قاله قتادة . الثالث : أنها وسط الشجرة لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك أضوأ لزيتها ، قاله عطية . الرابع : أنها ليس في شجر الشرق ولا في شجر الغرب مثلها ، حكاه يحيى ابن سلام . الخامس : أنها ليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية أو غربية ، وإنما هي من شجر الجنة ، قاله الحسن . السادس : أنها مؤمنة لا شرقية ولا غربية ، أي ليست بنصرانية تصلي إلى الشرق ، ولا غربية أي ليست بيهودية تصلي إلى الغرب ، قاله ابن عمر . السابع : أن الإِيمان ليس بشديد ولا لين لأن في أهل الشرق شدة ، وفي أهل الغرب لينٌ . { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ } فيه أربعة أقاويل : أحدها : أن صفاء زيتها كضوء النار وإن لم تمسسه نار ، ذكره ابن عيسى . الثاني : أن قلب المؤمن يكاد أن يعرف قبل أن يتبين له لموافقته له ، قاله يحيى بن سلام . الثالث : يكاد العلم يفيض من فم العالم المؤمن من قبل أن يتكلم به . الرابع : تكاد أعلام النبوة تشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدعو إليها . { نُّورٌ عَلَى نُورٍ } فيه ستة أقاويل : أحدها : يعني ضوء النار على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة ، قاله مجاهد . الثاني : نور النبوة على نور الحكمة ، قاله الضحاك . الثالث : نور الزجاجة على نور الخوف . الرابع : نور الإِيمان على نور العمل . الخامس : نور المؤمن فهو حجة الله ، يتلوه مؤمن فهو حجة الله حتى لا تخلو الأرض منهم . السادس : نور نبي من نسل نبي ، قاله السدي . { يَهْدِي لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يهدي الله لدينه من يشاء من أوليائه ، قاله السدي . الثاني : يهدي الله لدلائل هدايته من يشاء من أهل طاعته . الثالث : يهدي الله لنبوته من يشاء من عباده . { وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ } الآية . وفيما ضربت هذه الآية مثلاً فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها مثل ضربه الله للمؤمن في وضوح الحق له . الثاني : أنها مثل ضربه الله لطاعته فسى الطاعة نوراً لتجاوزها عن محلها . الثالث : ما حكاه ابن عباس أن اليهود قالوا : يا محمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله ذلك مثلاً لنوره .