Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 13-26)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنهم الجماعة ، ومنه قول الشاعر : @ ولست ذليلاً في العشيرة كلها تحاول منها ثلة لا يسودها @@ الثاني : الشطر وهو النصف ، قاله الضحاك . الثالث : أنها الفئة ، قاله أبو عبيدة ، ومنه قول دريد بن الصمة : @ ذريني أسير في البلاد لعلني ألاقي لبشر ثلة من محارب @@ وفي قوله تعالى : { مِّنَ الأَوََّلِينَ } قولان : أحدهما : أنهم أَصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله أبو بكرة . الثاني : أنهم قوم نوح ، قاله الحسن . { وَقَلِيلٌ مِّنَ الأَخرِينَ } فيه قولان : أحدهما : أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله الحسن . الثاني : أنهم الذين تقدم إسلامهم قبل أن يتكاملوا ، روى أبو هريرة أنه لما نزلت { ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الأخِرِينَ } شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت { ثلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مَّنَ الأخِرِينَ } فقال عليه السلام : " إِنِّي لأرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بَلْ ثُلُتَ أَهْلِ الجَنَّةِ بَلْ أَنتُم نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَتُقَاسِمُونَهُم فِي النِّصْفِ الثَّانِي " . { عَلَى سُرُرٍ مَّوضُونَةٍ } يعني الأسرة ، واحدها سرير ، سميت بذلك لأنها مجلس السرور . وفي الموضونة أربعة أوجه : أحدها : أنها الموصولة بالذهب ، قاله ابن عباس . الثاني : أنها المشبكة النسج ، قاله الضحاك ، ومنه قول لبيد : @ إن يفزعوا فسرا مع موضونة والبيض تبرق كالكواكب لامها @@ الثالث : أنها المضفورة ، قاله أبو حرزة يعقوب بن مجاهد ، ومنه وضين الناقة وهو البطان العريض المضفور من السيور . الرابع : أنها المسندة بعضها إلى بعض . { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } الولدان : جمع وليد وهم الوصفاء . وفي قوله تعالى : { مُّخَلَّدُونَ } قولان : أحدهما : [ مسورون ] بالأسورة ، [ مقرطون ] بالأقراط ، قاله الفراء ، قال الشاعر : @ ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن أقاوز الكثبان @@ الثاني : أنهم الباقون على صغرهم لا يموتون ولا يتغيرون ، قاله الحسن ، ومنه قول امرىء القيس : @ وهل ينعمن إلا سعيد مخلد قليل الهموم ما يبيت بأوجال @@ ويحتمل ثالثاً : أنهم الباقون معهم لا يبصرون عليهم ولا ينصرفون عنهم بخلافهم في الدنيا . { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ } فيهما قولان : أحدهما : أن الأكواب : التي ليس لها عُرى ، قاله الضحاك . الثاني : أن الأكواب : مدورة الأفواه ، والأباريق : التي يغترف بها ، قاله قتادة ، قال الشاعر : @ فعدوا عليّ بقرقف ينصب من أكوابها @@ { وَكَأَسٍ مِّن مَّعِينٍ } والكأس اسم للإناء إذا كان فيه شراب ، والمعين الجاري من ماء أو خمر ، غير أن المراد به في هذا الموضوع الخمر ، وصف الخمر بأنه الجاري من عينه بغير عصر كالماء المعين . { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : معناه لا يمنعون منها ، قاله أبو حرزة يعقوب بن مجاهد . الثاني : لا يفرّقون عنها ، حكاه ابن قتيبة ، واستشهد عليه بقول الراجز : @ صد عنه فانصدع . @@ الثالث : لا ينالهم من شربها وجع الرأس وهو الصداع ، قاله ابن جبير ، وقتادة ، ومجاهد ، والسدي . وفي قوله تعالى : { وَلاَ يُنزِفُونَ } أربعة أوجه : أحدها : لا تنزف عقولهم فيسكرون ، قاله ابن زيد ، وقتادة . الثاني : لا يملون ، قاله عكرمة . الثالث : لا يتقيئون ، قاله يحيى بن وثاب . الرابع : وهو تأويل من قرأ بكسر الزاي لا يفنى خمرهم ، ومنه قول الأبيرد : @ لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم لبئس الندامى أنتم آل أبجرا @@ وروى الضحاك عن ابن عباس قال : في الخمر أربع خصال : السكر ، والصداع ، والقيء ، والبول ، وقد ذكر الله خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال . { وَحُورٌ عِينٌ } والحور البيض سمين لبياضهن ، وفي العين وجهان : أحدهما : أنهن كبار الأعين ، كما قال الشاعر : @ إذا كبرت عيون من النساء ومن غير النساء فهن عين @@ الثاني : أنهن اللاتي سواد أعينهن حالك ، وبياض أعينهن نقي ، كما قال الشاعر : @ إذا ما العين كان بها احورار علامتها البياض على السواد @@ { كَأَمْثَالِ اللؤْلُؤِ الْمَكْنُُونِ } فيه وجهان : أحدهما : في نضارتها وصفاء ألوانها . الثاني : أنهن كأمثال اللؤلؤ في تشاكل أجسادهن في الحسن من جميع جوانبهن ، كما قال الشاعر : @ كأنما خلقت في قشر لؤلؤة فكل أكنافها وجه لمرصاد @@ { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : لا يسمعون في الجنة باطلاً ولا كذباً ، قاله ابن عباس . الثاني : لا يسمعون فيها خُلفاً ، أي لا يتخالفون عليها كما يتخالفون في الدنيا ، ولا يأثمون بشربها ، كما يأثمون في الدنيا ، قاله الضحاك . الثالث : لا يسمعون فيها شتماً ولا مأثماً ، قاله مجاهد . يحتمل رابعاً : لا يسمعون مانعاً لهم منها ، ولا مشنعاً لهم على شربها . { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : لكن يسمعون قولاً ساراً وكلاماً حسناً . الثاني : لكن يتداعون بالسلام على حسن الأدب وكريم الأخلاق . الثالث : يعني قولاً يؤدي إلى السلامة . ويحتمل رابعاً : أن يقال لهم هنيئاً .