Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 12-15)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُم قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ } في الرس وجهان : أحدهما : أنه كل حفرة في الأرض من بئر وقبر . الثاني : أنها البئر التي لم تطو بحجر ولا غيره . وأما أصحاب الرس ففيهم أربعة أقاويل : أحدها : أنها بئر قتل فيها صاحب ياسين ورسوه ، قاله الضحاك . الثاني : أنهم أهل بئر بأذربيجان ، قاله ابن عباس . الثالث : أنهم قوم باليمامة كان لهم آبار ، قاله قتادة . قال الزهير : @ بكرن بكوراً واستحرن بسحرة فهن ووادي الرس كاليد في الفم @@ الرابع : أنهم أصحاب الأخدود . { وَثَمُودُ } وهم قوم صالح ، وكانوا عرباً بوادي القرى وما حولها . وثمود مأخوذ من الثمد وهو الماء القليل الكدر ، قال النابغة : @ واحكم بحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام سراع وارد الثمد @@ { وَعَادٌ } وهو اسم رجل كان من العماليق كثر ولده ، فصاروا قبائل وكانوا باليمن بالأحقاف ، والأحقاف الرمال ، وهم قوم هود . { فِرْعَوْنَ } وقد اختلف في أصله فحكي عن مجاهد أنه كان فارسياً من أهل إصطخر . وقال ابن لهيعة : كان من أهل مصر وحكي عن ابن عباس أنه عاش ثلاثمائة سنة منها مائتان وعشرون سنة لا يرى ما يقذي عينه ، فدعاه موسى ثمانين سنة . وحكى غيره أنه عاش أربعمائة سنة . واختلف في نسبه فقال بعضهم هو من لخم ، وقال آخرون هو من تبَّع . { وَإِخْوَانُ لُوطٍ } يعني قومه وأتباعه ، قال مجاهد : كانوا أربعمائة ألف بيت ، في كل بيت عشرة مردة ، فكانوا أربعة آلاف ألف . وقال عطاء : ما من أحد من الأنبياء إلا وقد يقوم معه قوم إلا لوط فإنه يقوم وحده . { وَأَصَحَابُ الأَيْكَةِ } والأيكة الغيضة ذات الشجر الملتف كما قال أبو داود الإيادي : @ كأن عرين أيكته تلاقى بها جمعان من نبط وروم @@ قال قتادة : وكان عامة شجرها الدوم ، وكان رسولهم شعيباً ، وأرسل إليهم ، وإلى أهل مدين ، أرسل إلى أمتين من الناس ، وعذبتا بعذابين ، أما أهل مدين فأخذتهم الصيحة ، وأما أصحاب الأيكة فكانوا أهل شجر متكاوس . { وَقَوْمُ تُبَّعٍ } وتبع كان رجلاً من ملوك العرب من حِمير ، سُمّي تبعاً لكثرة من تبعه . قال وهب : إن تبعاً أسلم وكفر قومه ، فلذلك ذكر قومه ، ولم يذكر تبع . قال قتادة وهو الذي حير الحيرة وفتح سمرقند حتى أخربها ، وكان يكتب إذا كتب : بسم الله الذي تَسمَّى وملك براً وبحراً وضحى وريحاً . { كُلٌّ كَذَّبَ الرَّسَلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } يعني أن كل هؤلاء كذبوا من أرسل إليهم ، فحق عليهم وعيد الله وعذابه . فذكر الله قصص هؤلاء لهذه الأمة ، ليعلم المكذبون منهم بالنبي صلى الله عليه وسلم أنهم كغيرهم من مكذبي الرسل إن أقاموا على التكذيب فلم يأمنوا ، حتى أرشد الله منهم من أرشد وتبعهم رغباً ورهباً من تبع . قوله عز وجل : { أَفَعِيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هَمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } أما اللبس فهو اكتساب الشك ، ومنه قول الخنساء : @ صدق مقالته واحذر عداوته والبس عليه بشك مثل ما لبسا @@ والخلق الجديد هو إعادة خلق ثان بعد الخلق الأول . وفي معنى الكلام تأويلان : أحدهما : أفعجزنا عن إهلاك الخلق الأول ، يعني من تقدم ذكره حين كذبوا رسلي مع قوتهم ، حتى تشكوا في إهلاكنا لكم مع ضعفكم إن كذبتم ، فيكون هذا خارجاً منه مخرج الوعيد . الثاني : معناه أننا لم نعجز عن إنشاء الخلق الأول ، فكيف تشكون في إنشاء خلق جديد ، يعني بالبعث بعد الموت ، فيكون هذا خارجاً مخرج البرهان والدليل .