Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 59-60)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَتَوَارَىٰ } أي : يختفي ، { مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِ } ، من الحزن والعار ، ثم يتفكر : { أَيُمْسِكُهُ } ، ذكر الكناية رداً على « ما » { عَلَىٰ هُونٍ } أي : هَوانٍ ، { أَمْ يَدُسُّهُ فِى ٱلتُّرَابِ } ، أي : يخفيه منه ، فيئده . وذلك : أن مضر وخزاعة وتميماً كانوا يدفنون البنات أحياء ، خوفاً من الفقر عليهم ، وطمع غير الأكفاء فيهن ، وكان الرجل من العرب إذا ولدت له بنت وأراد أن يستحييها : ألبسها جُبَّةً من صوف أو شعر ، وتركها ترعى له الإِبل والغنم في البادية ، وإذا أراد أن يقتلها : تركها حتى إذا صارت سداسية ، قال لأمها : زيِّنيها حتى أذهب بها إلى أحمائها ، وقد حفر لها بئر في الصحراء ، فإذا بلغ بها البئر قال لها : انظري إلى هذه البئر ، فيدفعها من خلفها في البئر ، ثم يهيل على رأسها التراب حتى يستوي البئر بالأرض ، فذلك قوله عزّ وجلّ : { أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى ٱلتُّرَابِ } . وكان صعصعة عمُّ الفرزدق إذا أحسَّ بشيء من ذلك وجّه إلى والد البنت إبلاً يحييها بذلك ، فقال الفرزدق يفتخر به . @ وَعَمِّي الذي مَنَعَ الوَائِدَاتْ فأحيا الوَئِيْدَ فلم تُوْأَدِ @@ { أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } ، بئس ما يقضون لله البنات ولأنفسهم البنين ، نظيره : { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنثَىٰ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } [ النجم : 21 ، 22 ] ، وقيل : بئس حكمهم وأد البنات . { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } ، يعني : لهؤلاء الذين يصفون لله البنات ولأنفسهم البنينَ { مَثَلُ ٱلسَّوْءِ } ، صفة السوء من الاحتياج إلى الولد ، وكراهية الإِناث ، وقتلهن خوف الفقر ، { وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } ، الصفة العليا وهي التوحيد وأنه لا إله إلا هو . وقيل : جميع صفات الجلال والكمال ، من العلم ، والقدرة ، والبقاء ، وغيرها من الصفات . قال ابن عباس : " مثل السوء " : النار ، " والمَثَل الأعلى " : شهادة أن لا إله إلا الله . { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } .