Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 38-49)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { يُطاف عليهم بكأسٍ من مَعينٍ } أي من خمر معين وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه الجاري ؛ قاله الضحاك . الثاني : الذي لا ينقطع ، حكاه جويبر . الثالث : أنه الذي لم يعصر ، قاله سعيد بن أبي عروبة . ويحتمل رابعاً : أنه الخمر بعينه الذي لم يمزج بغيره . وفي المعين من الماء خمسة أوجه : أحدها : أنه الظاهر للعين ، قاله الكلبي . الثاني : ما مدّته العيون فاتصل ولم ينقطع ، قاله الحسن . الثالث : أنه الشديد الجري من قولهم أمعن في كذا إذا اشتد دخوله فيه . الرابع : أنه الكثير مأخوذ من المعين وهو الشيء الكثير . الخامس : أنه المنتفع به مأخوذ من الماعون ، قاله الفراء . { بيضاء لذَّةٍ للشاربين } يعني أن خمر الجنة بيضاء اللون ، وهي في قراءة ابن مسعود صفراء . ويحتمل أن تكون بيضاء الكأس صفراء اللون فيكون اختلاف لونهما في منظرهما قال الشاعر : @ فكأن بهجتها وبهجة كأسها نار ونور قيّدا بوعاء . @@ قوله عز وجل : { لا فيها غَوْلٌ } فيه خمسة تأويلات : أحدها : أي ليس فيها صداع ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . الثاني : ليس فيها وجع البطن ، قاله مجاهد . الثالث : ليس فيها أذى ، قاله الفراء وعكرمة وهذه الثلاثة متقاربة لاشتقاق الغول من الغائلة . الرابع : ليس فيها إثم ، قاله الكلبي . الخامس : أنها لا تغتال عقولهم ، قاله السدي وأبو عبيدة ، ومنه قول الشاعر : @ وهذا من الغيلة أن يصرع واحد واحدا @@ { ولا هم عنها ينزفون } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : لا تنزف العقل ولا تذهب الحلم بالسكر ، قاله عطاء ، ومنه قول الشاعر : @ لعمري لئن أنزفتم أو صحوتُم لبئس الندامى كنتم آل أبجرا @@ الثاني : لا يبولون ، قاله ابن عباس ، وحكى الضحاك عنه أنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيء والبول ، فذكر الله تعالى خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال . الثالث : أي لا تفنى مأخوذ من نزف الركية ، قاله أبو عمرو بن العلاء ، ومنه قول الشاعر : @ دعيني لا أبا لك أن تطيقي لحاك الله قد أنزفت ريقي @@ وقد يختلف هذا التأويل باختلاف القراءة ، فقرأ حمزة والكسائي ، ينزفون بكسر الزاي ، وقرأ الباقون يُنزَفون بفتح الزاي ، والفرق بينهما أن الفتح من نزف فهو منزوف إذا ذهب عقله بالسكر ، والكسر من أنزف فهو منزوف إذا فنيت خمره ، وإنما صرف الله تعالى السكر عن أهل الجنة لئلا ينقطع عنهم التذاذ نعيمهم . قوله عز وجل : { وعندهم قاصِراتُ الطّرفِ عينٌ } يعني بقاصرات الطرف النساء اللاتي قصرن أطرافهن على أزواجهن فلا يردن غيرهم مأخوذ من قولهم : قد اقتصر على كذا إذا اقتنع به وعدل عن غيره ، قال امرؤ القيس : @ من القاصرات الطرف لو دب مُحولٌ من الذّرّ فوق الخد منها لأثّرا @@ وفي العين وجهان : أحدهما : الحسان العيون ، قاله مجاهد ومقاتل . الثاني : العظام الأعين ، قاله الأخفش وقطرب . { كأنهن بيضٌ مكنون } فيه وجهان : أحدهما : يعني اللؤلؤ في صدفه ، قاله ابن عباس ، ومنه قول الشاعر : @ وهي بيضاء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون @@ الثاني : يعني البيض المعروف في قشره ، والمكنون المصون . وفي تشبيههم بالبيض المكنون أربعة أوجه : أحدها : تشبيهاً ببيض النعام يُكنّ بالريش من الغبار والريح فهو أبيض إلى الصفرة ، قاله الحسن . الثاني : تشبيهاً ببطن البيض إذا لم تمسه يد ، قاله سعيد بن جبير . الثالث : تشبيهاً ببياض البيض حين ينزع قشرة ، قاله السدي . الرابع : تشبيهاً بالسحاء الذي يكون بين القشرة العليا ولباب البيض ، قاله عطاء .