Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 68-71)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً ءَاخَرَ } يعني لا يجعلون لله تعالى شريكاً ، ولا يجعلون بينهم وبينه في العبادة وسيطاً . { وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ } يعني حرم قتلها ، وهي نفس المؤمن والمعاهد . { إِلاَّ بِالْحَقِّ } والحق المستباح به قتلها ، ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِِإِحْدَى ثَلاَثٍ : كُفرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ ، أَوْ زِنىً بَعْدَ إِحْصَانٍ ، أَوْ قَتْل نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ " . { وَلاَ يَزْنُونَ } والزنى إتيان النساء المحرمات في قبل أو دبر ، واللواط زنى في أحد القولين وهو في القول الثاني موجب لقتل الفاعل والمفعول به ، وفي إتيان البهائم ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه كالزنى في الفرق بين البكر والثيب . الثاني : أنه يوجب قتل البهيمة ومن أتاها للخبر المأثور فيه . الثالث : أنه يوجب التعزير . فجمع في هذه الآية بين ثلاث من الكبائر الشرك وقتل النفس والزنى ، روى عمرو بن شرحبيل عن ابن مسعود قال : قلت : يا رسول الله ( أو قال غيري ) : أي ذنب أعظم عند الله ؟ قال : " أَن تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ " قال : ثم أي ؟ قال : " أَن تَقْتُلَ وَلَدَكَ خِيفَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ " قال : ثم أيّ . ؟ قال : " أَنْ تُزَانِي حَلِيلَةَ جَارِكَ " قال فأنزل الله ذلك . { وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ } يعني هذه الثلاثة أو بعضها . { يَلْقَ أَثَاماً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن الأثام العقوبة قاله بلعام بن قيس : @ جزى اللَّه ابن عروة حيث أمسى عقوقاً والعقوق له أثام @@ الثاني : أن الأثام اسم واد في جهنم ، قاله ابن عمر ، وقتادة ، ومنه قول الشاعر : @ لقيت المهالك في حربنا وبعد المهالك تلقى أثاما @@ الثالث : الجزاء ، قاله السدي ، وقال الشاعر : @ وإن مقامنا ندعو عليكم بأبطح ذي المجاز له أثامُ @@ { يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن المضاعفة عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، قاله قتادة . الثاني : أنها الجمع بين عقوبات الكبائر المجتمعة . الثالث : أنها استدامة العذاب بالخلود . { وَيَخْلُدْ فِيهِ } أي يخلد في العذاب بالشرك . { مُهَاناً } بالعقوبة . { إِلاَّ مَن تَابَ } يعني من الزنى . { وَءَامَنَ } يعني من الشرك . { وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً } يعني بعد السيئات . { فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : في الدنيا يبدلهم بالشرك إيماناً ، وبالزنى إحصاناً وبذكر الله بعد نسيانه ، وبطاعته بعد عصيانه ، وهذا معنى قول الحسن ، وقتادة . الثاني : أنه في الآخرة فيمن غلبت حسناته على سيئاته فيبدل الله السيئات حسنات ، قاله أبو هريرة . الثالث : أنه يبدل الله عقاب سيئاته إذا تاب منها بثواب حسناته إذا انتقل إليها ، قاله ابن بحر . { وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً } لما تقدم قبل التوبة . { رَحِيماً } لما بعدها . وحكى الكلبي أن وحشياً وهو عبد عتبة بن غزوان كتب بعد وقعة أحد وقَتْلِ حمزة إلى النبي صلى الله عليه وسلم : هل من توبة ؟ فإن الله أنزل بمكة إياسي من كل خير { وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً ءَاخَرَ } الآية وإن وحشياً قد فعل هذا كله ، وقد زنى وأشرك وقتل النفس التي حرم الله ، فأنزل الله { إلاَّ مَن تَابَ } أي من الزنى وآمن بعد الشرك وعمل صالحاً بعد السيئات ، فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال وحشي : هذا شرط شديد ولعلي لا أبقى بعد التوبة حتى أعمل صالحاً ، فكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هل من شيء أوسع من هذا ؟ فأنزل الله { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [ النساء : 48 ، 116 ] ، فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي . فأرسل وحشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم : إنى لأخاف أن لا أكون في مشيئة الله ، فأنزل الله في وحشي وأصحابه { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرًُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً } [ الزمر : 53 ] الآية . فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم .