Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 97-101)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ } ، أي : أمتنعُ وأعتصمُ بك ، { مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّيـٰطِينِ } ، قال ابن عباس : نزغاتهم . وقال الحسن : وساوسهم . وقال مجاهد : نفخهم ونفثهم . وقال أهل المعاني : دفعهم بالإِغواء إلى المعاصي ، وأصل الهمزة شدة الدفع . { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } ، في شيء من أموري ، وإنما ذكر الحضور لأن الشيطان إذا حضره يوسوسه . ثم أخبر أن هؤلاء الكفار الذين ينكرون البعث يسألون الرجعة إلى الدنيا عند معاينة الموت ، فقال : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } ، ولم يقل ارجعني ، وهو يسأل الله وحده الرجعة ، على عادة العرب فإنهم يخاطبون الواحد بلفظ الجمع على وجه التعظيم ، كما أخبر الله تعالى عن نفسه فقال : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَٰفِظُونَ } [ الحجر : 9 ] ، ومثله كثير في القرآن . وقيل : هذا الخطاب مع الملائكة الذين يقبضون روحه ابتداء بخطاب الله لأنهم استغاثوا بالله أولاً ثم رجعوا إلى مسألة الملائكة الرجوع إلى الدنيا . قوله تعالى : { لَعَلِّىۤ أَعْمَلُ صَـٰلِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } ، أي : ضيّعتُ أن أقولَ لا إله إلا الله . وقيل : أعمل بطاعة الله . قال قتادة : ما تمنى أن يرجع إلى أهله وعشيرته ولا ليجمع الدنيا ويقضي الشهوات ، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله ، فرحم الله امرءاً عمل فيما يتمناه الكافر إذا رأى العذاب ، { كَلاَّ } ، كلمة ردع وزجر ، أي : لا يرجع إليها ، { إِنَّهَا } يعني : سؤاله الرجعة ، { كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا } ، ولا ينالها ، { وَمِن وَرَآئِهِم بَرْزَخٌ } ، أي أمامهم وبين أيديهم حاجز ، { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } ، والبرزخ الحاجز بين الشيئين ، واختلفوا في معناه هاهنا ، فقال مجاهد : حجاب بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا . وقال قتادة : بقية الدنيا . وقال الضحاك : البرزخ ما بين الموت إلى البعث . وقيل : هو القبر ، وهم فيه إلى يوم يبعثون . { فَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَـابَ بَيْنَهُمْ } ، اختلفوا في هذه النفخة ، فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنها النفخة الأولى { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } [ الزمر : 68 ] { فَلاَ أَنسَـابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } ، { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } [ الزمر : 68 ] { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [ الصافات : 27 ] . وعن ابن مسعود : أنها النفخة الثانية ، قال : يؤخذ بيد العبدِ والأَمَةِ يوم القيامة فيُنصبُ على رؤوس الأولين والآخرين ثم ينادي منادٍ : هذا فلان ابن فلان ، فمن كان له قِبَله حق فليأت إلى حقه ، فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده وولده وزوجته أو أخيه فيأخذ منه ، ثم قرأ ابن مسعود " فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون " . وفي رواية عطاء عن ابن عباس . أنها الثانية فلا أنساب بينهم أي : لا يتفاخرون بالأنساب يومئذٍ كما كانوا يتفاخرون في الدنيا ، ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا : مَنْ أنت ومن أي قبيلة أنت ؟ ولم يرد أن الأنساب تنقطع . فإن قيل : أليس قد جاء في الحديث " كل سبب ونسب ينقطع إلا نسبي وسببي " قيل : معناه لا يبقىٰ يوم القيامة كل سبب ولا نسب إلا نسبه وسببه ، وهو الإِيمان والقرآن . فإن قيل : قد قال هاهنا { وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } وقال في موضع آخر : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [ الصافات : 27 ] ؟ . الجواب : ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن للقيامة أحوالاً ومواطن ، ففي موطن يشتد عليهم الخوف ، فيشغلهم عِظمُ الأمرِ عن التساؤل فلا يتساءلون ، وفي موطن يفيقون إفاقةً فيتساءلون .