Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 30-31)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى ٱلْمَدِينَةِ } الآية . يقول : شاع أمرُ يوسف والمرأة في المدينة مدينة مصر . وقيل : مدينة عين الشمس ، وتحدث النساء بذلك وقلن - وهنّ خمس نسوة : امرأة حاجب الملك ، وامرأة صاحب الدواب ، وامرأة الخباز ، وامرأة الساقي ، وامرأة صاحب السجن ، قاله مقاتل . وقيل : هنّ نسوة من أشراف مصر ـ : { ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَـٰهَا } ، أي : عبدها الكنعاني ، { عَن نَّفْسِهِ } ، أي : تطلب من عبدها الفاحشة ، { قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً } ، أي : عَلِقَها حباً . قال الكلبي : حجب حبُّه قلبَها حتى لا تعقل سواه . وقيل : أحبَّتْهُ حتى دخلها حبه شغاف قلبها ، أي : داخل قلبها . قال السدي : الشغاف جلدة رقيقة على القلب ، يقول : دخل الحبُّ الجلدَ حتى أصاب القلب . وقرأ الشعبي والأعرج : { شَغَفَهَا } بالعين غير المعجمة ، معناه : ذهب الحُبُّ بها كلَّ مذهب . ومنه شعف الجبال وهو رؤوسها . { إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } ، أي : خطأ ظاهر . وقيل : معناه إنها تركت ما يكون على أمثالها من العفاف والستر . { فَلَمَّا سَمِعَتْ } ، راعيل ، { بِمَكْرِهِنَّ } ، بقولهن وحديثهن ، قاله قتادة والسدي . وقال ابن إسحاق إنما قلن ذلك مكراً بها لِتُرِيَهُنَّ يوسف ، وكان يوصف لهنّ حسنُه وجماله . وقيل : إنها أفشت إليهنّ سرَّها واستكتمتهن فأفشَيْنَ ذلك ، فلذلك سماه مكراً . { أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ } ، قال وهب : اتخذت مأدبة ، ودعت أربعين امرأة ، منهن هؤلاء اللاتي عَيَّرْنَها . { وَأَعْتَدَتْ } ، أي : أعدت ، { لَهُنَّ مُتَّكَئاً } ، أي : ما يتكأ عليه . وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة ومجاهد : متكأ أي : طعاماً ، سماه متكأً لأن أهل الطعام إذا جلسوا يتكؤون على الوسائد ، فسمّي الطعام متكأ على الاستعارة . يقال : اتكأنا عند فلان أي : طعمنا . ويقال : المتكأ ما اتّكأت عليه للشرب أو الحديث أو الطعام ، ويقرأ في الشواذ مَتْكَأ بسكون التاء . واختلفوا في معناه : فقال ابن عباس : هو الأترج . ويروى عن مجاهد مثله . وقيل : هو الأترج بالحبشة . وقال الضحاك : هو الرباورد . وقال عكرمة : هو كل شيء يقطع بالسكين . وقال أبو زيد الأنصاري : كل ما يجز بالسكين فهو عند العرب متك ، والمتك والبتك بالميم والباء : القطع ، فزينت المأدبة بألوان الفواكهة والأطعمة ، ووضعت الوسائد ودعت النّسوة . { وَءَاتَتْ } : وأعطت ، { كُلَّ وَاحِدَةٍ مَّنْهُنَّ سِكِّيناً } ، فكن يأكلنَ اللحم حزّاً بالسكين . { وَقَالَتْ } ، ليوسف ، { ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } ، وذلك أنها كانت أجلسته في مجلس آخر ، فخرج عليهن يوسف . قال عكرمة : كان فضل يوسف على الناس في الحسن كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم . ورُوي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيتُ ليلةَ أُسريَ بي إلى السماء يوسفَ كالقمر ليلة البدر " قال إسحاق بن أبي فروة : كان يوسف إذا سار في أزقة مصر يرى تلألأ وجهه على الجدران . { فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ } ، أعظمنه ، قال أبو العالية : هالَهُنّ أمرُه وبُهتنَ . وقيل : أكبرنَه أي : حضن لأجله من جماله . ولا يصح . { وَقَطَّعْنَ } ، أي : حززن بالسكاكين التي معهن ، { أَيْدِيَهُنَّ } ، وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج ، ولم يجدن الألم لشغل قلوبهن بيوسف . قال مجاهد : فما أحسسن إلا بالدم . وقال قتادة أَبَنَّ أيديهنّ حتى ألقينها . والأصح أنه كان قطعاً بلا إبانة . وقال وهب : ماتت جماعة منهن . { وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً } ، أي : معاذا الله أن يكون هذا بشراً . قرأ أبو عمرو : حاشى لله ، بإثبات الياء في الوصل ، وقرأ الآخرون بحذف الياء لكثرة ورودها على الألسن ، واتباعاً للكتاب . وقوله : { مَا هَـٰذَا بَشَراً } نصب بنزع حرف الصفة ، أي : ليس هذا ببشر ، { إِنْ هَـٰذَآ } ، أي : ما هذا ، { إِلاَّ مَلَكٌ } ، من الملائكة ، { كَرِيمٌ } ، على الله تعالى .