Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 80, Ayat: 17-32)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُتِلَ الإنسانُ ما أكْفَرَه } في " قتل " وجهان : أحدهما : عُذِّب . الثاني : لعن . وفي " الإنسان " ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه إشارة إلى كل كافر ، قاله مجاهد . الثاني : أنه أمية بن خلف ، قاله الضحاك . الثالث : أنه عتبة بن أبي لهب حين قال : إني كفرت برب النجم إذا هوى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللَّهم سلّطْ عليه كلبك " فأخذه الأسد في طريق الشام ، قاله ابن جريج والكلبي . وفي " ما أكْفَرَه " ثلاثة أوجه : أحدها : أن " ما " تعجب ، وعادة العرب إذا تعجبوا من شيء قالوا قاتله الله ما أحسنه ، وأخزاه الله ما أظلمه ، والمعنى : أعجبوا من كفر الإنسان لجميع ما ذكرنا بعد هذا . الثاني : أي شيء أكفره ، على وجه الاستفهام ، قاله السدي ويحيى بن سلام . الثالث : ما ألعنه ، قاله قتادة . { ثم السبيلَ يَسّرَهُ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : خروجه من بطن أمه ، قاله عكرمة والضحاك . الثاني : سبيل السعادة والشقاوة ، قاله مجاهد . الثالث : سبيل الهدى والضلالة ، قاله الحسن . ويحتمل رابعاً : سبيل منافعه ومضاره . { ثُمَّ أَماتَهُ فأَقْبَرَهُ } فيه قولان : أحدهما : جعله ذا قبر يدفن فيه ، قاله الطبري ، قال الأعشى : @ لو أسْنَدَتْ مَيْتاً إلى نَحْرِها عاشَ ولم يُنْقلْ إلى قابر @@ الثاني : جعل من يقبره ويواريه ، قاله يحيى بن سلام . { ثُمَّ إذا شاءَ أَنشَرَهُ } يعني أحياه ، قال الأعشى : @ حتى يقولَ الناسُ مما رأوْا يا عجباً للميّت الناشِرِ @@ { كلاّ لّما يَقْضِ ما أَمَرَهُ } فيه قولان : أحدهما : أنه الكافر لم يفعل ما أمر به من الطاعة والإيمان ، قاله يحيى بن سلام . الثاني : أنه على العموم في المسلم والكافر ، قال مجاهد : لا يقضي أحد أبداً ما افترض عليه ، وكلاّ ها هنا لتكرير النفي وهي موضوعة للرد . ويحتمل وجه حمله على العموم أن الكافر لا يقضيه عمراً ، والمؤمن لا يقضيه شهراً . { فَلْيَنظُرِ الإنسانُ إلى طَعامِه } فيه وجهان : أحدهما : إلى طعامه الذي يأكله وتحيا نفسه به ، من أي شيء كان ، قاله يحيى . الثاني : ما يخرج منه أي شيء كان ؟ ثم كيف صار بعد حفظ الحياة وموت الجسد . قال الحسن : إن ملكاً يثني رقبة ابن آدم إذا جلس على الخلاء لينظر ما يخرج منه . ويحتمل إغراؤه بالنظر إلى وجهين : أحدهما : ليعلم أنه محل الأقذار فلا يطغى . الثاني : ليستدل على استحالة الأجسام فلا ينسى . { أنّا صَبَبْنا الماءَ صبّاً } يعني المطر . { ثم شَقَقْنا الأرضَ شقّاً } يعني بالنبات . { فَأَنْبَتْنَا فيها حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً } والقضب : القت والعلق سمي بذلك لقضبه بعد ظهوره . { وزَيْتوناً ونخْلاً * وحدائقَ غُلْباً } فيه قولان : أحدهما : نخلاً كراماً ، قاله الحسن . الثاني : الشجر الطوال الغلاظ ، قال الكلبي : الْغلب الغِلاط ، قال الفرزدق : @ عَوَى فأَثارَ أغْلَبَ ضَيْغَميّاً فَوَيْلَ ابنِ المراغةِ ما استثار @@ وفي " الحدائق " ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها ما التف واجتمع ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه نبت الشجر كله . الثالث : أنه ما أحيط عليه من النخل والشجر ، وما لم يحط عليه فليس بحديقة حكاه أبو صالح . ويحتمل قولاً رابعاً : أن الحدائق ما تكامل شجرها واختلف ثمرها حتى عم خيرها . ويحتمل الغُلْب أن يكون ما غلبت عليه ولم تغلب فكان هيناً . { وفاكهةً وأبّاً } فيه خمسة أقاويل : أحدها : أن الأبّ ما ترعاه البهائم ، قاله ابن عباس : وما يأكله الآدميون الحصيدة ، قال الشاعر في مدح النبي صلى الله عليه وسلم : @ له دعوة ميمونة ريحها الصبا بها يُنْبِتُ الله الحصيدة والأَبّا @@ الثاني : أنه كل شيء ينبت على وجه الأرض ، قاله الضحاك . الثالث : أنه كل نبات سوى الفاكهة ، وهذا ظاهر قول الكلبي . الرابع : أنه الثمار الرطبة ، قاله ابن أبي طلحة . الخامس : أنه التبن خاصة ، وهو يحكي عن ابن عباس أيضاً ، قال الشاعر : @ فما لَهم مَرْتعٌ للسّوا م والأبُّ عندهم يُقْدَرُ @@ ووجدت لبعض المتأخرين سادساً : أن رطب الثمار هو الفاكهة ، ويابسها الأبّ . ويحتمل سابعاً : أن الأبّ ما أخلف مثل أصله كالحبوب ، والفاكهة ما لم يخلف مثل أصله من الشجر . روي أن عمر بن الخطاب قرأ { عبس وتولّى } فلما بلغ إلى قوله تعالى : { وفاكهة وأبّا } قال : قد عرفنا الفاكهة ، فما الأبّ ؟ ثم قال : لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا هو التكلف وألقى العصا من يده . وهذا مثل ضربه الله تعالى لبعث الموتى من قبورهم فهم كنبات الزرع بعد دثوره ، وتضمن امتناناً عليهم بما أنعم .