Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 57-60)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ } ، خوّفهم بالموت لِيُهوِّن عليهم الهجرة ، أي : كل واحد ميت أينما كان فلا تقيموا بدار الشرك خوفاً من الموت ، { ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } ، فنجزيكم بأعمالكم ، وقرأ أبو بكر : « يرجعون » بالياء . { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ } ، قرأ حمزة ، والكسائي : بالثاء ساكنة من غير همز ، يقال : ثوى الرجل إذا أقام وأثويته : إذا أنزلته منزلاً يقيم فيه . وقرأ الآخرون بالباء وفتحها وتشديد الواو وهمزة بعدها ، أي : لننزلنّهم ، { مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً } ، علالي ، { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ } . { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } ، على الشدائد ولم يتركوا دينهم لشدةٍ لحقتهم ، { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } يعتمدون . { وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } , وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمؤمنين الذين كانوا بمكة وقد آذاهم المشركون : « هاجروا إلى المدينة » ، فقالوا : كيف نخرج إلى المدينة وليس لنا بها دار ولا مال ، فمن يطعمنا بها ويسقينا ؟ فأنزل الله : { وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ } ذات حاجة إلى غذاء ، { لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } ، أي : لا ترفع رزقها معها ولا تدخر شيئاً لغد مثل البهائم والطير ، { ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ } ، حيث كنتم ، { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } ، السميع لأقوالكم : لا نجد ما ننفق بالمدينة ، العليم بما في قلوبكم . وقال سفيان عن علي بن الأقمر : « وكأيّن من دابةّ لا تحمل رزقها » ، قال : لا تدخر شيئاً لغد . قال سفيان : وليس شيء من خلق الله يخبأ إلا الإِنسان والفأرة والنملة . أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد الثقفي ، أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الدقاق ، أخبرنا محمد بن عبد العزيز ، أخبرنا إسماعيل بن زرارة الرقي ، أخبرنا أبو العطوف الجراح بن منهال ، عن الزهري ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عمر قال : " دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطاً من حوائط الأنصار ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقط الرطب بيده ويأكل ، فقال كلْ يا ابن عمر ، قلت : لا أشتهيها يا رسول الله ، قال : لكني أشتهيه ، وهذه صبح رابعة منذ لم أطعم طعاماً ولم أجده ، فقلت إنا لله ، الله المستعان ، قال : يا ابن عمر لو سألتُ ربي لأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر أضعافاً مضاعفة ، ولكن أجوع يوماً وأشبع يوماً فكيف بك يا ابن عمر إذا عمّرت وبقيت في حثالة من الناس يخبئون رزق سنة ويضعف اليقين " ، فنزلت هذه الآية : { وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو محمد الحسين بن أحمد المخلدي ، أخبرنا أبو العباس السراج ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، أخبرنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : كان لا يدخر شيئاً لغد . وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو أنكم تتوكّلون على الله حقّ توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " . أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك المظفري ، أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الفضل الفقيه ، أخبرنا أبو نصر بن حمدويه المطوعي ، أخبرنا أبو الموجه محمد بن عمرو ، أخبرنا عبدان ، عن أبي حمزة ، عن إسماعيل هو ابن أبي خالد ، عن رجلين أحدهما زبيد اليامي ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أيها الناس ليس من شيء يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به ، وليس شيء يقربكم إلى النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه ، وإن الروح الأمين قد نفث في رُوْعِي أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفَي رزقها ، فاتقوا الله وأَجْمِلُوا في الطلب ، ولا يحملنَّكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله ، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته " . وقال هشيم عن إسماعيل عن زبيد عمن أخبره عن ابن مسعود .