Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 5-6)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل { وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ } اختلفوا في المراد بالسفهاء في هذا الموضع على أربعة أقاويل : أحدها : أنهم الصبيان ، وهو قول سعيد بن جبير ، والحسن . والثاني : أنهم النساء ، وهو قول ابن عمر . والثالث : أنه عنى الأولاد المسرفين أن يقسم ماله فيهم فيصير عيالاً عليهم ، وهو قول ابن عباس ، وابن زيد وأبي مالك . والرابع : أنه أراد كل سفيه استحق في المال حَجْراً ، وهو معنى ما رواه الشعبي عن أبي بردة ، عن أبي موسى الأشعري أنه قال : ثلاثة يَدْعون فلا يستجيب الله لهم : رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ، ورجل أعطى مالاً سفيهاً وقد قال الله تعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } ، ورجل له على رجل دين لم يُشْهِد عليه . وأصل السفيه خفة الحِلْم فلذلك وصف به الناقص العقل . ووصف به المفسد لماله لنقصان تدبيره ، ووصف به الفاسق لنقصانه عند أهل الدين ، والعلم . { أَمْوَالَكُمُ } فيه تأويلان : أحدهما : يعني أموال الأولياء ، وهو قول ابن عباس . والثاني : أنه عنى به أموال السفهاء ، وهو قول سعيد بن جبير . { الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً } قرأ نافع وابن عُمر { قِيَماً } ومعناهما واحد ، يريد أنها قُوامُ معايشكم سفائكم . { وَارْزُقُوهُمْ فيها وأكسوهم } فيه قولان : أحدهما : أي أنفقوا أيها الأولياء على السفهاء من أموالهم . { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } فيه تأويلان : أحدهما : أنه الوعد بالجميل ، وهو قول مجاهد . والثاني : الدعاء له كقوله بارك الله فيك ، وهو قول ابن زيد . { وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى } أي اختبروهم في عقولهم وتمييزهم وأديانهم . { حَتَّى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ } يعني الحُلُم في قول الجميع . { فَإِنْ ءَانَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً } فيه أربع تأويلات : أحدها : أن الرشد العقل ، وهو قول مجاهد ، والشعبي . والثاني : أنه العقل والصلاح في الدين ، وهو قول السدي . والثالث : أنه صلاح في الدين وإصلاح في المال ، وهو قول ابن عباس ، والحسن ، والشافعي . والرابع : أنه الصلاح والعلم بما يصلحه ، وهو قول ابن جريج . { فَادْفَعُواْ إِلَيْهِم أَمْوَالَهُمْ } يعني التي تحت أيديكم أيها الأولياء عليهم . { وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وبِدَاراً أَن يَكْبَرُوا } يعني لا تأخذوها إسرافاً على غير ما أباح الله لكم ، وأصل الإسراف تجاوز الحد المباح إلى ما ليس بمباح ، فربما كان في الإفراط ، وربما كان في التقصير ، غير أنه إذا كان في الإفراط فاللغة المستعملة فيه أن يقال أسرف إسرافاً ، وإذا كان في التقصير قيل سرف يسرف . قوله تعالى : { وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ } قال ابن عباس : وهو أن تأكل مال اليتيم تبادر أن يكبر ، فيحول بينك وبين ماله . { وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ } يعني بماله عن مال اليتيم . { وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } فيه أربعة أقاويل : أحدها : أنه القرض يستقرض إذا احتاج ثم يرده إذا وجد ، وهو قول عمر ، وابن عباس ، وجمهور التابعين . والثاني : أنه يأكل ما يسد الجوعة ، ويلبس ما يواري العورة ، ولا قضاء ، وهو قول الحسن ، وإبراهيم ، ومكحول ، وقتادة . روى شعبة عن قتادة أن عم ثابت بن رفاعة _ وثابت يومئذ يتيم في حجره ، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله إن ابن أخي يتيم في حجري ، فما يحل لي من ماله ؟ قال : " أَنْ تَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيرِ أن تقِيَ مَالَكَ بِمَالِهِ وَلاَ تَتَّخِذْ مِنْ مَالِهِ وَقْراً " . والثالث : أن يأكل من ثمره ، ويشرب من رِسْلِ ماشيته من غير تعرض لِمَا سوى ذلك من فضة أو ذهب ، وهو قول أبي العالية ، والشعبي . روى القاسم بن محمد قال : جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال : إن في حجري أيتاماً ، وإن لهم إبلاً ، فماذا يحل لي منها ؟ فقال : إن كنت تبغي ضالتها ، وتهنأ جرباءَها ، وتلوط حوضها ، وتفرط عليها يوم وِرْدِهَا ، فاشرب من ألبانها غير مُضِرِّ بنسل ، ولا بأهل في الحلب . والرابع : أن يأخذ إذا كان محتاجاً أجرةً معلومة على قدر خدمته ، وهو قول عطاء . وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ليس لي مال ولي يتيم ، فقال : " كُلْ مِنْ مَالِ يَتيمِكَ غَيرَ مُسْرِفٍ وَلاَ وَاقٍ مَالَكَ بِمَالِهِ " . { فَإِذَا دَفَعْتُم إِلَيْهِم أَمْوَالَهُم فَأَشْهِدُواْ عَلَيهِم } ليكون بيِّنةَ في دفع أموالهم إليهم . { وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً } فيه قولان : أحدهما : يعني شهيداً . والثاني : كافياً من الشهود .