Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 29-29)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ } ، التفث : الوسخ والقذارة من طول الشعر والأظفار والشَّعَث ، تقول العرب لمن تستقذره : ما أتفثك : أي : أوسخك . والحاج أشعث أغبر ، لم يحلق شعره ولم يقلم ظفره ، فقضاء التفث : إزالة هذه الأشياء ليقضوا تفثهم ، أي : ليزيلوا أدرانهم ، والمراد منه الخروج عن الإِحرام بالحلق ، وقص الشارب ، ونتف الإِبط ، والاستحداد ، وقلم الأظفار ، ولبس الثياب . قال ابن عمر وابن عباس : " قضاء التفث " : مناسك الحج كلها . وقال مجاهد : هو مناسك الحج ، وأخذ الشارب ، ونتف الإِبط ، وحلق العانة ، وقلم الأظفار . وقيل : التفث هاهنا رمي الجمار . قال الزجاج : لا نعرف التفث ومعناه إلا من القرآن . قوله تعالى : { وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } ، قال مجاهد : أراد نذر الحج والهدي وما ينذر الإِنسان من شيء يكون في الحج أي : ليتموها بقضائها . وقيل : المراد منه الوفاء بما نذر على ظاهره . وقيل : أراد به الخروج . عما وجب عليه نذر أو لم ينذر . والعرب تقول لكل من خرج عن الواجب عليه وَفّى بنذره . وقرأ عاصم برواية أبي بكر " ولْيوَفُّوا " بنصب الواو وتشديد الفاء . { وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } ، أراد به الطواف الواجب عليه وهو طواف الإِفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق . والطواف ثلاثة : طواف القدوم ، وهو أن من قدم مكة يطوف بالبيت سبعاً يرمل ثلاثاً من الحجر الأسود إلى أن ينتهي إليه ويمشي أربعاً ، وهذا الطواف سنة لا شيء على من تركه . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أحمد هو ابو عيسى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن محمد بن عبد الرحمن ابن نوفل القرشي أنه سأل عروة بن الزبير فقال : قد حج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتني عائشة أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت ثم لم يكن عمرة ، ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن عمرة ، ثم عمر مثل ذلك ، ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت . أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا أنس بن عياض ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم يسعى ثلاثة أطواف ويمشي أربعاً ، ثم يصلي سجدتين ، ثم يطوف بين الصفا والمروة سبعاً " . والطواف الثاني : هو طواف الإِفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق ، وهو واجب لا يحصل التحلل من الإِحرام ما لم يأتِ به . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عمر بن حفص ، حدثنا أبي ، أخبرنا الأعمش ، أخبرنا إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : " حاضت صفية ليلة النفر فقالت : ما أراني إلا حابستكم قال النبي صلى الله عليه وسلم : « عَقري حلقى أطافت يوم النحر ؟ قيل : نعم ، قال : فانفري » " فثبت بهذا أنّ من لم يطف يوم النحر طواف الإِفاضة لا يجوز له أن ينفر . والطواف الثالث : هو طواف الوداع لا رخصة فيه لمن أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر أن يفارقها حتى يطوف بالبيت سبعاً ، فمن تركه فعليه دم إلا المرأة الحائض يجوز لها ترك طواف الوداع . أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن طاووس عن ابن عباس ، قال : أُمر الناس أن يكون آخرَ عهدهم الطواف بالبيت إلا أنه رُخِّصَ للمرأة الحائض . والرَّمَل مختص بطواف القدوم ، ولا رمل في طواف الإِفاضة والوداع . قوله : { بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } اختلفوا في معنى " العتيق " : قال ابن عباس ، وابن الزبير ومجاهد وقتادة : سمي عتيقاً لأن الله أعتقه من أيدي الجبابرة أن يصلوا إلى تخريبه ، فلم يظهر عليه جبار قط . قال سفيان بن عُيَيْنَة : سمي عتيقاً لأنه لم يُملك قطُّ ، وقال الحسن وابن زيد : سُمي به لأنه قديم وهو أول بيت وضع للناس ، يقال : دينار عتيق أي قديم ، وقيل : سمي عتيقاً لأن الله أعتقه من الغرق ، فإنه رُفع أيام الطوفان .