Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 116-118)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ … } الآية . { إِذْ } ها هنا بمعنى ( إذا ) كما قال أبو النجم : @ ثم جزاك الله عني إذ جزى جنات عدن في السموات العلا @@ يعني إذا جزى ، فأقام الماضي مقام المستقبل وهذا جائز في اللغة كما قال تعالى : { وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ } [ الأعراف : 44 ] . واختلف أهل التأويل في معنى هذا السؤال وليس باستفهام وإن خرج مخرج الاستفهام على قولين : أحدهما : أنه تعالى سأله عن ذلك توبيخاً لمن ادعى ذلك عليه ، ليكون إنكاره بعد السؤال أبلغ فى التكذيب وأشد فى التوبيخ والتقريع . والثاني : أنه قصد بهذا السؤال تعريفه أن قومه غُيِّرُوا بعده وادعوا عليه ما لم يقله . فإن قيل : فالنصارى لم تتخذ مريم إلهاً ، فكيف قال تعالى فيهم ذلك ؟ قيل : لما كان من قولهم أنها لم تلد بشراً وإنما ولدت إِلَهاً لزمهم أن يقولوا إنها لأجل البعضي بمثابة من ولدته ، فصاروا حين لزمهم ذلك كالقائلين له . وفي زمان هذا السؤال قولان : أحدهما : أن الله تعالى قال ذلك لعيسى حين رفعه إليه في الدنيا ، قاله السدي وميسرة . والثاني : أن الله تعالى يقول له ذلك يوم القيامة ، قاله ابن جريج وقتادة وهو أصح القولين . { قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقِّ } أي أدعي لنفسي ما ليس من شأنها ، يعني أنني مربوب ولست برب ، وعابد ولست بمعبود . وبدأ بالتسبيح قبل الجواب لأمرين : أحدهما : تنزيهاً له عما أضيف إليه . الثاني : خضوعاً لعزته وخوفاً من سطوته . ثم قال : { إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } فرد ذلك إلى علمه تعالى ، وقد كان الله عالماً به أنه لم يقله ، ولكن قاله تقريعاً لمن اتخذ عيسى إلهاً . { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } فيه وجهان . أحدهما : تعلم ما أخفيه ولا أعلم ما تخفيه . والثاني : تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم . وفي النفس قولان : أحدهما : أنها عبارة عن الجملة كلها . والثاني : أنها عبارة عن بعضه ، كقولهم قتل فلان نفسه . { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ } يحتمل وجهين : أحدهما : عالم السر والعلانية . والثاني : عالم ما كان وما يكون . وفي الفرق بين العالم والعلام وجهان : أحدهما : أن العلام الذي تقدم علمه ، والعالم الذي حدث علمه . والثاني : أن العلام الذي يعلم ما كان وما يكون ، والعالم الذي يعلم ما كان ولا يعلم ما يكون . قوله عز وجل : { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ } لم يذكر عيسى ذلك على وجه الإِخبار به لأن الله عالم به ، ويحتمل وجهين : أحدهما : تكذيباً لمن اتخذ إلهاً معبوداً . والثاني : الشهادة بذلك على أمته فيما أمرهم به من عبادة ربه . قوله تعالى : { أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } يحتمل وجهين : أحدهما : إعلامهم أن الله ربه وربهم واحد . والثاني : أن عليه وعليهم أن يعبدوا رباً واحداً حتى لا يخالفوا فيما عبدوه . { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيِهِمْ } يحتمل وجهين : أحدهما : يعني شاهداً . والثاني : شاهداً عليهم . { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي } فيه وجهان : أحدهما : أنه الموت . والثاني : أنه رفعه إلى السماء . { … الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } فيه وجهان : أحدهما : الحافظ عليهم . والثاني : العالم بهم . { وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } يحتمل وجهين : أحدهما : شاهداً لما حضر وغاب . والثاني : شاهداً على من عصى ، وأطاع . قوله عز وجل : { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } يحتمل وجهين : أحدهما : أنه قاله على وجه الاستعطاف لهم والرأفة بهم كما يستعطف العبد سيده . والثاني : أنه قاله على وجه التسليم لأمر ربه والاستجارة من عذابه .