Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 40-40)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ } يعني إلا تنصروا أيها الناس النبي صلى الله عليه وسلم بالنفير معه وذلك حين استنفرهم إلى تبوك فتقاعدوا فقد نصره الله . { إِذْ أَخَرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني من مكة ولم يكن معه من يحامي عنه ويمنع منه إلا الله تعالى ، ليعلمهم بذلك أن نصره نبيه ليس بهم فيضره انقطاعهم وقعودهم ، وإنما هو من قبل الله تعالى فلم يضره قعودهم عنه . وفي قوله { فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ } وجهان : أحدهما : بإرشاده إلى الهجرة حتى أغناه عن معونتهم . والثاني : بما تكفل به من إمداده بملائكته . { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } أي أحد اثنين ، وللعرب في هذ مذهب أن تقول خامس خمسة أي أحد خمسة . { إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر حين خرجا من مكة دخلا غاراً في جبل ثور ليخفيا على من خرج من قريش في طلبهم . والغار عمق في الجبل يدخل إليه . قال مجاهد : مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار مع أبي بكر ثلاثاً . قال الحسن : جعل الله على باب الغار ثمامة وهي شجرة صغيرة ، وقال غيره : ألهمت العنكبوت فنسجت على باب الغار . وذهب بعض المتعمقة في غوامض المعاني إلى أن قوله تعالى { إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ } أي في غيرة على ما كانوا يرونه من ظهور الكفر فغار على دين ربه . وهو خلاف ما عليه الجمهور . { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبهِ لاَ تَحْزَنْ } يريد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لصاحبة أبي بكر " لا تَحْزَنْ " فاحتمل قوله ذلك له وجهين : أحدهما : أن يكون تبشيراً لأبي بكر بالنصر من غير أن يظهر منه حزن . والثاني : أن يكون قد ظهر منه حزن فقال له ذلك تخفيفاً وتسلية . وليس الحزن خوفاً وإنما هو تألم القلب بما تخيله من ضعف الدين بعد الرسول فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا " أي ناصرنا على أعدائنا . { … فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ } فيها قولان : أحدهما : على النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله الزجاج . والثاني : على أبي بكر لأن الله قد أعلم نبيه بالنصر . وفي السكينة أربعة أقاويل : أحدها : أنها الرحمة ، قاله ابن عباس . والثاني : أنها الطمأنينة ، قاله الضحاك . والثالث : الوقار ، قاله قتادة . والرابع : أنها شيء يسكن الله به قلوبهم ، قاله الحسن وعطاء . { وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا } فيه وجهان : أحدهما : بالملائكة . والثاني : بالثقة بوعده واليقين بنصره . وفي تأييده وجهان : أحدهما : إخفاء أثره في الغار حين طلب . والثاني : المنع من التعرض له حين هاجر . { وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ الْسُّفْلَى } يحتمل وجهين : أحدهما : بانقطاع الحجة . والثاني : جعل كلمة الذين كفروا السفلى بذُلّ الخوف ، وكلمة الله هي العليا بعز الظفر . { وَكَلِمَةُ اللهِ هيَ العُلْيَا } بظهور الحجة .