Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 7-14)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنِّي ءَانَسْتُ نَاراً } فيه وجهان : أحدهما : رأيت ناراً ، قاله أبو عبيدة ومنه سمي الإنساء إنساً لأنهم مرئيون . الثاني : أحسست ناراً ، قاله قتادة ، والإيناس : الإحساس من جهة يؤنس بها . { سَئَاتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ } فيه وجهان : أحدهما : سأخبركم عنها بعلم ، قاله ابن شجرة . الثاني : بخبر الطريق ، لأنه قد كان ضل الطريق ، قاله ابن عباس . { أَوْ ءَاتِيكُم بِشهَابٍ قَبَسٍ } والشهاب الشعاع المضي ، ومنه قيل للكوكب الذي يمر ضوؤه في السماء شهاب ، قال الشاعر : @ في كفِّهِ صعدة مثقفة فيها سنان كشعلة القبسِ @@ والقبس هو القطعة من النار ، ومنه اقتبست النارَ ، أخذت منها قطعة ، واقتبست منه علماً إذا أخذت منه علماً ، لأنك تستضيء به كما تستضيء بالنار . { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي لكي تصطلون من البرد ، قال قتادة : وكان شتاء . قوله تعالى { فَلَمَّا جَاءَهَا } يعني ظن أنها نار ، وهي نور ، قال وهب بن منبه : فلما رأى موسى وقف قريباً منها فرآها تخرج من فرع شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق ، لا تزداد النار إلا تضرماً وعظماً ، ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسناً ، فعجب منها ودنا وأهوى إليها بضغث في يده ليقتبس منها ، فمالت إليه فخافها فتأخر عنها ، ثم لم تزل تطمعه ويطمع فيها إلى أن وضع أمْرها على أنها مأمورة ولا يدري ما أمرها ، إلى أن : { نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا } . وفي { بُورِكَ } ثلاثة أوجه : أحدها : يعني قُدِّس ، قاله ابن عباس . الثاني : تبارك ، حكاه النقاش . الثالث : البركة في النار ، حكاه ابن شجرة ، وأنشد لعبد الله بن الزبير : @ فبورك في بنيك وفي بنيهم إذا ذكروا ونحن لك الفداء @@ وفي النار وجهان : أحدهما : أنها نار فيها نور . الثاني : أنها نور ليس فيها نار ، وهو قول الجمهور . وفي { بُورِكَ مَن فِي النَّارِ } خمسة أقاويل : أحدها : بوركت النار ، و { مَن } زيادة ، وهي في مصحف أُبي : { بُورِكَتِ النَّارُ وَمَن حَوْلَهَا } قاله مجاهد . الثاني : بورك النور الذي في النار ، قاله ابن عيسى . الثالث : بورك الله الذي في النور ، قاله عكرمة ، وابن جبير . الرابع : أنهم الملائكة ، قاله السدي . الخامس : الشجرة لأن النار اشتعلت فيها وهي خضراء لا تحترق . وفي قوله : { وَمَن حَوْلَهَا } وجهان : أحدهما : الملائكة ، قاله ابن عباس . الثاني : موسى ، قالها أبو صخر . { وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } فيه وجهان : أحدهما : أن موسى قال حين فرغ من سماع النداء من قوله الله : { سبْحَانِ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } استعانة بالله وتنزيهاً له ، قاله السدي . الثاني : أن هذا من قول الله ومعناه : وبورك فيمن يسبح الله رب العالمين ، حكاه ابن شجرة . ويكون هذا من جملة الكلام الذي نودي به موسى . وفي ذلك الكلام قولان : أحدهما : أنه كلام الله تعالى من السماء عند الشجرة وهو قول السدي . قال وهب بن منبه : ثم لم يمس موسى امرأة بعدما كلمه ربه . والثاني : أن الله خلق في الشجرة كلاماً خرج منها حتى سمعه موسى ، حكاه النقاش . قوله تعالى : { وَأَلْقِ عَصَاكَ } قال وهب : ظن موسى أن الله أمره برفضها فرفضها . { فَلَمَا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ } فيه وجهان : أحدهما : أن الجان الحية الصغيرة ، سميت بذلك لاجتنانها واستتارها . والثاني : أنه أراد بالجان الشيطان من الجن ، لأنهم يشبهون كل ما استهولوه بالشيطان ، كما قال تعالى : { طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ } [ الصافات : 65 ] . وقد كان انقلاب العصا إلى أعظم الحيات لا إلى أصغرها ، كما قال تعالى : { فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ } [ الأعراف : 107 ] و [ الشعراء : 33 ] . قال عبد الله بن عباس : وكانت العصا قد أعطاه إياها ملك من الملائكة حين توجه إلى مَدْيَن وكان اسمها : ما شاء ، قال ابن جبير : وكانت من عوسج . { وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ … } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : ولم يرجع ، قاله مجاهد ، قال قطرب : مأخوذ من العقب . الثاني : ولم ينتظر ، قاله السدي . الثالث : ولم يلتفت ، قاله قتادة . ويحتمل رابعاً : أن يكون معناه أنه بقي ولم يمش ، لأنه في المشيء معقب لابتدائه بوضع عقبة قبل قدمه . قوله تعالى : { إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ } قيل إنه أراد في الموضع الذي يوحى فيه إليهم ، ولا فالمرسلون من الله أخوف . { إلاَّ مَن ظَلَمَ } فيه وجهان : أحدهما : أنه أراد من غير المسلمين لأن الأنبياء لا يكون منهم الظلم ، ويكون منهم هذا الاستثناء المنقطع . الوجه الثاني : أن الاستثناء يرجع إلى المرسلين . وفيه على هذا وجهان : أحدهما : فيما كان منهم قبل النبوة كالذي كان من موسى في قتل القبطي ، فأما بعد النبوة فهم معصومون من الكبائر والصغائر جميعاً . الوجه الثاني : بعد النبوة فإنه معصومون فيها مع وجود الصغائر منهم ، غير أن الله لطف بهم في توفيقهم للتوبة منها ، وهو معنى قوله تعالى : { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ } يعني توبة بعد سيئة . { فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي غفور لذنبهم ، رحيم بقبول توبتهم .