Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 12-15)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً } ، إلى الصحراء ، { يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ } ، قرأ أبو عمرو ، وابن عامر ، بالنون فيهما وجزم العين في « نرتع » ، وقرأ أهل الكوفة بالياء فيهما وجزم العين من « يرتع » يعني يوسف ، وقرأ يعقوب : « نرتع » بالنون « ويلعب » بالياء . والرتع هو الاتساع في الملاذ . يقال : رتع فلان في ماله إذا أنفقه في شهواته ، يريد ونتنعم ونأكل ونشرب ونلهو وننشط . وقرأ أهل الحجاز : { يرتع } بكسر العين ، وهو يفتعل من الرعي . ثم ابن كثير قرأ بالنون فيهما أي : نتحارس ويحفظ بعضُنا بعضاً . وقرأ أبو جعفر ونافع بالياء إخباراً عن يوسف ، أي : يرعى الماشية كما نرعى نحن . { وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ } . { قَالَ } لهم يعقوب ، { إِنِّى لَيَحْزُنُنِىۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ } ، أي : يحزنني ذهابكم به ، والحزن هاهنا : ألم القلب بفراق المحبوب ، { وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَـٰفِلُونَ } ، وذلك أن يعقوب كان رأى في المنام كأن ذئباً شدّ على يوسف ، فكان يخاف من ذلك ، فمن ثم قال : هذه المقالة . { قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } ، عشرة ، { إِنَّآ إِذاً لَّخَـٰسِرُونَ } ، عجزة ضعفاء . { فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُوۤاْ } ، أي : عزموا ، { أَن يَجْعَلُوهُ } ، يلقوه ، { فِى غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ } ، هذه الواو زائدة ، تقديره : أوحينا إليه ، كقوله تعالى : { فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ } [ الصافات : 103 ] أي : ناديناه ، { لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } ، أي : أوحينا إلى يوسف عليه السلام لتصدقنّ رؤياك ولتخبرنّ إخوتك بصنيعهم هذا وهم لا يشعرون بوحي الله وإعلامه إيّاه ذلك ، قاله مجاهد . وقيل : معناه : وهم لا يشعرون يوم تخبرهم أنك يوسف ، وذلك حين دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون . وذكر وَهْبٌ وغيره : أنهم أخذوا يوسف عليه السلام بغاية الإِكرام وجعلوا يحملونه ، فلما برزوا إلى البرية ألقوه وجعلوا ضربونه فإذا ضربه واحد منهم استغاث بالآخر فضربه الآخر ، فجعل لا يرى منهم رحيماً فضربوه حتى كادوا يقتلونه وهو يصيح يا أبتاه لو تعلم ما يصنع بابنك بنو الإِماء ، فلما كادوا أن يقتلوه قال لهم يهوذا : أليس قد أعطيتموني موثقاً أن لا تقتلوه ، فانطلقوا به إلى الجُبِّ ليطرحوه فيه ، وكان ابن اثنتي عشرة سنة - وقيل : ثمانية عشرة سنة فجاؤا به إلى بئر على غير الطريق واسعة الأسفل ضيقة الرأس . قال مُقاتل : على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب عليه السلام . وقال كعب : بين مدين ومصر . وقال وهب بأرض الأردن . وقال قتادة : هي بئر بيت المقدس فجعلوا يدلونه في البئر فيتعلق بشفير البئر فربطوا يديه ونزعوا قميصه فقال : يا إخوتاه رُدّوا عليّ القميص أتوارى به في الجب ، فقالوا : ادعُ الشمسَ والقمرَ والكواكِبَ تواريك ، قال : إني لم أرَ شيئاً ، فألقوه فيها . وقيل : جعلوه في دلو وأرسلوه فيها حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت فكان في الئر ماء فسقط فيه ، ثم أوى إلى صخرة فيها فقام عليها . إنهم لمّا ألقوه فيها جعل يبكي فنادوه فظن أن رحمةً أدركتهم فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه ، فمنعهم يهوذا وكان يهوذا يأتيه بالطعام ، وبقي فيها ثلاثَ ليالٍ . { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا } . الأكثرون على أن الله تعالى أوحى إليه بهذا وبعث إليه جبريل عليه السلام يؤنسه ويبشره بالخروج ، ويخبره أنه ينبئهم بما فعلوه ويجازيهم عليه وهم لا يشعرون . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ثم إنهم ذبحوا سخلة وجعلوا دمها على قميص يوسف عليه السلام .