Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 61-61)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالىٰ : { وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلى طَعَامٍ وَاحِدٍ } وذلك أنهم أجمعوا وسئموا من أكل المنِّ والسلوى ، وإنما قال { عَلَىٰ طَعَامٍ وَٰحِدٍ } وهما اثنان لأن العرب تعبر عن الاثنين بلفظ الواحد كما تعبّر عن الواحد بلفظ الاثنين ، كقوله تعالىٰ { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ الرحمٰن : 22 ] وإنما يخرج من المالح دون العذب وقيل : كانوا يأكلون أحدهما بالآخر فكانا كطعام واحد . وقال عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم : كانوا يعجنون المن بالسلوى فيصيران واحداً { فَٱدْعُ لَنَا } فاسأل لأجلنا { رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا } قال ابن عباس : الفوم الخبز ، وقال عطاء ، الحنطة وقال القتيبي رحمه الله تعالىٰ : الحبوب التي تؤكل كلها وقال الكلبي : { وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ } لهم موسى عليه السلام : { أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِى هُوَ أَدْنَىٰ } أخسُّ وأردى { بِٱلَّذِى هُوَ خَيْرٌ } أشرف وأفضل وجعل الحنطة أدنى في القيمة وإن كان هو خيراً من المن والسلوى ، أو أراد أنها أسهل وجوداً على العادة ، ويجوز أن يكون الخير راجعاً إلى اختيار الله لهم واختيارهم لأنفسهم { ٱهْبِطُواْ مِصْرًا } يعني : فإن أبيتم إلا ذلك فانزلوا مصراً من الأمصار ، وقال الضحاك : هو مصر موسى وفرعون ، والأول أصح ، لأنه لو أراده لم يصرفه { فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ } من نبات الأرض { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ } جعلت عليهم وألُزموا { ٱلذِّلَّةُ } الذل والهوان قيل : الجزية ، وقال عطاء بن السائب : هو الكستيج والزنار وزي اليهودية { وَٱلْمَسْكَنَةُ } الفقر ، سمي الفقير مسكيناً لأن الفقر أسكنه وأقعده عن الحركة ، فترى اليهود وإن كانوا مياسير كأنهم فقراء ، وقيل : الذلة هي فقر القلب فلا ترى في أهل الملل أذلَّ وأحرص على المال من اليهود . { وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ } رجعوا ولا يقال : « باؤوا إلا بشرٍ » وقال أبو عبيدة : احتملوا وأقروا به ، ومنه الدعاء : أبوء ( لك ) بنعمتك علي وأبوء بذنبي ، أي : أُقرُّ { ذَٰلِكَ } أي الغضب { بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ } بصفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم في التوراة ويكفرون بالانجيل والقرآن { وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ } تفرد نافع بهمز النبي وبابه ، فيكون معناه المخبر من أنبأ ينبىء ونبأ ينبىء ، والقراءة المعروفة ترك الهمزة ، وله وجهان : أحدهما هو أيضاً من الإِنباء ، تركت الهمزة فيه تخفيفاً لكثرة الاستعمال ، والثاني هو بمعنى الرفيع مأخوذ من النبَّوة وهي المكان المرتفع ، فعلى هذا يكون النبيين على الأصل { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } أي : بلا جرم فإن قيل : فلم قال : بغير الحق وقتل النبيين لا يكون إلا بغير الحق ؟ قيل : ذكره وصفاً للقتل ، والقتل تارة يوصف بالحق وهو مثل قوله تعالىٰ : { قالَ رَبِّ ٱحْكُم بالحَقِّ } [ الأنبياء : 112 ] ذكر الحق وصفاً للحكم لا أن حكمه ينقسم إلى الجور والحق ، ويروى أن اليهود قتلت سبعين نبياً في أول النهار وقامت إلى سوق بقتلهم في آخر النهار { ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } يتجاوزون أمري ويرتكبون محارمي .