Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 13-22)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مُتّكِئينَ فيها على الأرائِك } وفيها مع ما قدّمناه من تفسيرها قولان : أحدهما : أنها الأسرّة ، قاله ابن عباس . الثاني : أنها كل ما يتكأ عليه ، قاله الزجاج . { لا يَرَوْنَ فيها شمْساً ولا زَمْهَريراً } أما المراد بالشمس ففيه وجهان : أحدهما : أنهم في ضياء مستديم لا يحتاجون فيه إلى ضياء ، فيكون عدم الشمس مبالغة في وصف الضياء . الثاني : أنهم لا يرون فيها شمساً فيتأذون بحرها ، فيكون عدمها نفياً لأذاها . وفي الزمهرير ثلاثة أوجه : أحدها : أنه البرد الشديد ، قال عكرمة لأنهم لا يرون في الجنة حراً ولا برداً . الثاني : أنه لون في العذاب ، قاله ابن مسعود . الثالث : أنه من هذا الموضع القمر ، قاله ثعلب وأنشد : @ وليلةٍ ظلامُها قد اعتكَرْ قطْعتها والزمهريرُ ما ظَهَرْ @@ وروي ما زهر ، ومعناه أنهم في ضياء مستديم لا ليل فيه ولا نهار ، لأن ضوء النهار بالشمس ، وضوء الليل بالقمر . { … وذُلِّلّتْ قُطوفُها تذْليلاً } فيه وجهان : أحدهما : أنه لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد ، قاله قتادة . الثاني : أنه إذا قام ارتفعت ، وإذا قعد نزلت ، قاله مجاهد . ويحتمل ثالثاً : أن يكون تذليل قطوفها أن تبرز لهم من أكمامها وتخلص من نواها . { … وأَكْوابٍ كانت قَواريرَا * قواريرَا من فِضّةٍ } أما الأكواب فقد ذكرنا ما هي من جملة الأواني . وفي قوله تعالى : " قوارير من فضة " وجهان : أحدهما : أنها من فضة من صفاء القوارير ، قاله الشعبي . الثاني : أنها من قوارير في بياض الفضة ، قاله أبو صالح . وقال ابن عباس : قوارير كل أرض من تربتها ، وأرض الجنة الفضة فلذلك كانت قواريرها فضة . { قَدَّرُوها تقْديراً } فيه خمسة أقاويل : أحدها : أنهم قدروها في أنفسهم فجاءت على ما قدروها ، قاله الحسن . الثاني : على قدر ملء الكف ، قاله الضحاك . الثالث : على مقدار لا تزيد فتفيض ، ولا تنقص فتغيض ، قاله مجاهد . الرابع : على قدر ريهم وكفايتهم ، لأنه ألذ وأشهى ، قاله الكلبي . الخامس : قدرت لهم وقدروا لها سواء ، قاله الشعبي . { ويُسْقَونَ فيها كأساً كان مِزاجُها زَنْجبيلاً } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : تمزج بالزنجبيل ، وهو مما تستطيبه العرب لأنه يحذو اللسان ويهضم المأكول ، قاله السدي وابن أبي نجيح . الثاني : أن الزنجبيل اسم للعين التي فيها مزاج شراب الأبرار ، قاله مجاهد . الثالث : أن الزنجبيل طعم من طعوم الخمر يعقب الشرب منه لذة ، حكاه ابن شجرة ، ومنه قول الشاعر : @ وكأن طعْمَ الزنجبيلِ به اذْ ذُقْتُه وسُلافَةَ الخمْرِ @@ { عْيناً فيها تُسَمّى سَلْسَبيلاً } فيه ستة أقاويل : أحدها : أنه اسم لها ، قاله عكرمة . الثاني : معناه سلْ سبيلاً إليها ، قاله علّي رضي الله عنه . الثالث : يعني سلسلة السبيل ، قاله مجاهد . الرابع : سلسلة يصرفونها حيث شاءوا ، قاله قتادة . الخامس : أنها تنسلّ في حلوقهم انسلالاً ، قاله ابن عباس . السادس : أنها الحديدة الجري ، قاله مجاهد أيضاً ، ومنه قول حسان بن ثابت : @ يَسْقُون من وَرَدَ البريصَ عليهم كأساً تُصَفِّقُ بالرحيق السِّلْسَل @@ وقال مقاتل : إنما سميت السلسبيل لأنها تنسل عليهم في مجالسهم وغرفهم وطرقهم . { ويَطوفُ عليهم وِلْدانٌ مُخَلّدونَ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : مخلدون لا يموتون ، قاله قتادة . الثاني : صغار لا يكبرون وشبابٌ لا يهرمون ، قاله الضحاك والحسن . الثالث : أي مُسَوَّرون ، قاله ابن عباس ، قال الشاعر : @ ومُخَلّداتٍ باللُّجَيْنِ كأنما أعْجازُهنّ أقاوزُ الكُثْبانِ . @@ { إذا رَأَيْتَهم حَسِبْتَهم لُؤْلُؤاً مَنْثوراً } فيه قولان : أحدها : أنهم مشبهون باللؤلؤ المنثور لكثرتهم ، قاله قتادة . الثاني : لصفاء ألوانهم وحسن منظرهم وهو معنى قول سفيان . { وإذا رأَيْتَ ثمَّ } يعني الجنة . { رأَيْتَ نَعيماً } فيه وجهان : أحدهما : يريد كثرة النعمة . الثاني : كثرة النعيم . { ومُلْكاً كبيراً } فيه وجهان : أحدهما : لسعته وكثرته . الثاني : لاستئذان الملائكة عليهم وتحيتهم بالسلام . ويحتمل ثالثاً : أنهم لا يريدون شيئاً إلا قدروا عليه . { وسقاهم ربُّهم شَراباً طَهوراً } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه وصفه بذلك لأنهم لا يبولون منه ولا يُحْدِثون عنه ، قاله عطية ، قال إبراهيم التميمي : هو عَرَق يفيض من أعضائهم مثل ريح المسك . الثاني : لأن خمر الجنة طاهرة ، وخمر الدنيا نجسة ، فلذلك وصفه الله تعالى بالطهور ، قاله ابن شجرة . الثالث : أن أنهار الجنة ليس فيها نجس كما يكون في أنهار الدنيا وأرضها حكاه ابن عيسى .