Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 156-164)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُم } يعني فبرحمة من الله ، و { مَا } صلة دخلت لحسن النظم . { وَلَو كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } الفظ : الجافي ، والغليظ القلب : القاسي ، وجمع بين الصفتين ، وإن كان معناهما واحداً للتأكيد . { فَاعْفُ عَنهُم وَاسْتَغْفِرْ لَهُم وَشَاوِرْهُم فِي الأمْرِ } وفي أمره بالمشاورة أربعة أقاويل : أحدها : أنه أمره بمشاورتهم في الحرب ليستقر له الرأي الصحيح فيه ، قال الحسن : ما شاور قوم قط إلا هُدُوا لأرشد أمورهم . والثاني : أنه أمره بِمشاورتهم تأليفاً لهم وتطيباً لأنفسهم ، وهذا قول قتادة ، والربيع . والثالث : أنه أمره بمشاورتهم لِمَا علم فيها من الفضل ، ولتتأسى أمته بذلك بعده صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول الضحاك . والرابع : أنه أمره بمشاورتهم ليستن به المسلمون ويتبعه فيها المؤمنون وإن كان عن مشورتهم غنياً ، وهذا قول سفيان . { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ } قرأ ابن كثير ، وعاصم ، وأبو عمرو بفتح الياء وضم العين ، وقرأ الباقون يغل بضم الياء وفتح الغين . ففي تأويل من قرأ بفتح الياء وضم الغين ثلاثة أقاويل : أحدها : أن قطيفة حمراء فقدت يوم بدر ، فقال بعض الناس أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانزل الله تعالى هذه الآية ، وهذا قول عكرمة ، وسعيد بن جبير . والثاني : أنها نزلت في طلائع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجههم في وجه ، ثم غنم الرسول فلم يقسم للطلائع فأنزل الله تعالى : { وَمَا كَانَ لنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ } أي يقسم لطائفة من المسلمين ويترك طائفة ويجور في القسم ، وهذا قول ابن عباس ، والضحاك . والثالث : أن معناه وما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله إليهم لرهبة منه ولا رغبة فيهم ، وهذا قول ابن إسحاق . وأما قراءة من قرأ يُغّل بضم الياء وفتح الغين ففيها قولان : أحدهما : يعني وما كان لنبي أن يتهمه أصحابه ويخوَّنوه . والثاني : معناه وما كان لنبي أن يغل أصحابه ويخونهم ، وهذا قول الحسن ، وقتادة . وأصل الغلول الغلل وهو دخول الماء في خلال الشجر ، فسميت الخيانة غلولاً لأنها تجري في المال على خفاء كجري الماء ، ومنه الغل الحقد لأنه العداوة تجري في النفس مجرى الغلل . { لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِن أَنُفُسِهِمْ } وفي وجه المنة بذلك ثلاثة أقاويل : أحدها : ليكون ذلك شرفاً لهم . والثاني : ليسهل عليهم تعلم الحكمة منه لأنه بلسانهم . والثالث : ليظهر لهم علم أحواله من الصدق والأمانة والعفة والطهارة . { يَتْلُو عَلَيهِمْ ءَآيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ } فيه ثلاث تأويلات : أحدها : أنه يشهد لهم بأنهم أزكياء في الدين . والثاني : أن يدعوهم إلى ما يكونون به أزكياء . والثالث : أنه يأخذ منهم الزكاة التي يطهرهم بها ، وهو قول الفراء .