Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 16-22)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } الوسوسة كثرة حديث النفس بما لا يتحصل في حفاء وإسرار ، ومنه قول رؤبة : @ وسوس يدعو مخلصاً رب الفلق … @@ { وَنَحْنُ أَقْرَبٌ إِلَيهِ مِن حَبْلِ الْوَرِيدِ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه حبل معلق به القلب ، قاله الحسن . والأصم وهو الوتين . الثاني : أنه عرق في الحلق ، قاله أبو عبيدة . الثالث : ما قاله ابن عباس ، عرق العنق ويسمى حبل العاتق ، وهما وريدان عن يمين وشمال ، وسمي وريداً ، لأنه العرق الذي ينصب إليه ما يرد من الرأس . وفي قوله { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِن حَبْلِ الْوَرِيدِ } تأويلان : أحدهما : ونحن أقرب إليه من حبل وريده الذي هو منه . الثاني : ونحن أملك به من حبل وريده ، مع استيلائه عليه . ويحتمل ثالثاً : ونحن أعلم بما توسوس به نفسه من حبل وريده ، الذي هو من نفسه ، لأنه عرق يخالط القلب ، فعلم الرب أقرب إليه من علم القلب . قوله عز وجل : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ … } الآية . قال الحسن ومجاهد وقتادة : المتلقيان ملكان يتلقيان عملك ، أحدهما عن يمينك ، يكتب حسناتك ، والآخر عن شمالك يكتب سيئاتك . قال الحسن : حتى إذا مت طويت صحيفة عملك وقيل لك يوم القيامة : { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك . وفي { قَعِيدٌ } وجهان : أحدهما : أنه القاعدة ، قاله المفضل . الثاني : المرصد الحافظ ، قاله مجاهد . وهو مأخوذ من القعود . قال الحسن : الحفظة أربعة : ملكان بالنهار وملكان بالليل . قوله عز وجل : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ } أي ما يتكلم بشيء ، مأخوذ من لفظ الطعام ، وهو إخراجه من الفم . { إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه المتتبع للأمور . الثاني : أنه الحافظ ، قاله السدي . الثالث : أنه الشاهد ، قاله الضحاك . وفي { عَتِيدٌ } وجهان : أحدهما : أنه الحاضر الذي لا يغيب . الثاني : أنه الحافظ المعد إما للحفظ وإما للشهادة . قوله عز وجل : { وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } يحتمل وجهين : أحدهما : ما يراه عند المعاينة من ظهور الحق فيما كان الله قد أوعده . الثاني : أن يكون الحق هو الموت ، سمي حقاً ، إما لاسحقاقه ، وإما لانتقاله إلى دار الحق . فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير . وتقديره : وجاءت سكرة الحق بالموت ، ووجدتها في قراءة ابن مسعود كذلك . { ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } يحتمل وجهين : أحدهما : أنه كان يحيد من الموت ، فجاءه الموت . الثاني : أنه يحيد من الحق ، فجاءه الحق عند المعاينة . وفي معنى التحيد وجهان : أحدهما : أنه الفرار ، قاله الضحاك . ( الثاني ) : العدول ، قاله السدي . ومنه قول الشاعر : @ ولقد قلت حين لم يك عنه لي ولا للرجال عنه محيد @@ فروى عاصم بن أبي بهدلة ، عن أبي وائل ، أن عائشة قالت عند أبيها وهو يقضي : @ لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوماً ، وضاق بها الصدر @@ فقال أبو بكر : " هلا قلت كما قال الله ] : وَجَآءَتْ سَكْرَتُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ . قوله عز وجل : { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } أما السائق ففيه قولان : أحدهما : أنه ملك يسوقه إلى المحشر ، قاله أبو هريرة وابن زيد . الثاني : أنه أمر من الله يسوقه إلى موضع الحساب ، قاله الضحاك . وأما الشهيد ففيه أربعة أقاويل : أحدها : أنه ملك يشهد عليه بعمله ، وهذا قول عثمان بن عفان والحسن . الثاني : أنه الإنسان ، يشهد على نفسه بعمله ، رواه أبو صالح . الثالث : أنها الأيدي والأرجل تشهد عليه بعمله بنفسه ، قاله أبو هريرة . ثم في الآية قولان : أحدهما : أنها عامة في المسلم والكافر ، وهو قول الجمهور . الثاني : أنها خاصة في الكافر ، قاله الضحاك . قوله عز وجل : { لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّن هَذَا } فيه وجهان : أحدهما أنه الكافر ، كان في غفلة من عواقب كفره ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه النبي صلى الله عليه وسلم ، كان في غفلة عن الرسالة مع قريش في جاهليتهم ، قاله عبد الرحمن بن زيد . ويحتمل ثالثاً : لقد كنت أيها الإنسان في غفلة عن أن كل نفس معها سائق وشهيد لأن هذا لا يعرف إلا بالنصوص الإلهية . { فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ } فيه أربعة أوجه : أحدها : أنه إذا كان في بطن أمه فولد ، قاله السدي . الثاني : إذا كان في القبر فنشر ، وهذا معنى قول ابن عباس . الثالث : أنه وقت العرض في القيامة ، قاله مجاهد . الرابع : أنه نزول الوحي وتحمل الرسالة ، وهذا معنى قول ابن زيد . { فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } وفي المراد بالبصر هنا وجهان : أحدهما : بصيرة القلب لأنه يبصر بها من شواهد الأفكار ، ونتائج الاعتبار ما تبصر العين ما قابلها من قبلها من الأشخاص والأجسام ، فعلى هذا في قوله : { حَدِيدٌ } تأويلان : أحدهما : سريع كسرعة مور الحديد . الثاني : صحيح كصحة قطع الحديد . الوجه الثاني : أن المراد به بصر العين وهو الظاهر ، فعلى هذا في قوله : { حَدِيدٌ } تأويلان : أحدهما : شديد ، قاله الضحاك . الثاني : بصير ، قاله ابن عباس . وماذا يدرك البصر ؟ فيه خمسة أوجه : أحدها : يعاين الآخرة ، قاله قتادة . الثاني : لسان الميزان ، قاله الضحاك . الثالث : ما يصير إليه من ثواب أو عقاب ، وهو معنى قول ابن عباس . الرابع : ما أمر به من طاعة وحذره من معصية ، وهو معنى قول ابن زيد . الخامس : العمل الذي كان يعمله في الدنيا ، قاله الحسن .