Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 74-79)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ ءَازَرَ … } فيه ثلاثة أقاويل : أحدهما : أن آزر اسم أبيه ، قاله الحسن ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق ، قال محمد : كان رجلاً من أهل كوتى قرية من سواد الكوفة . والثاني : أن آزر اسم صنم ، وكان اسم أبيه تارح ، قال مجاهد . والثالث : أنه ليس باسم ، وإنما هو صفة سب بعيب ، ومعناه معوج ، كأنه عابه باعوجاجه عن الحق ، قاله الفراء . فإن قيل : فكيف يصح من إبراهيم - وهو نبي - سبَّ أباه ؟ قيل : لأنه سبّه بتضييعه حق الله تعالى ، وحق الوالد يسقط في تضييع حق الله . قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } ذلك وذاك وذا : إشارات ، إلا أن ذا لما قَرُبَ ، وذلك لما بَعُد ، وذاك لتفخيم شأن ما بَعُدَ . وفي المراد بملكوت السموات والأرض خمسة أوجه : أحدها : أنه خلق السموات والأرض ، قاله ابن عباس . والثاني : مُلْك السموات والأرض . واختلف من قال بهذا فيه على وجهين : أحدهما : أن الملكوت هو المُلْك بالنبطية ، قاله مجاهد . والثاني : أنه المُلْك بالعربية ، يقال مُلْك وملكوت كما يقال رهبة ورهبوت ، ورحمة ورحموت ، والعرب تقول : رهبوت خير من رحموت ، أي أن نُرْهَب خير من أن نُرْحَم ، قاله الأخفش . والثالث : معناه آيات السموات والأرض ، قاله مقاتل . والرابع : هو الشمس والقمر والنجوم ، قاله الضحاك . والخامس : أن ملكوت السماوات : القمر ، والنجوم ، والشمس ، وملكوت الأرض : الجبال ، والشجر ، والبحار ، قاله قتادة . { وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } يحتمل وجهين : أحدهما : من الموقنين لوحدانية الله تعالى وقدرته . والثاني : من الموقنين نبوته وصحة رسالته . قوله عز وجل : { فَلمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيلُ رَءَا كَوْكَباً } قال مجاهد : ذكر لنا أنه رأى الزهرة طلعت عشاءً . { قَالَ هَذَا رَبِّي } ومعنى جَنَّ عليه الليل ، أي ستره ، ولذلك سمي البستان جَنَة لأن الشجر يسترها ، والجِنُّ لاستتارهم عن العيون ، والجُنُون لأنه يستر العقل ، والجَنِين لأنه مستور في البطن ، والمِجَنّ لأنه يستر المتترس ، قال الهذلي : @ وماء وردت قيل الكرى وقد جنه السدف الأدهم @@ وفي قوله تعالى : { هَذَا رَبِّي } خمسة أقاويل : أحدها : أنه قال : هذا ربي في ظني ، لأنه في حال تقليب واستدلال . والثاني : أنه قال ذلك اعتقاداً أنه ربه ، قاله ابن عباس . والثالث : أنه قال ذلك في حال الطفولية والصغر ، لأن أمه ولدته في مغارة حذراً عليه من نمرود ، فلما خرج عنه قال هذا القول قبل قيام الحجة عليه ، لأنها حال لا يصح فيها كفر ولا إيمان ، ولا يجوز أن يكون قال ذلك بعد البلوغ . والرابع : أنه لم يقل ذلك قول معتقد ، وإنما قاله على وجه الإِنكار لعبادة الأصنام ، فإذا كان الكوكب والشمس القمر وما لم تصنعه يد ولا عَمِلَه بشر لم تكن معبودة لزوالها ، فالأصنام التي هي دونها أولى ألاّ تكون معبودة . والخامس : أنه قال ذلك توبيخاً على وجه الإِنكار الذي يكون معه ألف الاستفهام وتقديره : أهذا ربي ، كما قال الشاعر : @ رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع فقلت وأنكرت الوجه هم هم @@ بمعنى أهم هم ؟ { فَلَمَّا أَفَلَ } أي غاب ، قال ذو الرمة : @ مصابيح ليست باللواتي يقودها نجوم ولا بالآفلات الدوالك @@ { قَالَ لاَ أُحِبُّ الأفِلِينَ } يعني حُبَّ رَبٍّ معبود ، وإلا فلا حرج في محبتهم غير حب الرب . { فَلمَّا رَءَا الْقَمَرَ بَازِغاً } أي طالعاً ، وكذلك بزغت الشمس أي طلعت . فإن قيل : فَلِمَ كان أفولها دليلاً على أنه لا يجوز عبادتها وقد عبدها مع العلم بأفولها خلق من العقلاء ؟ قيل لأن تغيرها بالأفول دليل على أنها مُدَبَّرة محدثة ، وما كان بهذه الصفة استحال أن يكون إلهاً معبوداً .