Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 4-12)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إن الإبرار يَشْربونَ } في الأبرار قولان : أحدهما : أنهم الصادقون ، قاله الكلبي . الثاني : المطيعون ، قاله مقاتل . وفيما سُمّوا أبراراً ثلاثة أقاويل : أحدها : سمّوا بذلك لأنهم برّوا الآباء والأبناء ، قاله ابن عمر . الثاني : لأنهم كفوا الأذى ، قاله الحسن . الثالث : لأنهم يؤدون حق الله ويوفون بالنذر ، قاله قتادة . وقوله { مِن كأسٍ } يعني الخمر ، قال الضحاك : كل كأس في القرآن فإنما عنى به الخمر . وفي وقوله { كان مِزاجها كافوراً } قولان : أحدهما : أن كافوراً عين في الجنة اسمها كافور ، قاله الكلبي . الثاني : أنه الكافور من الطيب فعلى هذا في المقصود منه في مزاج الكأس به ثلاثة أقاويل : أحدها : برده ، قال الحسن : ببرد الكافور وطعم الزنجبيل . الثاني : بريحه ، قاله قتادة : مزج بالكافور وختم بالمسك . الثالث : طعمه ، قال السدي : كأن طعمه طعم الكافور . { عَينْاً يَشْرَبُ بها عبادُ اللَّهِ } يعني أولياء اللَّه ، لأن الكافر لا يشرب منها شيئاً وإن كان من عباد الله ، وفيه وجهان : أحدهما : ينتفع بها عباد الله ، قاله الفراء . الثاني : يشربها عباد الله . قال مقاتل : هي التسنيم ، وهي أشرف شراب لاجنة ، يشرب بها المقربون صِرفاً ، وتمزج لسائر أهل الجنة بالخمر واللبن والعسل . { يُفَجِّرونَها تفْجيراً } فيه وجهان : أحدهما : يقودونها إلى حيث شاءوا من الجنة ، قاله مجاهد . الثاني : يمزجونها بما شاءوا ، قاله مقاتل . ويحتمل وجهاً ثالثاً : أن يستخرجوه من حيث شاءوا من الجنة . وفي قوله " تفجيراً " وجهان : أحدهما : أنه مصدر قصد به التكثير . الثاني : أنهم يفجرونه من تلك العيون عيوناً لتكون أمتع وأوسع . { يُوفُونَ بالنّذْرِ } فيه أربعة أوجه : أحدها : يوفون بما افترض الله عليهم من عبادته ، قاله قتادة . الثاني : يوفون بما عقدوه على أنفسهم من حق الله ، قاله مجاهد . الثالث : يوفون بالعهد لمن عاهدوه ، قاله الكلبي . الرابع : يوفون بالإيمان إذا حلفوا بها ، قاله مقاتل . ويحتمل خامساً : أنهم يوفون بما أُنذِروا به من وعيده . { ويَخافون يوْماً كان شَرُّه مُسْتَطيراً } قال الكلبي عذاب يوم كان شره مستطيراً ، وفيه وجهان : أحدهما : فاشياً ، قاله ابن عباس والأخفش . الثاني : ممتداً ، قاله الفراء ، ومنه قول الأعشى : @ فبانتْ وقد أَوْرَثَتْ في الفؤادِ صَدْعاً على نأيها مُستطيرا @@ أي ممتداً . ويحتمل وجهاً ثالثاً يعني سريعاً . { ويُطْعمونَ الطعامَ على حُبِّهِ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : على حب الطعام ، قاله مقاتل . الثاني : على شهوته ، قاله الكلبي . الثالث : على قلته ، قاله قطرب . { مسكيناً ويتيماً وأسيراً } في الأسير ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه المسجون المسلم ، قاله مجاهد . الثاني : أنه العبد ، قاله عكرمة . الثالث : أسير المشركين ، قاله الحسن وسعيد بن جبير . قال سعيد بن جبير : ثم نسخ أسير المشركين بالسيف ، وقال غيره بل هو ثابت الحكم في الأسير بإطعامه ، إلا أن يرى الإمام قتله . ويحتمل وجهاً رابعاً : أن يريد بالأسير الناقص العقل ، لأنه في أسر خبله وجنونه ، وإن أسر المشركين انتقام يقف على رأي الإمام وهذا بر وإحسان . { إنّما نُطْعِمُكم لوجْهِ اللهِ } قال مجاهد : إنهم لم يقولوا ذلك ، لكن علمه الله منهم فأثنى عليهم ليرغب في ذلك راغب . { لا نُريدُ منكم جزاءً ولا شُكوراً } جزاء بالفعال ، وشكوراً بالمقال وقيل إن هذه الآية نزلت فيمن تكفل بأسرى بدر ، وهم سبعة من المهاجرين أبو بكر وعمر وعلي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعيد وأبو عبيدة . { إنّا نخافُ من ربِّنا يوماً عَبوساً قمْطريراً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن العبوس الذي يعبس الوجوه من شره ، والقمطرير الشديد ، قاله ابن زيد . الثاني : أن العبوس الضيق ، والقمطرير الطويل ، قاله ابن عباس ، قال الشاعر : @ شديداً عبوساً قمطريراً تخالهُ تزول الضحى فيه قرون المناكب . @@ الثالث : أن العُبوس بالشفتين ، والقمطرير بالجبهة والحاجبين ، فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم ، قاله مجاهد ، وأنشد ابن الأعرابي : @ يَغْدو على الصّيْدِ يَعودُ مُنكَسِرْ ويَقْمَطُّر ساعةً ويكْفَهِرّ . @@ { فَوَقاهمُ الله شَرَّ ذلك اليومِ ولَقّاهُمْ نَضْرةً وسُروراً } قال الحسن النضرة من الوجوه ، والسرور في القلوب . وفي النضرة ثلاثة أوجه : أحدها : أنها البياض والنقاء ، قاله الضحاك . الثاني : أنها الحسن والبهاء ، قاله ابن جبير . الثالث : أنها أثر النعمة ، قاله ابن زيد . { وجَزاهم بما صَبروا } يحتمل وجهين : أحدهما : بما صبروا على طاعة الله . الثاني : بما صبروا على الوفاء بالنذر . { جَنَّةً وحريراً } فيه وجهان : أحدهما : جنة يسكنونها ، وحريراً يلبسونه . الثاني : أن الجنة المأوى ، والحرير أبد العيش في الجنة ، ومنه لبس الحرير ليلبسون من لذة العيش . واختلف فيمن نزلت هذه الآية على قولين : أحدهما : ما حكاه الضحاك عن جابر أنها نزلت في مطعم بن ورقاء الأنصاري نذر نذراً فوفاه . الثاني : ما حكاه عمرو عن الحسن أنها نزلت في علي وفاطمة … رضي الله عنهما - وذلك أن علياً وفاطمة نذرا صوماً فقضياه ، وخبزت فاطمة ثلاثة أقراص من شعير ليفطر علّي على أحدها وتفطر هي على الآخر ، ويأكل الحسن والحسين الثالث ، فسألها مسكين فتصدقت عليه بأحدها ، ثم سألها يتيم فتصدقت عيله بالآخر ، ثم سألها أسير فتصدقت عليه بالثالث ، وباتوا طاوين .