Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 84-86)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل { وإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ } أي لا تريقون دماءكم أي : لا يسفك بعضكم دم بعض ، وقيل : لا تسفكوا دماء غيركم فتسفك دماؤكم ، فكأنكم سفكتم دماء أنفسكم ، { وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ } أي لا يُخْرِجُ بعضكم بعضاً من داره ، وقيل : لا تسيئوا جوار من جاوركم فتلجؤوهم إلى الخروج بسوء جواركم { ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ } بهذا العهد أنه حق وقَبِلْتُم { وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ } اليوم على ذلك يا معشر اليهود وتقرون بالقبول . قوله عز وجل { ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاَءِ } يعني : يا هؤلاء ، وهؤلاء للتنبيه { تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ } أي يقتل بعضكم بعضاً { وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَـارِهِمْ تَظَـاهَرُونَ علَيْهِم } بتشديد الظاء أي تتظاهرون ، أدغمت التاء في الظاء ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بتخفيف الظاء فحذفوا تاء التفاعل وأبقوا تاء الخطاب كقوله تعالى : « وَلاَ تَعَاوَنُواْ » معناهما جميعاً : تتعاونون ، والظهير : العون ، { بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } المعصية والظلم { وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَـارَى } ، وقرأ حمزة : أسرى ، وهما جمع أسير ، ومعناهما واحد { تُفدُوهُمْ } بالمال وتنقذوهم وقرأ أهل المدينة وعاصم والكسائي ويعقوب ( تفادوهم ) أي تبادلوهم أراد : مفاداة الأسير بالأسير ، وقيل : معنى القراءتين واحد . ومعنى الآية ، قال السدي : إن الله تعالى أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن لا يقتل بعضهم بعضاً ، ولا يخرج بعضهم بعضاً من ديارهم ، وأيما عبد أو أمة وجدتموه من بني إسرائيل فاشتروه بما قام من ثمنه وأعتقوه ، فكانت قريظة حلفاء الأوس ، والنضير حلفاء الخزرج ، وكان يقتتلون في حرب سمير ؟ فيقاتل بنو قريظة وحلفاؤهم وبنو النضير وحلفاؤهم وإذا غلبوا أخربوا ديارهم وأخرجوهم منها ، وإذا أسر رجل من الفريقين جمعوا له حتى يفدوه وإن كان الأسير من عدوهم ، فتعيرهم العرب وتقول : كيف تقاتلونهم وتفدونهم قالوا : إنا أمرنا أن نفديهم فيقولون : فلم تقاتلوهم ؟ قالوا : إنا نستحي أن يستذل حلفاؤنا ، فعَيَّرهم الله تعالى بذلك فقال : { ثُمَّ أَنتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ } وفي الآية تقديم وتأخير ونظمها ( وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإِثم والعدوان ) { وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ } وإن يأتوكم أسارى تفادوهم ، فكأن الله تعالى أخذ عليهم أربعة عهود : ترك القتال ، وترك الاخراج ، وترك المظاهرة عليهم مع أعدائهم ، وفداء أسراهم ، فأعرضوا عن الكل إلا الفداء . قال الله تعالى { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَـابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } قال مجاهد : يقول إن وجدته في يد غيرك فديته وأنت تقتله بيدك { فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذلِكَ مِنكُمْ } يا معشر اليهود { إِلاَّ خِزْىٌ } عذاب وهوان { فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فكان خزي قريظة القتل والسبي وخزي النضير الجلاء والنفي من منازلهم إلى أذرعات وأريحاء من الشام { وَيَوْمَ الْقِيَـامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ } وهو عذاب النار { وَمَا اللَّهُ بِغَـافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } قرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر بالياء ، والباقون بالتاء قوله عز وجل : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ } استبدلوا { الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالأَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ } يهون { عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } يمنعون من عذاب الله عز وجل .